ترك برس
رأى المحلل السياسي الروسي ماكسيم ترودو ليبوف أن موسكو تعتزم بوضوح البقاء في منطقة الشرق الأوسط، وأنها تعمل لهذا السبب على توثيق علاقاتها مع تركيا، وليس مع الولايات المتحدة الأمريكية، مستبعدا أن يكون التقارب الحالي بين موسكو وأنقرة مجرد سياسة آنية.
وقال الباحث المتخصص في الدراسات الروسية في مقال نشره مركز كينان إنه في الوقت الذي ترسل فيه الولايات المتحدة إشارات متضاربة بشأن سياستها في سوريا، تتفاوض روسيا وتركيا وإيران على الإطار العملي للتعايش في المنطقة التي تمزقها الصراعات الطائفية والدولية، ويبدو أن روسيا وتركيا خصوصا قد وجدتا فرصة لتحقيق أهداف أكبر بعد أن اتفقتا على ألا يتفقا، على أن تبقى العديد من المصالح المتباينة بينهما على حدة.
وأضاف أن تاريخ البلدين المشترك تاريخ عنيف، فقد اشتبكتا باستمرار، وشنا الحروب على بعضهما بعضا كل 25 سنة، عندما كانتا إمبراطوريتين، وانتهت روسيا السوفيتية وتركيا الكمالية على طرفي النقيض في الحرب الباردة، لكنهما انجذبتا إلى بعضهما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وذلك لأسباب اقتصادية أساسا، وإن دخلا في صراع في السنوات الأخيرة حيث دعما قوى متناقضة في الحرب السورية، بيد أن بعض القوى الكبرى جمعت شملهما من جديد . فالأمر أكبر من أن يكون مجرد سياسة آنية.
وأشار ليبوف إلى أن ألكسندر دوغين، الكاتب السياسي الروسي المحافظ المتشدد وزعيم حركة أوراسيا الدولية قال لوكالة بلومبرغ أخيرا إنه قد لعب دورا رئيسا في جمع روسيا وتركيا معا مرة أخرى، معربا عن سعادته لمشاهدة روسيا وتركيا تأخذان زمام الأمور في حل الأزمة السورية، وتنحية الولايات المتحدة.
وتابع إن الولايات المتحدة لم تُنح عن المنطقة لكن التعاون الروسي التركي على الأرض في سوريا يعد تطورا كبيرا، ويمثل إشارة ممكنة بأن القوى الإقليمية ستبني علاقات في غياب الولايات المتحدة أو أنها ترسل رسائل متضاربة لشركائها الدوليين.
وقال ليبوف إن روسيا كانت مشغولة ببناء الجسور مع تركيا في الوقت الذي كان فيه ترامب يحضر استراتيجيته في سوريا، وأقرّت موسكو بأحقية أنقرة في التعامل مع مقاتلي وحدات حماية الشعب بوصفهم إرهابيين ومحاربتهم، وفي الوقت نفسه تقود موسكو جهودا دبلوماسية للتوفيق بين المصالح المتناقضة للجماعات المتقاتلة على الأرض.
وخلص المحلل الروسي إلى أن روسيا تعتزم بوضوح البقاء في المنطقة، وهذا هو أحد الأسباب التي ستجعلها تعمل بشكل أوثق مع تركيا وليس مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن أسباب التقارب بين البلدين في معظمها براغماتية، وجاءت كرد فعل على إخفاق محاولتهما الانضمام إلى مؤسسات الغرب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!