أمين بازارجي – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
لقد مضى أكثر من شهر على الصراع الدّائر في بلدة كوباني السوريّة ولم تستطع قوّات التّحالف إبعاد تنظيم الدّولة الاسلامية من هذه البلدة.
يقاتل تنظيم (PYD) الذي يعتبر امتداداً لتنظيم (PKK) لوحده في كوباني. فهم الآن بأمسّ الحاجة للمساعدة العسكريّة. لأنّهم لم يستطيعوا صدّ هجوم تنظيم داعش على البلدة الكرديّة.
وخلال هذه الفترة رأينا تناقضاً كبيراً داخل تنظيم (PYD). فتراهم يستنجدون بالعالم لإنقاذهم من خطر تنظيم الدّولة الإسلامية. ومن جهة أخرى تراهم يمتنعون عن استقبال المقاتلين الأجانب في هذه البلدة. لأن هذا التنظيم لا يريد أن يخسر الصّراع الدّائر بين الأكراد والمتمثّل في فرض السيطرة على مناطق تواجدهم. حيث أنّه من المعروف للعيان أنّ الفئات الكرديّة تتنافس فيما بينها لفرض نفوذها على المناطق الخاضعة تحت سيطرتها. ولا تريد أي فئة من هذه الفئات التّفريط بمناطقها.
لندخل الان في تفاصيل هذه الحقيقة قليلا.
في الأونة الآخيرة حدثت خلافات بين تنظيم (PYD) الذي فرض سيطرته على بعض المناطق السوريّة والقيادة الكرديّة في إقليم كردستان العراق. فمنذ بداية الأحداث في سوريا، كان تنظيم (PYD) يشكّك في نوايا البرزاني. وكانوا يتّهمونه بمحاولة السيطرة على مناطق نفوذهم. وقد ساهمت الخلافات العميقة بين البرزاني وتنظيم (PKK) في زيادة الخلاف بينالخلاف بين إقليم كردستان العراق وتنظيم (PYD).
من جهة أخرى نجد أن تنظيم (PYD) يربطه بحزب اتحاد محبّي كردستان (KYB) علاقات وطيدة. والسّبب الرئيسي في هذا التّقارب يعود الى العلاقات الودّيّة بين هذا الحزب الذي ظلّ بعيداً عن الأضواء وتنظيم ( PKK). ونستنتج ممّا سبق أن تنظيم (PYD) وحزب اتحاد محبّي كردستان يشتركان في العداء للبرزاني وجيشه.
بالتّزامن مع هذه الأحداث، قامت الحكومة التركيّة بفتح معبر للبشمركة عبر الأراضي التركيّة من أجل العبور إلى بلدة كوباني السوريّة. وما إن أقدمت تركيّا على هذه الخطوة، حتّى جنّ جنون تنظيم (PYD). فقد بدؤوا بإطلاق التّصريحات المندّدة بالحكومة التركيّة وقالوا بأنّهم لا يحتاجون عناصر تقاتل إلى جانبهم. بل يحتاجون إلى الأسلحة لوقف مدّ تنظيم الدولة الإسلامية.
كما أعلنوا بأنّهم يمتلكون العدد الكافي من الشّباب لقتال تنظيم داعش لكنّهم بحاجة إلى المزيد من الأسلحة لكي يستطيعوا تسليح العناصر المتوفّرة لديهم.
كل هذه الأحداث والمؤشّرات تدلّ على أنّ نداءات الاستغاثة وما شابه ذلك من ادعاءات تنظيم (PYD) لا تعبّر عن الغاية الحقيقيّة لهذا التنظيم. والمسألة الحقيقيّة تكمن في عدم إمكانيّة التّفاهم بين الأكراد على تقاسم مناطق نفوذهم. فعناصر تنظيم (PYD) لا يرغبون بدخول أحد إلى بلدة كوباني. فهم يخشون التفريط بالمناطق التي يسيطرون عليها. بينما تحاول قيادة إقليم كردستان أن تبعث برسالة إلى الرّأي العام الكردي مفادها أنّهم هم من يحمون الأكراد في هذه المناطق. ومع استمرار هذه الخلافات يستمرّ موت الأكراد في منطقة كوباني نتيجة هجمات تنظيم داعش.
الوضع الكردي في الطّرف السّوري والعراقي على هذه الحالة. بينما في الطّرف التركي. فوضعهم لا يختلف كثيراً عمّا هو عليه في الطّرف السّوري والعراقي. ففي الطّرف التركي يحاول كل من حزب الشّعوب الديمقراطية وتنظيم (PKK) أن يظهروا أنفسهم بأنّهم القوة الوحيدة في القسم الجنوبي والشّرقي للحدود التّركيّة وأنّهم هم المسؤولون عن حماية الأكراد في هذه المناطق.
إنّ قيادات حزب الشّعوب الديمقراطية يكيلون بمكيالين. فهم يدعون الشّعب الى النزول للشوارع من جهة. ومن جهة أخرى يدلون بتصريحات مناقضة لأفعالهم على شاشات التلفزة.
أمّا الشّعب الكردي
في ظلّ كل هذه الخلافات بين قيادات الأكراد العسكريّة والسياسيّة، يظلّ الشّعب الكردي أسير تخبّطاتهم وأخطائهم. فهذه القيادات لا ترى الشّعب الكردي سوى آلة تستخدمها لتحقيق مآربها السياسيّة والعسكريّة. فالشّعب الكردي هو من يموت نتيجة هجمات تنظيم الدّولة على كوباني. وكذلك الأمر بالنسبة للذين ماتوا خلال المظاهرات التي جرت مؤخّرا في تركيا.
والأغرب من هذا كله. أنّ غالبيّة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الذين يهاجمون بلدة كوباني هم من الأكراد. ويقال بأنّ قائد العمليّات العسكريّة لتنظيم داعش في كوباني كرديّ الأصل. إننا نرى الأن بأنّ الأكراد يقاتلون بعضهم البعض.
لا أدري إلى ماذا ستؤول الأمور في الجانب السّوري والعراقي. لكنني أعلم أن غالبيّة الشّعب التركي يرى كل هذه المؤامرات التي تحاك ضدّ الدّولة التركيّة. وما قاله رئيس الوزراء بالأمس عن مسألة كوباني صحيح. وكلامه ناتج عن تحليل دقيق وممحّص.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس