غالب دالاي - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس
كشفت وكالة الأناضول يوم أمس عن الخطة التي ستقدمها تركيا وروسيا إلى الأطراف في سوريا من أجل وقف إطلاق نار في عموم سوريا، ولم نكن –حتى كتابة هذه السطور- على علم بتفاصيل هذا التصالح والاتفاق، حيث لم يشمل وقف إطلاق النار المنظمات الإرهابية، والذي من المفترض أن يبدأ منذ ليلة الأربعاء، واذا نجح وقف إطلاق النار، فإنّ المفاوضات ستبدأ في "أستانة" بين النظام السوري والمعارضة. وهذا الأمر يتطابق مع حديث وزير الخارجية التركي "جاويش أوغلو"، والذي قال بأنّ تركيا تعمل على تحقيق السلام في تركيا عبر خارطتين للطريق عسكرية وسياسية.
اليوم علينا استخدام مصطلح "سلام بالوكالة"، كما استخدمنا في السابق "حرب الوكالة"، برغم أنّ المصطلح الأول لا ينطبق كثيرا على ما يجري من نقاشات بين الأطراف.
كان مصطلح "حرب الوكالة"، من أكثر المصطلحات المستخدمة في تحليلاتنا لما يجري من تطورات وأحداث في الشرق الأوسط، ويشير هذا المفهوم إلى أنّ الأطراف المتنازعة على الأرض لا تتحرك وفق مصالحها فقط، وإنما وفق مصالح القوى الخارجية الداعمة لها، ووفق تعليماتها، ويرتبط الوكيل بالموكل ارتباطا ثنائيا، بحيث ضعف الوكيل على الأرض يُضعف من موقف الموكل، وكذلك ضعف الدعم من الموكل يُضعف وكيله في الساحة في مواجهة خصومه.
ونستطيع القول بأنّ من يقود "حرب الوكالة"، يستطيع قيادة أيضا "سلام بالوكالة"، من خلال الاتفاق بين الموكلين، وهناك توجه كبير نحو ذلك، ونعتبر المحادثات التي انطلقت بمشاركة روسيا وإيران وتركيا، الخطوة الأولى لتحقيق "سلام بالوكالة". لكن لا بد من التأكيد مجددا على "ثنائية" المعادلة بين الموكّل والوكيل، وهناك من يعتبر بأنّ الموكلين هنا لا يعيرون وكلائهم على الأرض أي أهمية خلال عملية السلام، خصوصا وأنّ المصالح لا تتوافق كثيرا بين الوكلاء وموكليهم، وهذا الأمر ينطبق على علاقة تركيا بالمعارضة، وعلاقة روسيا وإيران بالنظام، فكلاهما النظام والمعارضة، لا يعتقدان بأنهما حققا المطلوب، والسيطرة المطلوبة، لكنهم سيجدون انفسهم ضمن أي اتفاق، ومع هذا يتوجب عليهم أن يكونوا "راضين" عما يتوصل إليه موكليهم، ولذلك يجب أن تكون آمالنا بتحقيق "سلام بالوكالة" ضمن حدود منطقية ومعقولة.
لكن هذا الكلام لا يعني بأنه لا فائدة لعملية السلام المذكورة، فهناك أمور إيجابية ومكاسب يُمكن تحقيقها منها. ويأتي على رأس هذه المكاسب، هو كسب المعارضة للمزيد من الوقت من خلال عملية "السلام بالوكالة"، لأنّ المعارضة، بعد سقوط حلب، بحاجة إلى وقت من أجل إعادة ترتيب صفوفها وتوحيدها، واستمرار المواجهات سيفقد المعارضة الكثير من قوتها.
كما أنّ المؤشر الآخر على احتمالية تطبيق وقف إطلاق النار، يتمثل في التزام إيران وروسيا والنظام السوري، وعدم قيامهم بأي عملية عسكرية من أجل السيطرة على شرق الغوطة وإدلب.
ونحن نسمع في هذه العملية السلمية، باسم تركيا وروسيا أكثر من سماعنا لاسم إيران، وهذا يطرح العديد من علامات الاستفهام حول "رضى" إيران والنظام السوري حول ما يتم التصالح والاتفاق عليه بين تركيا وروسيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس