نهال بينغيسو كراجا - صحيفة خبر ترك - ترجمة وتحرير ترك برس

تعرضنا خلال أسبوع واحد لثلاثة اعتداءات. حيث تم استهداف قواتنا الأمنية في بيشكتاش، وجيشنا في قيصري. وآخرها كانت حادثة الاغتيال، وذلك بمقتل السفير الروسي في أنقرة من قبل شرطي في قوات مكافحة الشغب التركية. قام بإطلاق النار على السفير من الخلف منفذًا ذلك وكأنه يحمي كارلوف، ويصون أمانته، وموظف مخلص للجمهورية التركية. وهو "نموذج" نعرفه جيدًا، ولكن لم نتمالك أنفسنا من الصدمة.    

فقد أقدم شرطي تركي ذو ربطة عنق وملامح ابن عائلة محترمة، على ضرب السفير من الخلف. كما ردد أقوال أسامة بن لادن فيما بعد بقراءته حديثًا بالعربية. ولو أن اسم شرطي ذكر في رواية ما لكنا اتهمنا الكاتب بالمبالغة، والإخفاق، وطالبناه بالتوقف عن الكتابة.  

وبالتالي اتخذ شكل اعتداء خائن ودنيء وغادر للغاية. مما أدى إلى شعورنا بالحزن العميق وفتحنا المجال لهواجسنا عن المستقبل. لأنه من غير المحدد بعد فيما إذا كانت قد اقتنعت روسيا أم لا بإحتمال تورط تنظيم فتح الله غولن بذلك الاعتداء على الأرجح. وإن اقتنعت، ربما قد تفضل التصرف بناء على تلك الحقيقة القاسية لكونها ملائمة جداً من الناحية السياسية: "في النهاية، المقتول هو سفيري، والقاتل شرطي تركي".    

ولهذا أرسلت روسيا على الفور فريقًا أمنيًا مؤلف من 18 شخصًا إلى أنقرة. سيشكل مع الفرق الأمنية التركية فريق تحقيق مشترك. 

إذ تشير الشيفرات الأربع المختلفة المستخرجة من هاتف الجاني إلى وجود تنظيم معين يقف وراء العملية. ولهذا تبادرت إلى أذهان الجميع على الفور فكرة أن يكون عضوًا في تنظيم غولن القاتل والهدف ضرب العلاقات الروسية – التركية. وصدرت تعليقات عن تحذيره الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تركيا ليست أوكرانيا، لهذا فالتلزم حدودها. وبالرغم من العربية السيئة للمعتدي ولكن يبدو أن المقصود من ذلك أن لا نفهم الموضوع. وبشكل طبيعي ينبغي علينا أن لا نفكر "بأن الأمر غير صحيح تمامًا؟". هل دخلت السي أي أيه أو أذرع الولايات المتحدة الأمريكية الطويلة العميقة في عملية كهذه كما لو أنها تلقت بطاقات دعوة إليها، رغم معرفتها بمعارضة الغرب الكبيرة لأمر كهذا في تركيا، وتحميلهم تنظيم غولن المسؤولية، وإثارتهم غضب روسيا؟ هو صعب إلى حد ما. ولكن إذا كان الهدف هو تصعيب الأمر على ترامب المعروف بأنه سيتعاون عن قرب مع بوتين، عندها يصبح الأمر ممكنًا.   

وفي غضون ذلك يمكن طرح أسئلة أخرى.

من ينتظر صعود ترامب المعروف بأنه سيتعاون عن قرب مع بوتين بأعين يملؤها الخوف؟

بالتأكيد إيران. لأن رئاسة ترامب التي تشكل مجالًا خصبًا جديدًا بالنسبة إلى بوتين، تعني أيامًا مليئة بالكوابيس لإيران التي تشترك مع روسيا بالمعسكر نفسه في الظروف الطبيعية.

وبقدر ما يعد ضرب العلاقات الروسية – التركية تحفيزًا قويًا من أجل وضع حدود لروسيا، فإن ضرب العلاقات الروسية – الأمريكية المستقبلية يعد بمثابة تحفيز قوي لدى بعض الدول.

وعند التفكير بهؤلاء جميعًا وأن أندريه كارلوف ليس مجرد سفير في أنقرة، بل أحد مستشاري بوتين لشؤون الشرق الأوسط، فإن الوضع يتطلب الانتباه إلى احتمال أن لا تكون تركيا مركزًا للاغتيال. وهي احتمالات ستقيمها روسيا الوحدة تلو الأخرى. وبغض النظر عن الفاعل لا شك أن هذا الحادث سيوفر الحد الأعلى من الفائدة لصالحها. وسرعان ما سيحول الاغتيال إلى مسألة دولية، وإن ثبت ارتباط المعتدي بتنظيم غولن فسيستخدم ذلك كورقة ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وستتخذ هذا الاغتيال مرجعًا من أجل إضفاء الشرعية على الأشياء التي تقوم بها أو ستقوم بها في مجال تعزيز ما تدعوه "محاربة الإرهاب". 

وإن كان المعتدي عضوًا في تنظيم غولن، أو قاتلًا مستأجرًا خرج للمناقصة في سوق الإرهاب العالمي بوصفه عضوًا سابقًا في التنظيم ومرتبط به، فقد نفذ الاغتيال بواسطة شخص في تركيا وعن طريق "شرطي تركي". ولكن من السذاجة التفكير أن روسيا لن تستغل هذا الوضع ضد تركيا. كما لسنا متأكدين فيما إذا كانت الغاية ضرب العلاقات التركية الروسية. لأنه لو كان الهدف إجبار تركيا لروسيا لما أخفقت إلى هذا الحد.

ومما لاشك فيه أن روسيا ستحاول فرض مشروعها الخاص في المجال الاقتصادي والطاقة على تركيا، والمعارضة والمدنيين الذين تم إجلائهم في إدلب، ومحاربة الإرهاب بإظهارها خلفية هذا الاغتيال. ولهذا ينبغي على تركيا إيجاد الحل، والمساعدة بأقصى سرعة ممكنة فيما يتعلق بالعثور على الفاعل الذي يقف وراء المعتدي والكشف عن الجريمة. إضافة إلى الحاجة لحق السيادة والإلتزام بالحدود المتعلقة بموضوع السياسة الخارجية.

عن الكاتب

نهال بينغيسو كراجا

كاتبة في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس