ترك برس
حذّر مقال لكبير محللي الشأن الإيراني في "مجموعة الأزمات الدولية"، علي فايز، بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، من تصاعد الاحتكاك بين تركيا وإيران ووكلائهما بشكل خطير "في وقت وصلت فيه الثقة بين البلدين إلى الحضيض".
قالت الصحيفة إن التنافس الحالي بين تركيا وإيران هو تكرار للعبة سلطة قديمة، خاضها أسلافهما، الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الفارسية، للسيطرة على بلاد ما بين النهرين، أي سوريا والعراق، حسبما أورد موقع "عربي21".
ومع تحول الإمبراطوريات إلى دول وطنية، فقد استطاعت أن تحفظ السلام فيما بينها لما يقارب الـ200 عام، بحسب فايز الذي أشار إلى أن تركيا وإيران اليوم في مسار سيؤدي بهما إلى التصادم، بسبب مشاركتهما كأكبر قوتين سنية وشيعية في الصراعات الطائفية المتأزمة في العراق وسوريا.
وأشار فايز إلى أن عدم قدرتهما على استيعاب بعضهما البعض قد يقوض العلاقات القوية التي تطورت خلال العقدين الأخيرين، أو يسبب تراجعا فيها، بعد تشابك الاقتصادين معا، وفقًا لـ"عربي21".
واعتبر أن كيفية توزيع البلدين لقدراتهما، وتجاوز الخلافات فيما بينهما، مهم لتحديد مستقبل الشرق الأوسط، مؤكدا أن الديناميات الحالية تشير إلى مزيد من سفك الدماء، وغياب الاستقرار، وخطر أكبر لمواجهة عسكرية مباشرة، إن لم تكن متعمدة.
وقال فايز إن "الاحتكاك بين البلدين ووكلائهما يتصاعد بشكل خطير في وقت وصلت فيه الثقة بين البلدين إلى الحضيض".
وتفسر طهران سياسة تركيا الجديدة في سوريا بأنها نتاج لـ"طموح نيو عثماني" جديد، لإعادة الهيمنة، وتعزيز السنة الموالين لتركيا في الأراضي التي حكمها أسلافهم.
ونقل فايز عن مسؤول في الأمن القومي الإيراني، قوله إن "ما تغير في سوريا لم يكن توجه الحكومة التركية، أو علاقة إيران معها، ولكنها الطموحات التركية هناك".
وتتهم إيران تركيا بعدم الحد من الجهاديين القادمين إلى سوريا عبر أراضيها، ومنحهم دعما ماليا ولوجستيا.
وبالطرح نفسه، ينظر المسؤولون في أنقرة إلى أن إيران تسعى لإحياء النسخة الشيعية من الإمبراطورية الفارسية القديمة.. ففي آذار/ مارس 2015، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إيران بقتال تنظيم الدولة في العراق "لتحل محله" فقط.
وتقول تركيا إن نشر إيران للمليشيات الشيعية من لبنان والعراق وأفغانستان لحماية طائفة أقلية، هي العلوية، على حساب الأكثرية السنية، تسبب بزيادة التوترات الطائفية، ومنح المتطرفين السنة أداة تجنيد محتملة.
وضمن تبادل الاتهامات، تشجب كل من الدولتين رفض الأخرى للاعتراف بمنظورها الواقعي، وتجاهل حقيقة أن كلا من الدولتين تحركت بطريقة أخطأت بها بحق الأخرى، بما في ذلك نشر قوات عسكرية وراء الحدود، ودعم المليشيات الساعية للسيطرة على حطام ما سينتج من الفوضى في سوريا والعراق.
ورغم محاولات كلا الدولتين للبناء على المصالح المشتركة، هزيمة أو تهميش تنظيم الدولة على الأقل والحد من صعود الأكراد السوريين الساعين لتحقيق الحكم الذاتي، فإن الشكوك العميقة حول طموحات الطرف الآخر للاستفادة من الفوضى أوقفتهم من الوصول لاتفاقية قد تقلل التوتر، بحسب فايز.
ولقلب العملية، فإن على تركيا وإيران تجاوز عدم الثقة والسعي لإدارة الاختلافات -مع مخاطر الحوادث وسوء الحسابات وسوء التواصل- والاعتراف بصراحة بالمصالح الجوهرية والمخاوف الأمنية، بحسب ما اقترح محلل الشؤون الإيرانية.
وللوصول لذلك، فإن على البلدين تأسيس قناة لمفاوضات دائمة حول العراق وسوريا، حيث كان نسق اللقاءات إشكاليا: اجتماعات دورية على مستوى عال تستمر ليوم أو يومين، يليها فراغ دبلوماسي كبير أو مملوء بحروب بالوكالة.
ودعا الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية"، الحكومتين لإيجاد طرق للتعاون والثقة، مثل مشاركة المعلومات الاستخبارية لقتال الأعداء المشتركين وتجنب الاشتباكات العرضية، وتنسيق الخطوات التي قد تقلل التوترات في مجالات التقاطع والصدام.
ومن بين كل الدول المشاركة في حروب الوكالة بسوريا والعراق؛ لا توجد دولتان أنسب للبحث عن تعايش مشترك أكثر من تركيا وإيران، بحسب فايز.
ودعا في ختام مقاله في "نيويورك تايمز"، إلى أن لا تسمح كل منهما لنفسها بالدخول في مستقبل غير واضح، بعد تاريخ طويل من العلاقات السلمية، مؤكدا أن هذا يمكن بإيجاد أرضية مشتركة يمكن من خلالها المساهمة في تحقيق منطقة آمنة ومستقرة، أو أن البديل سيكون مزيدا من الفوضى والمعاناة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!