ترك برس
أشار تقرير للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إلى أنه من بين كل المحاولات السابقة لوقف القتال في سورية وتمهيد الطريق لحل سياسي يضع حدًا لمعاناة الشعب السوري، ويحقق تطلعاته في حياة ديمقراطية، حرة وكريمة، يبدو الجهد الروسي - التركي الأخير الأكثر جدية، كما أن احتمالات نجاحه تبدو أكبر مقارنة بما سبق.
وأشار التقرير إلى أن السبب في ذلك إلى النفوذ الكبير الذي يملكه الروس والأتراك لدى أطراف الصراع السوريين والإقليميين، وظهور ما يشبه حالة إجماع دولي وإقليمي على وجوب إنهاء الأزمة التي شملت أضرارها الجميع بدرجات متفاوتة.
وأضاف: "ومع ذلك، فإن صعوبات كبيرة سوف تكتنف إمكانية التوصل إلى حل، وقد تحصل جولات قتال أخرى قبل الوصول إلى هذه النقطة، وذلك بسبب تباين توقعات مختلف الأطراف حول طبيعة هذا الحل ومخرجاته، خاصة في ظل تمسك النظام السوري بأدبيّاته حول الأزمة، ومساعيه لتحقيق مكاسب على الأرض تجري ترجمتها على طاولة المفاوضات، وموقف إيران المتماهي معه بهذا الشأن.
وبحسب التقرير الذي نشره المركز العربي في موقعه الإلكتروني، فإن التحديات لا تزال ماثلة أمام المعارضة باتجاه تقديم بديل مقنع (سياسي وعسكري) يكون على مستوى التضحيات التي قدمها الشعب السوري، والبسالة التي واجه بها أحد أسوء الأنظمة التي واجهها أي شعب في سعيه نحو التحرر من الطغيان.
وتوقع التقرير أن يشكل الاتفاق الروسي - التركي في أنقرة خطوة مهمة على طريق الحل السياسي في سورية، فكل المؤشرات تدل على جدية الطرفين، ومصلحتِهما، في السعي للوصول بالأزمة السورية إلى نهايتها.
فالروس - بحسب التقرير - يريدون بعد أن قلبوا بتدخلهم المعادلات الميدانية، إثبات قدرتهم على صنع السلام انطلاقًا من حجم التأثير والنفوذ الذي باتوا يملكونه في سورية وفي الفاعلين الإقليميين، كما أن روسيا لا تريد أن تغرق أكثر في المستنقع السوري في ظل أوضاع اقتصادية سيئة تمر بها.
أما تركيا فقد باتت تنظر إلى الأزمة السورية باعتبارها خطرًا يهدد وحدتها واستقرارها في ظل تنامي التهديدات الأمنية الناتجة من استمرار الصراع، إذ إنها تخوض حربًا مزدوجة ضد تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني في آن معًا.
كما أن الدعم الأميركي للأكراد يزيد مخاوفها من احتمال إنشاء دولة قومية كردية في الشمال السوري. من هنا، يأتي حرص الطرفين الروسي والتركي على التوصل إلى حلٍ للأزمة السورية.
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى غياب إيران عن اتفاق حلب الذي أخرج المعارضة من المدينة، واتفاق أنقرة الذي أسفر عن وقف إطلاق النار؛ فالاتفاقان كانا ثمرةَ جهدٍ ثنائيٍ روسي – تركي. ومع ذلك، حرص الروس والأتراك على ضم إيران إلى التسوية لتحييد قدرتها على التعطيل واعترافًا بنفوذها في النظام السوري، وذلك بدعوتها إلى اجتماع موسكو الثلاثي الذي صدر عنه "إعلان موسكو".
لكن إيران تبدي تحفظات على التحركات الروسية - التركية، كما أبدت استياءها من تجاهل موسكو طلبها اعتبار بعض فصائل المعارضة السورية المشاركة في محادثات أنقرة "إرهابية" (أحرار الشام وجيش الإسلام على وجه الخصوص).
ويتخذ الحرس الثوري تحديدًا مواقف متشددة ومتشككة إزاء مساعي موسكو وأنقرة لإنهاء الصراع، كما تتخوف أوساط إيرانية من وجود تفاهمات روسية - تركية غير معلنة تجاه الوضع في سورية.
وفيما حاول الحرس الثوري الإيراني (عن طريق ميلشيا حزب الله اللبناني والنجباء العراقية) نسف اتفاق حلب، لمعارضته خروج المعارضة سالمة من المدينة، يحاول الحرس الثوري عبر حزب الله أيضًا نسف اتفاق وقف إطلاق النار من خلال استمرار استهداف قرى وبلدات وادي بردى والغوطة الشرقية في ريف العاصمة دمشق متجاهلًا اتفاق أنقرة.
وشدّد على أن وضع جبهة فتح الشام (النصرة) يمثل قنبلة موقوتة أخرى في قلب اتفاق أنقرة، وسط اختلاف التفسيرات حول إن كان وقف إطلاق النار يشملها. ففصائل المعارضة السورية تقول إن اتفاق أنقرة لا يستثني إلا تنظيم الدولة من وقف إطلاق النار؛ ما يعني أن النصرة مشمولة في الاتفاق.
وقد أصرت المعارضة على هذا الأمر لأن ضرب النصرة طالما استخدم ذريعة من طرف النظام وحلفائه لضرب فصائل المعارضة الأخرى؛ وهو ما كان من أسباب فشل اتفاقات الهدنة السابقة.
ورأى المركز العربي أن المعارضة المسلحة لا تزال عاجزة عن تنفيذ الخيار الوحيد الذي يقطع الطريق على النظام وحلفائه المليشياويين على أنواعهم، وذلك بحل الفصائل كلها والاندماج في جيش وطني سوري حر ملتزم بمبادئ ثورة عام 2011 وعلمها، وإقصاء كل من يرفض هذا الاندماج.
عدا عن ذلك، يبدو واضحًا أن نجاح الجهد الروسي - التركي لحل الأزمة السورية سوف يرتبط بصورة وثيقة أيضًا بتعاون بقية الأطراف الإقليمية والدولية ذات الصلة بالصراع السوري وعلى رأسها الإدارة الأميركية القادمة، وما إن كانت مهتمة بدعم المساعي الروسية - التركية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!