نيك دي بويس - أ بي ثي - ترجمة وتحرير ترك برس

عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فلن يختلف اثنان حول حقيقة أن هناك عددا قليلا من البلدان في المنطقة يتفوقون على تركيا من ناحية الأهمية الاستراتيجية في نظر بريطانيا.

مؤخرا، ورد في التقرير الصادر عن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، ما يلي: "إن الضغط الذي تعيشه حليفتنا الموثوق بها، تركيا، لم يكن له مثيل من قبل؛ نتيجة الوضع الصعب الذي تعيشه، الناتج عن الهجمات الإرهابية، والعدد المهول من المهاجرين القادمين إليها".

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير الصادر عن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، يوم السبت الماضي، اهتم بالحديث على وجه الخصوص عن العلاقات بين المملكة المتحدة وتركيا. فضلا عن ذلك، يعد هذا التقرير في حد ذاته اعترافا من اللجنة بمدى تعقيد وتشابك التحديات التي تواجه تركيا، خلال الفترة الأخيرة.

من ناحية أخرى، أدرج التقرير أن من ضمن التحديات التي تواجهها تركيا، التهديد الداخلي والخارجي، وخاصة من قبل حزب العمال الكردستاني، الذي يصنفه البعض في المملكة المتحدة، على استحياء، من التنظيمات الإرهابية، على الرغم من وضوح تحيزه نحو القتل بدم بارد. ومن بين التحديات الأخرى، محاولة الانقلاب الفاشلة التي تسببت في مقتل الكثير من الأبرياء، وإصابة البعض الآخر.

على صعيد آخر، احتوى التقرير على قراءة مثيرة للاهتمام حول محاولة الانقلاب الفاشلة، خاصة فيما يتعلق بالدور الذي اضطلعت به حركة غولن خلال تلك الأحداث. كما سلط التقرير الضوء على حقيقة أن أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني لم يفهموا بعد "الطبيعة والدوافع الأساسية" لحركة غولن، التي حملها الكثيرون مسؤولية الهجوم الذي استهدف النظام التركي في تموز/ يوليو الماضي. في المقابل، لم يحدد أعضاء اللجنة درجة تورط تلك الحركة في محاولة الانقلاب.

على كل حال، في الوقت الذي يبدو فيه موقف أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني غير واضح حول هذا الموضوع، ويشوبه نوع من التذبذب، اتخذ وزير شؤون أوروبا بوزارة الخارجية البريطانية، السير ألان دنكان، موقفا حاسما في هذا الصدد. فقد سبق وأن أشار دنكان في جلسة ضمن مجلس العموم البريطاني إلى أن فتح الله غولن كان له "دور حاسم" في محاولة الانقلاب الفاشلة.

بموجب هذا الاعتراف، أصبح دنكان الوزير الغربي الأول الذي يشارك الحكومة التركية رأيها، التي تحمّل حركة غولن المسؤولية الكاملة تقريبا عن محاولة الانقلاب الفاشلة. كما أفاد السير ألان إلى أن الأتراك لن ينسوا بسهولة ما حدث خلال شهر تموز/ يوليو الماضي، خاصة وأنه في ظل تلك الوقائع، كاد البرلمان التركي يحترق، فضلا عن أن الرئيس التركي كانت حياته مهددة. وقد أودت محاولة الانقلاب الفاشلة بحياة أكثر من 250 مواطن بريء.

من جهة أخرى، اتسم تقرير لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، بالغموض خاصة فيما يتعلق بالاستنتاجات حول محاولة الانقلاب الفاشل، مما قد يدفع العديد من المنتقدين إلى وصفه بأنه يحمل مواقف غير حاسمة. خلافا لذلك، لا بد من تكثيف الجهود من الأفضل للتوصل إلى الحقائق الكامنة في صلب هذه المسألة، في الوقت الذي تعمل فيه اللجنة من التحقق من الأطراف المسؤولة عن محاولة الانقلاب. إجمالا، في حال التزمت اللجنة الحذر والدقة في تحقيقاتها، فستتوصل فعلا إلى تحديد المسؤول عن الانقلاب الفاشل.

بالنسبة لتركيا، تكتسي هذه القضية أهمية بالغة، وتعتبر ذات أولوية قصوى. وفي هذه المرحلة، يمكن الجزم بأن طبيعة حركة غولن تبدو مبهمة للغاية، إذ لم يتضح، حتى هذا الوقت، العديد من الجوانب المتعلقة بهذه القضية، ثم إنّ موقف المملكة منها لم يُحدد بعد.

وفيما يتعلق بالأحداث التي شهدتها تركيا عقب الانقلاب، فقد أكد التقرير على وجوب اتخاذ تركيا التدابير اللازمة خلال تعاطيها مع التهديدات الأمنية التي تواجهها حاليا. عموما، تبنى هذا التقرير لهجة مختلفة عن التي تستعملها الجهات الفاعلة الرئيسية في أوروبا تجاه تركيا.

وفي هذا السياق، شددت المملكة المتحدة في تقريرها الصادر عن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، على التزامها بالعلاقات التي تربطها بتركيا، كما اعتبرت أنقرة بمثابة حليفا لها في الوقت الذي تنتهج فيه الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، سلوكا معاديا لتركيا. علاوة على ذلك، أكد التقرير على تاريخ وأهمية العلاقات بين المملكة المتحدة وتركيا، على الرغم من أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول الأوروبية وتركيا، قد تدهورت في الفترة الأخيرة. كما أخذ التقرير بعين الاعتبار فرص العمل المشترك، خاصة في مجال التجارة والدفاع بين المملكة المتحدة وتركيا.

وفي شأن ذي صلة، كشفت إحدى الشركات البريطانية أنه "لا يمكنها إخفاء أن هذا الأمر يبعث فيها روح الحماسة والتشجيع. وكمؤيد وفخور بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، من الجميل أن ترى أنه لدى بلادها الشجاعة كي تواصل وحدها، وتفصح عما تفكر به تجاه أوروبا. وعلى الرغم من أن توجهات المملكة ليست دائما صائبة، إلا أنه، وفيما يخص علاقاتها وروابطها مع تركيا، فهذا ما يجب القيام به".

وفي السياق ذاته، أدرجت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني هذه الاعترافات، ضمن تقريرها، مع العلم أن هذه الشركة الناجحة والبارزة قد منحت فرصا هائلة لكلا البلدين. وفي إطار الشراكة والتعاون بين البلدين، أبرمت بريطانيا وتركيا اتفاقية دفاعية بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني (125 مليون دولار)، تُعنى بتطوير طائرات مقاتلة للقوات الجوية التركية. ومن شأن هذا القرار، أن يعزز الروابط الثنائية بين البلدين، ويؤمن حدود كلاهما.

والجدير بالذكر أن المستوى الحالي للتجارة بين البلدين في طريقه إلى النمو أكثر، وبسرعة أيضا. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من قطاعات التعاون الأخرى، التي غالبا ما يتم تجاهلها. ولهذا السبب، التزمت تركيا بالقيام بتحسينات عميقة في مجالي التعليم والرعاية الصحية. ومن جهتها، تستعد المملكة المتحدة لتقديم يد المساعدة في المستقبل.

ووفقا لما ورد في تقرير لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، فإن هناك العديد من الأسباب التي تجعل من تركيا "شريكا أساسيا" في العالم الحديث. ولذلك، كل ما تهم به المملكة، بدرجة أولى، خلال فترة ما بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هي المسائل المحورية في علاقتها بتركيا وبقية البلدان الأخرى.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس