سيفيل نوريفا - جريدة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
دخلنا مرحلة من مراحل التاريخ واضح أنها مرحلة من يفكر بعقلانية.
قصف الطائرات الروسية للقوات التركية بالخطأ في مدينة الباب، وزيارة رئيس السي أي إيه الأمريكي لتركيا، ودعم الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في ظل استمرار العمليات في مدينة الباب، والتقدم الذي تحرزه قوات جيش النظام في العمليات العسكرية والأخبار المتضاربة المتعلقة بها والتي تهدف إلى ضرب المعنويات، والخلافات غير الضرورية بين من يدعمون فكرة "تركيا الكبرى" ومن يدعمون البقاء بالعمليات داخل حدود الدولة التركية في ظل اقتراب الاستفتاء الشعبي على النظام الرئاسي، كل هذه الأحداث هي من أجل التأثير على قدرتنا على التفكير بعقلانية.
لذلك يجب علينا تحليل هذه الأحداث الماكرة جيدا. الواضح أن العمليات العسكرية ستتصاعد مع مرور الوقت. من ناحية أخرى نستطيع أن نرى أن الأطراف التي تربط بين هذه الأحداث بالسياسة الخارجية التركية المضطربة تجهل التغير في النظام العالمي.
الحلفاء للأطراف المختلفة يُعرفون مع مرور الوقت. وهنا يجب علينا أن نركز على ماهيّة خطط تركيا المستقبلية.
الأطراف التي تحاول اختراق الدولة التركية وإفسادها من الداخل وضعت في حساباتها أن العجلة في هذا الوقت تدور في صالح التحالفات الكبرى لذلك لا تتوانى في استغلال الفرص التي تهدف إلى ضرب المؤسسة العسكرية التركية. نحن الآن نستطيع أن نفهم أهداف عملية المطرقة "خطة للإطاحة بحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان" بشكل أفضل. بالإضافة لذلك نستطيع أن ندرك مدى أهمية الجيش التركي الذي حاول التنظيم الموازي اختراقه والسيطرة عليه بالنسبة للقوى العالمية في ظل هذه الأحداث القائمة.
ولكن الدولة التركية دولة ذكية وأنا أعتقد أن لها ردود فعل خفية جاهزة بهذا الخصوص.
مهما يكن، لا شك أن الله سيتم نوره ولو كره الكافرون. في وسط كهذا، عملية تكوين موقعنا الجيوستراتيجي حسب هذا المفهوم تتم عبر وجود ردود فعل خفية ومناسبة للدولة.
الولايات المتحدة الأمريكية في ظل حكم ترامب ستؤثر بشكل مباشر في تكوين هذا الوسط الجيوستراتيجي ومن ناحية أخرى ستؤثر بشكل كبير في ميول ورغبات الدول العالمية. العدائية تجاه الإسلام والمسلمين يجب أن لا تكون بدون سبب. هذه المعلومات تؤثر جذريا بأشياء لا نعرفها نحن.
مع مرور الوقت تصبح المجتمعات العالمية على دراية بهذا الخصوص. وأيضا الألاعيب الخفية التي يتم ممارستها في المنطقة الإسلامية أصبحت مكشوفة. لذلك أصبحت هناك حقائق كثيرة لا يمكن إخفاؤها.
وفي الخلاصة، الحلفاء يُعرَفون مع مرور الوقت. ولكن هؤلاء الحلفاء لا يجب أن لا يكونوا من منظور "حليف أمريكي" أو "حليف روسي". لأنه وبالنهاية سيكون من الغباء الثقة بهذين الطرفين.
الخلافات بين هذين الطرفين ستكون من مصلحتنا في بعض الأوقات. ولكنني دائما ما تحدثت عن شكوكي بهذا الخصوص.
ماذا سيحدث لو اتفق هذان الطرفان؟
هذا سؤال خطير، لندونه على الهامش.
نحن ملزمون بإيجاد حل جذري. من أجل هذه المنطقة ومن أجل بقاء تركيا ومن أجل المنطقة الإسلامية عموما، يجب أن تكون هناك حلول جذرية.
أردت إعادت كتابة ما كتبته سابقاً. أولاً وأخيراً "سيتم الله نوره ولو كره الكافرون". هذه هي الحقيقة.
لو قمنا بتقييم الأحداث السابقة التي حدثت في المنطقة من خلال هذه الحقيقة سنكون مجبرين على عيش خيال جديد.
العالم يتكون من جديد من خلال الحضارات الأصلية للمجتمعات التي تم قمعها والحضارات الأصلية لمجتمعات القوى الكبرى.
في هذا العصر الجديد سنشهد تكوينًا جديدًا للموازين الإقليمية من خلال الحضارات وليس من خلال الأمم. وهذا يعني أن العالم الإسلامي سيصل لعتبة إصدار قراراته بنفسه وبدون تدخل خارجي.
السعي خلف قيادة العالم الإسلامي مهم جدا ولكن قبل ذلك يجب تدعيم أساسات هذه القضية. نستطيع أن نرى تركيا تملك أفكارًا بهذا الخصوص وتسعى لتعزيز بحثها باتجاه هذا الموضوع.
باختصار، جميع هذه الألآعيب السياسية المجهزة لنا سيتم تفعيلها من جديد. استغلال إخوتنا الأكراد في الشرق الأوسط وإخوتنا في الدين يعتبر عتبةً في سلّم هذه الألاعيب. عملية جعل إسرائيل مؤثرة في الوسط الجغرافي الإسلامي وتخصيص منطقة دجلة والفرات لها هو ليس فقط خيالًا وإنما هي سياسة لمنع إحياء حضارة إسلامية كبرى جديدة.
تركيا الآن تعيش هذا المخاض الأليم.
الدولة التركية على علم بهذا، وواضح أيضا أن الخلاص منه هو بالسعي وراء "إنشاء استراتيجية جديدة لهذا العصر الجديد". لنقرأ استفتاء النظام الرئاسي التركي من خلال هذه الاستراتيجية. لندرك مدى أهمية الخروج بنتيجة "نعم للنظام الرئاسي" من هذا الاستفتاء وندرك أيضا أنه مسألة مصيرية بالنسبة لتركيا من أجل بقائها وكفاحها على المدى البعيد وأهميته أيضا في عمل أساسات ودعائم القرن الجديد. تبني قيمنا التي تم محاربتها منذ زمن طويل وتحول تركيا إلى لاعب عالمي أساسي وقائد للعالم الإسلامي سيكون من نتائج هذا النظام الرئاسي أيضا. لنقيّم هذه المسألة من منظور تركيا ومنظور العالم الإسلامي.
سندرك أن الخلاص هو بتحول حضارتنا العريقة إلى قوة من جديد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس