بهاء الدين فوزي - ميديل إيست مونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس
ما فتئت تركيا- التي تقع استراتيجيًا بين أوروبا وآسيا- تزيد من تعاونها تدريجيًا مع قطر، وهي دولة سنية عربية في الخليج، وقد اتخذ ذلك شكلًا من أشكال المواءمة. وفي حين يتعلق السبب الرئيسي للتقارب من جانب تركيا في رؤيتها بأن تصبح القوة الرئيسية التي يمكن أن يُحسب لها حساب في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، فإن أسباب قطر مختلفة. فإلى جانب حماية سيادتها، تحتاج قطر إلى تركيا في مشاريعها الجيوسياسية الكبرى من أجل ضمان مكانة البلاد في الشرق الأوسط الكبير باعتبار تركيا لاعبًا دوليًا هامًا.
إن جميع دول الخليج العربية باستثناء العراق هي ممالك سنية، وهي سمة كانت منبرًا لمصالحهم وسياساتهم المشتركة في المنطقة. ومع ذلك، يبدو أن قطر تتخذ خطوات متزايدة لا تتماشى مع باقي دول الخليج.
وعلى الرغم من كونها دولة ملكية، فإن قطر تدعم بشكل علني جماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة تعزز الديمقراطية الإسلامية، في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ترى قطر أن فروع الحركة في المنطقة هي وسيلة للتأثير على نفوذ قطر دوليًا والتنافس مع اللاعبين الإقليميين الآخرين.
وعلاوة على ذلك، على الرغم من أنه يُنظَر إلى جماعة الإخوان والجماعات المرتبطة بها كمسبب رئيسي لمشاكل سياسية للنخب الحاكمة في مصر ودول الخليج العربية، يُعتبر التزام قطر بالحركة سياسة تأمين ضد المعارضة السياسية داخل الدولة الصغيرة. وعلى الرغم من أن دعم قطر للإخوان شمل عددًا من المنفيين من الإخوان الباحثين عن الأمان في قطر، إلا أن الضغط الذي فرضته السعودية ودول الخليج الأخرى أدى إلى طلب الحكومة بالدوحة من العديد منهم مغادرة البلاد.
وتدعم تركيا أيضًا جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث يدعم حزب العدالة والتنمية الحاكم مزيجًا من الديمقراطية والإسلام مثل تلك الحركة الإسلامية. وقد أخبر رئيس تركيا رجب طيب أردوغان منفيي الإخوان المذكورين آنفًا الذين اضطروا إلى مغادرة قطر بأنهم سيجدون المأوى في بلده.
وإلى جانب عامل الإخوان المسلمين، توحِّد الحرب في سوريا بين تركيا وقطر. حيث تسعى تركيا إلى هزيمة الدكتاتور السوري بشار الأسد من أجل تمهيد الطريق لتشكيل حكومة ديمقراطية جديدة في دمشق من شأنها أن تكون أقل عدائية تجاه أنقرة. ويواجه هذا الطموح تحديًا للدعم الروسي والإيراني للأسد. وأيضًا تريد قطر هزيمة الأسد، وترعى نفس الجهات الفاعلة في الصراع السوري كتركيا؛ لأنهما على ما يبدو شريكان مثاليّان في هذا المشروع.
وتواجه الدولتان عدة تهديدات إقليمية متشابهة؛ وتدعمان نفس المنظمات الإقليمية؛ وترعيان نفس الجهات الفاعلة في سوريا؛ وتتقاسمان جداول أعمال متشابهة في سوريا وليبيا ومصر وأماكن أخرى. ولذلك، فمن الطبيعي أن تعملا معًا بشكل وثيق. وإن افتتاح قاعدة عسكرية تركية في قطر قبل عام لدليل على هذه الشراكة الطبيعية.
تتيح هذه القاعدة لتركيا إمكانية الوصول المباشر إلى الخليج، وتأخذ خطوة إلى الأمام في طموحها بتحويل وجودها من لاعب عسكري إقليمي إلى قوة عسكرية إقليمية في الشرق الأوسط الكبير. وبذلك تكسب قطر- التي تعتمد تقليديًا على المملكة العربية السعودية في أمنها- المزيد من الأمن والاستقرار من هذا التوافق والتعاون مع تركيا. وهذا يعطي قطر خيارات أخرى عندما تضغط الرياض على الدوحة لاتخاذ خطوات طويلة الأجل لمستقبلها، بما في ذلك وضع حد لدعمها للإخوان المسلمين. لذلك تسمح العلاقة مع تركيا لقطر بتقليص اعتمادها على المملكة العربية السعودية.
وفي الختام، يمكن القول بأن التعاون العسكري بين تركيا وقطر والتحسين العام في العلاقات بين البلدين سيسمح لقطر بالمناورة الإقليمية مع المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر، حيث أن تلك الدول غير سعيدة ببعض أو كل السياسات الإقليمية للدوحة. وتأمل قطر- من خلال الحوار الوثيق مع تركيا غير العربية- إلى الحد من تدخل جيرانها العرب في شؤونها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس