محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
هناك حكمة لاتينية تقول "الشك سرطان الصداقة"، وهذه الحكمة تنطبق في العلاقات الشخصية، وفي التحالفات الدولية أيضا، وإذا ما نظرنا إلى الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط، نجد أننا نشك في الكثير من الأمور التي تحصل، ولا نعرف مدى صدقها ومدى سلامة نية من قام بها.
على سبيل المثال، طرح الطيب اردوغان في حديثه في جامعة "بزمي عالم الوقفية"، طرح سؤالا يتبادر على ذهننا جميعا حينما قال :" لماذا تُعتبر عين العرب (كوباني) ذات أهمية بهذا القدر بالنسبة لكم؟ إذا كان لديكم مشكلة هناك فيجب أن يكون لديّ مشكلة هناك أنا أيضا، فما هي مشكلتكم؟ 40% من العراق يخضع الآن لاحتلال داعش، لماذا لا تتدخلون هناك أيضا؟".
تخيّلوا أنّ ثاني أهم مدينة في العراق، وهي الموصل، تقبع الآن تحت سيطرة داعش، وتخيّلوا أنّ ثاني أكبر مدينة في سوريا، وهي حلب، تم تحويلها إلى مجموعة من الأنقاض، وتم مسحها بالكامل من قبل قوات الأسد عبر البراميل المتفجرة، والقصف الجوي والبري.
هل أوجلان مُستهدف؟
أو خذوا الوضع في غزة على سبيل المثال، لماذا لا ينوي أحد حلّ المشكلة الفلسطينية عن طريق سلام عادل وشامل؟ هذه أسئلة عامة لا إجابة رسمية عليها، لكنّ الجميع يعرف أجوبة هذه الأسئلة، والآن أصبحت إجابات هذه الأسئلة أكثر ضبابية.
ولنتحدث عن السياسيين الأكراد، الذين ما انفضوا عن قول "إنّ عملية السلام قد انتهت"، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يقصدون "أنّ عبد الله أوجلان بالنسبة لهم قد انتهى"؟.
لا شك أنّهم يستهدفون بأعمالهم هذه رئيس الجمهورية اردوغان، والدولة التركية أيضا، فهم الآن يقومون بحملة كبيرة من أجل تغيير نظرة الشعب تجاه اردوغان، وعلينا أن ننظر ونقرأ بعمق التصريحات التي أدلى بها الأخير يوم أمس، والتي سأتناولها في الأسفل.
مَن يدعم مَن؟
" يقولون أننا ندعم داعش، في الوقت الذي استقبلت فيه تركيا ما يزيد عن 200 ألف مواطن كردي جاء من كوباني، والآن نحن من نُطعم هؤلاء، ونحن من نُلبسهم، ونحن من نُشربهم، ونحن من نوفر لهم كل شيء، ونحن إلى الآن صرفنا 4.5 مليار دولار من أجل ذلك، وما وصلنا من شتى دول العالم لم يكن سوى مجرّد 200 مليون دولار، وكل أوروبا لم تستوعب سوى 130 ألف عراقي وسوري، لكن تركيا لوحدها تستوعب حاليا مليون و600 ألف لاجئ، فنحن من قدمنا يدنا للمساعدة.
أمريكا تقول ‘كوباني سقطت وستسقط، لذا نريد دعمهم بالسلاح’، ويجرون المشاورات معنا من أجل ذلك، ونحن نقول لهم "ما تقومون به خاطئ"، لم يسمعوا لنا، بل أرسلوا دعما بالأسلحة عبر طائرات (C-137)، ووصل قسم منها ليد داعش، وقسم آخر وصل ليد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD)، وبعدها خرج وزير الدفاع الأمريكي ليقول: ‘سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الحالية تجاه سوريا خاطئة’".
هل خرجت روح "الغزي"؟
هل تعتقدون أن روح "الغزي بارك" قد خرجت من الذين يقولون اليوم "اخرجوا للشارع من أجل كوباني"، أو عند الذين يقولون " فليتدخل العسكر في السياسة"؟ ونتساءل عن الشكوك التي تدور الآن في ذهن عبد الله أوجلان، ما طبيعتها وماهيتها؟ وهل كنت ستقبلون بعد الآن بمد يد السلام لحزب العمال الكردستاني ولممثليه السياسيين، لو كان القرار بيدكم؟ والسؤال الآخر، مَن ينزعج أكثر من التقدم الحاصل في عملية السلام؟ جبل قنديل أم فتح الله غولن؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس