برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
وافق البرلمان الأوروبي على اقتراحات تجميد المفاوضات مع تركيا، متحجّجاً بحالة الطوارئ التي فرضتها تركيا بعيد محاولة الانقلاب التي تعرضت لها.
هذا القرار ليس ملزماً بالنسبة إلى قادات الدول الأعضاء, إنما إرادتهم حاسمة. ذلك يعني أن ما ورد خلال تصريح المستشارة الألمانية "ميركل" في مجلس البرلمان الأوروبي, عندما قالت: "لا نريد إنهاء الحوار مع أنقرة" , يشير إلى عدم تأييد الدول الأعضاء لقرار تجميد المفاوضات مع تركيا حالياً. وأقول حالياً, لأن القضايا الأكثر صعوبة وإثارة ستكون في مرحلة إعادة القبول الخاص باللاجئين ورفع التأشيرة عن المواطنين الأتراك في نهاية هذا العام.
نستطيع سرد عدة أسباب لشرح الأزمة التي تعاني منها تركيا في الاتحاد الأوروبي، مثل الأزمة الاقتصادية التي عاشتها تركيا عام 2008, وصعود حزب اليمين المتطرف خوفاً من زيادة نسبة المهاجرين, والاضطرابات التي عانت منها تركيا بسبب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في السنوات الثلاثة الأخيرة. والسبب الأخير, استخدام تطبيق حالة الطوارئ ضمن حملة أنشأتها أوروبا ضد تركيا.
سئمت أنقرة من ترك "بروكسيل" لها وحيدة ضمن حملة مكافحة الإرهاب. كما وصف الرئيس أردوغان التصويت في البرلمان الأوروبي بقوله "لا قيمة له" مستخدما العبارات التالية:
"مجرد مساهمة البرلمان الأوروبي في هذا التصويت, يعني أن الاتحاد يساعد ويساهم في امتداد جناح التنظيم الإرهابي. لا يمكن لأحد أن يدرك مدى عظمة التضحيات التي قدّمها الشعب التركي ليلة 15 يوليو/تموز من أجل الاستقلال والديمقراطية.
السبب الحقيقي لوصول العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى هذه النقطة يكمن ضمن المعادلة الكلية, وردود أفعال السياسة الدولية المتمركزة في الغرب بالنسبة إلى الزلزال الإقليمي والجيوسياسي الذي تسببت به الثورات العربية.
أدت سياسات أمريكا والاتحاد الأوروبي القصيرة النظر إلى التخلي عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركهما للأنظمة الاستبدادية والإرهاب والهجرة والحروب الأهلية والمذهبية. تواجه تركيا العديد من التجارب والصعوبات منذ عام 2013. تُركت تركيا وحيدة في المعركة ضد داعش وبي كي كي والتنظيم الموازي. واضطرت لتدبير أمورها بنفسها نظراً لما آلت إليه الأمور في سورية والعراق. لذلك, تعد محاولة الانقلاب ليلة 15 يوليو/ تموز آخر الهزات خلال الزلزال الإقليمي.
توجهت تركيا نحو سياسة أمنية نشطة مدعومة بالقوة العسكرية من خلال البدء بعملية درع الفرات. تكمن قراءة أنقرة للمعادلات الجيوسياسية الجديدة ضمن العبارات التي استخدمها الرئيس أردوغان. حيث قال: "انتهى زمن الحرب الباردة, وسنفعل كل ما بوسعنا, وعندما سنفعل كل ما بوسعنا لا بد من أن تكون هناك أطراف منزعجة".
ستتعرض تركيا لهزات أكبر خلال الزلزال الإقليمي بعد تعيين "ترامب" رئيساً للولايات المتحدة. حيث تحدث "مارك فلاين" المتوقّع أن يصبح مستشار الأمن القومي في الأيام الأخيرة عن تقسيم سورية والعراق, وتأسيس دول مستقلة جديدة. في هذه الظروف, يجب على تركيا كدولة قومية أن تنتج حلول جديدة لضمان أمنها, ومراجعة علاقاتها في هذا المنوال. والاتحاد الأوروبي يغض البصر عن هذه الحقيقة. كما لم يفهم الخطورة التي حملتها محاولة الانقلاب التي واجهتها تركيا ليلة 15 يوليو/تموز وتهديدها لاستقرار المنطقة. ولكن, يمكن القول أن أهل المنطقة وجزء هام من النخبة على وعي بهذا الخطر. ورأينا هذا الوعي خلال زيارتنا لتونس بصفة مؤسسة الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدراسة أوضاع ليبيا وليلة 15 يوليو/تموز في تركيا.
يعتبر مؤسس التحول الديمقراطي في تونس وزعيم النهضة "راشد الغنوشي" من أكثر الأشخاص فهماً واستيعاباً لمحاولة الانقلاب. حيث قال: "ليلة 15 يوليو/تموز هي ليلةٌ مهمة أُعيدَ فيها كتابة تاريخ المنطقة. وكانت عبارة عن تطور يوازن بين فشل محاولة الانقلاب في تركيا ونجاحها في مصر وكل ما حصل من أحداث بعدها. توقف التاريخ ليلة 15 يوليو/تموز. بعد تلك الليلة, كان للتاريخ إما مواصلة سيره للأمام, أو العودة للوراء. لكن لحسن الحظ فشلت محاولة الانقلاب في تركيا وواصل التاريخ مسيره نحو الأمام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس