ترك برس
قال الباحث والمحلل السياسي، علي حسين باكير، إنه لا يجب المراهنة على خلاف روسي-إيراني وانتظار حصوله، وإنما يجب العمل على إيجاد شرخ بينهما وتعميقه والاستثمار فيه حتى يصبح حقيقة واقعة، مشيرًا إلى أن "هناك فرصة متاحة الآن لفعل ذلك".
وفي مقال له بموقع "عربي21"، أوضح باكير أن هناك حرصًا روسيًا تركيًا للتأكيد دوماً على انّهما على رأس الطاولة فيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار بسوريا، "وبالتالي لا مكان لإيران في هذه المعادلة إلا عند تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بين بين موسكو وأنقرة".
وأوضح باكير أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، لم يُشيرا إلى إيران في كل التصريحات الأساسية الأخيرة "وتم تجاهلها بشكل عمدي، كذلك الأمر في نص الاتفاق الذي جرى بخصوص وقف إطلاق النار، إذ لم يتم إعلان اسمها كضامن للاتفاق أو حتى كشريك فيه، وهو أمر يعطي انطباعا بانّها طرف تابع وغير مستقل، أو هكذا يراد لها أن تبدو أو بالأحرى أن تكون".
أما في ما يتعلق بالإشارة إلى اجتماع الأستانة على أنّه دليل على تواجد إيران في المفاوضات، فهو أمر سخيف، وساذج، وفق تعبير الباحث الذي أشار إلى أن الأستانة لم تكن منصة تفاوضية، ولم يصدر عنها شيء مهم. ما صدر فيها هو مجرد بيان عام لا يتطرق إلى أي من التفاصيل، ولم تجر أي مفاوضات بشأنه.
وأضاف: "يكفي أن نعلم أنّ ترحيب طهران باتفاق وقف إطلاق النار جاء متأخراً وبعدَ الاتصال الهاتفي الذي أجراه لافروف مع ظريف لنستنتج أيضاً أنّها لم تكن تعلم التفاصيل وأنّها انتظرت إيجازا من الجانب الروسي لتُصدر بيانها".
أمّا بخصوص الادعاء القائل بأنّ إيران سعيدة باتفاق وقف إطلاق النار الآن أو بمضمونه، قال باكير إن "هذا الادعاء غير صحيح أيضاً. موقف النظام الإيراني من هذا الموضوع غير ثابت في العادة، ويتغيّر بتغيّر المعطيات على الأرض.
بمعنى آخر، في بعض المراحل كان الجانب الإيراني يستميت دبلوماسيا للدفع باتجاه إعلان وقف إطلاق للنار تماما كما جرى في اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا في فيينا بتاريخ 14 نوفمبر 2015 على مستوى وزراء الخارجية، وفي مراحل أخرى كان يصرّ عملياً على ضرورة استكمال العمليات العسكرية على الأرض، تماماً كما جرى مؤخراً".
وتابع المقال.. نظام الملالي لا يريد أي حل سياسي في سوريا إلا إذا كان ذلك يعني بقاء نظام الأسد مع تطعيمه ببعض عناصر المعارضة كما طرح منذ سنوات، وهو يشدد اليوم أكثر من أي وقت مضى على الحسم العسكري لأنّه يعتقد أنّه بات أقرب إلى تحقيقه، سيما وأنّه كان يحضّر الأرضية اللازمة لإدخال العشرات من الآلاف من المليشيات الشيعية العراقية إلى سوريا في المرحلة المقبلة.
إذا لم يكن الحل السياسي الذي تسعى إليه موسكو هو نفس التعريف الإيراني للحل السياسي المذكور أعلاه، فهذا يعني أن هناك مشكلة كبيرة لطهران.
من غير الواضح بعد ما هي ملامح هذا الطرح السياسي، لكن لن نتأخر كثيرا حتى نعرف ماهيته بالضبط، وحتى ذلك الوقت لا بد لنا من أن نذكّر بأنّ إيران هي الدولة الوحيدة التي لم توافق على اتفاق جنيف-1، وهو الاتفاق الذي يعتبر الركيزة الأساسية في كل حديث عن حل سياسي في سوريا بما في ذلك الطرح الروسي.
لا يوجد أدنى شك من أنّ إيران متضررة من اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، فالإتفاق أظهرها بمظهر التابع، كما أن البند الذي يتحدث عن ضغط روسيا عليها لإخراج المليشيات الشيعية يعتبر مذّلاً نوعاً ما إذا ما كان قد بقي فعلا في نص الاتفاق، ناهيك عن حقيقة أنّ إيران لم تأت بحزب الله إلى سوريا لكي تخرجه منها وإنما لكي تؤمّن بقاءه مستقبلاً.
هذه المعطيات تعني أنّ هناك أجندات مختلفة حاليا بين إيران وروسيا، من غير المعروف بعد ما إذا كان التغيّر الذي طرأ على الموقف الروسي تغيّراً أصيلاً أم تكتيكياً، وهل هو مستعد لإجبار إيران على الخضوع لأجندة روسية-تركية؟ وفي المقابل هل ستقبل إيران أن لا تكون رأساً على الطاولة، وهل هي مستعدة لإخراج مليشياتها؟
هذه أسئلة لا يوجد جواب حاسم عليها حالياً، لكن ما نستطيع قوله أنّ إيران ستبقى تمتلك القدرة على التخريب كما ثبت في اتفاق حلب الأخير بين روسيا وتركيا، فالتخريب هو لعبتها الأساسية الأكثر إتقاناً، لكن ربما ليس لديها مصلحة الآن في إِفشاله بشكل مباشر.
وقد تفضل القيام بذلك عبر أذرعها أو تأمل أن يقوم غيرها بالتخريب وتعمل على استغلال الوقت المتاح للتفكير في كيفية إعادة صياغة العلاقة بينها وبين الروس بما لا يضرها كثيرا ويحد من سطوة الروس عليها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!