أردان زنتورك - جريدة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
تَوقُّع إقرار الاستفتاء المتعلق بالنظام الرئاسي والمُزمع إجراؤه في 16 أبريل/ نيسان القادم من جهة، ورُؤية تركيا كدولة محورية لفرض الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى، جعل دول العالم تتخذ قرار العمل مع أردوغان وزيادة الدعم لبلاده. وهذا ما سيجعلنا نشهد انحسار الاتهامات التي تكيلها الصحافة الغربية للإدارة التركية وتصفها "بالديكتاتورية"، وسيساعد على بناء استراتيجية جديدة تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل بين الطرفين.
نأسف للمعارضة التي بحثت عن الدعم الخارجي وانتقاد الدول للإدارة التركية من أجل تقوية موقفها داخل تركيا، واعتمدت في ذلك بشكل رئيسي على استراتيجية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والتي كانت قائمة على تهميش الإرادة الشعبية التركية في السياسة. نأسف لهم لأنهم لا يعلمون أن العالم من حولهم قد تغير في ظرف شهر واحد.
أردوغـان هـو الاسـم الـمـحـوري
بعد استلام الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب منصبه، عقدت الإدارة الأمريكية الجديدة العديد من اللقاءات مع الإدارة التركية. حيث قام رئيس السي آي إيه الأمريكي بزيارة لتركيا، والتقى وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو ووزير الدفاع التركي إيشيك مع نظرائهم الأمريكان تيليرسون وماتيس. وفي آخر زيارة لمسؤول أمريكي لتركيا عقد رئيس أركان الجيش الأمريكي دانفورد لقاء استمر 6 ساعات مع نظيره التركي خلوصي أكار في قاعدة إنجيرليك العسكرية في تركيا بحثا فيها عددا من القضايا وعلى رأسها المسألة السورية. كل هذه اللقاءات بدأت بعد المحادثة الهاتفية التي جرت بين الرئيس أردوغان وترامب بداية الشهر الجاري. فهل يعد تكثيف المسؤولين الأمريكيين لقاءاتهم مع المسؤولين الأتراك وتصريحات الرئيس ترامب بدعمه لتركيا مجرد صدفة؟ بالطبع لا.
يعود الأتراك لاستلام دورهم المحوري في المنطقة التي خسروها بعد الحرب العالمية الأولى عام 1918. وهناك عدة تطورات مهمة بهذا الخصوص تبشر بعودة الاستقرار للمنطقة:
1- بعد عملية درع الفرات أصبحت تركيا هي القوة الرئيسية في مكافحة تنظيم داعش. وأصبحت الضلع الثالث في مثلث القوى بجانب أمريكا وروسيا.
2- التقارب والتعاون التركي- الخليجي يعتبر دعمًا مهمًا لخطة ترامب بمحاربة تدخلات إيران في شؤون دول المنطقة.
3- تعتبر تركيا بجانب الأردن ومصر عاملًا أساسيًا ومهمًا في حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. كما يُعد تعيين كمال أوكام سفيرا لتركيا في تل أبيب خطوة من جانب الإدارة التركية لإصلاح العلاقات بين البلدين.
وصـايـا لـلإدارة الـتـركـيـة
في هذه المرحلة يجب على الإدارة التركية الانتباه لأمرين: 1- سيرفع الأمريكيون سقف مطالبهم عند جلوسهم على الطاولة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب. وفي خضم المفاوضات من الخطأ أخذ ردة فعل الطرف الآخر اللحظية كموقف له، ينبغي التأني والتروي لفهم الموقف الكامل. 2- يجلس الروس على الطاولة بإعلام الطرف الآخر بالحد الأدنى من مطالبهم التي يمكنهم القبول بها. لكنهم ينتظرون من الطرف الآخر أن يكون على قدر من الإصرار والعزيمة. وعند الحديث معهم عن الموضوع نفسه بعد مدة من الزمن نجد أنفسنا قد بدأنا من الصفر. لذلك من الخطأ قول: "تحدثنا مع الروس واتفقنا على هذا الموضوع".
يجب على الدبلوماسيين والسياسيين والعسكريين أيضا أن يكونوا على يقظة تامة في هذه المرحلة الحساسة.
هـل أوروبـا غـبـيـة لـهـذه الـدرجـة؟
المسار السياسي الذي تنتهجه أوروبا وخصوصا ألمانيا هو مسار أفضل ما يقال عنه إنه غبي. حيث أن سماح هذه الدول لمجموعات تعيش فيها بتغذية العدائية والتوتر مع تركيا يجعل تركيا تلجأ إلى التحالف مع المحور الأمريكي- الروسي. ويساعد أيضا في إخراج أوروبا من المعادلة العالمية الجديدة. من جهة أخرى، الفروقات الواضحة بين نتائج زيارة رئيسة الوزراء البريطانية ماي والمستشارة الألمانية ميركل إلى تركيا تجعلنا ندرك أن خروج بريطانيا من منطقة اليورو ليس محض صدفة. عندما يدرك السياسيون الأوروبيون والمؤسسات الأوروبية حقيقة هذا المعترك والفخ الذي وقعوا فيه بخصوص تركيا سيلاحظون أنهم خرجوا من معادلة أكثر المناطق استراتيجية في العالم، بجانب التطورات التي ستتلاحق والتي قد تصل إلى خروج فرنسا أيضا من منطقة اليورو.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس