شعبان عبد الرحمن - خاص ترك برس

كثير من الناس من  يعرف فيتنام  ، تلك البلاد الصغيرة التي أدهشت العالم بمقاومتها العنيدة للاستعمار وهزيمتها لإمبراطوريات عظمى كاليابان وفرنسا والولايات المتحدة في حرب متعددة، ،وصار شعبها الذي قدم تضحيات كبيرة رمزًا لتحرّر الشعوب من هيمنة الإستعمار الغربي.

لكن  قليلا من الناس  من يعرف عن تاريخ المسلمين في تلك البلاد "فيتنام"!ودولتهم (إمارة تشامبا) التي نشأت في جنوب فيتنام واستمرت على امتداد أربعة قرون ، أقامت خلالها حضارة ، وسطرت علي أرضها ملاحم بطولية خلال مقاومتها لزحف الوثنيين والبوذيون ، ثم الاستعمار الياباني و الفرنسي  والأمريكي ، وأخيرًا الشيوعية، وظلت صامدة  من القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر الميلادي، حين تغلبت عليها تلك القوى الاستعمارية وأسقتطها عام 1823م.

و"فيتنام" هي اسم لدولة تقع في جنوب شرق آسيا .. تحدها من الشمال الصين ومن الغرب لاوس وكمبوديا ويحيط بها بحر الصين الجنوبي من جنوبها وشرقها.

وكلمة " فيتنام " تعني باللغة الفيتنامية" جنوب النهر".. والنهر المقصود هنا هو  "نهر ميكونغ" الذي يمتد عبر البلاد .

وقد جري علي اسمها بعض التعديلات وفق رغبة الامبراطو الحاكم  في ذلك الوقت ، ففي سنة 1839م (القرن التاسع عشر ) عدل الإمبراطور «منه مانغ» اسم الدولة إلى «داي نام» (أي الجنوب العظيم)، ثم عاد الاسم مرة أخرى إلى «فيتنام» رسمياً عام 1945 م.(القرن العشرين).

 هي دولة زراعية تكثر فيها الدلتات الخصبة  في الشمال وتتمتع بمناخ استوائي وتكثر فيها الجبال أيضا ...عاصمتها هي مدينة "هانوي" ، وتضم 63  محافظة وست بلديات، تخضع جميعها لحكومة مركزية واحدة، وتبلغ مساحتها 331689كم مربع، فيما يبلغ عدد سكانها حوالي 102.50 مليون  وفق تعداد عام 2025 م ومن المتوقع أن يصل إلى  103.70 مليون عام 2026م ،وتُعد مدينة "هو تشي منه " التي يقطنها حوالي 10 آلاف نسمة والواقعة في الجنوب ، هي العاصمة الاقتصادية للبلاد.. ( من ويكيبيديا الموسوعة الحرة – صفحات متفرقية ).

حروب من أجل الاستقلال

وقبل ان نتناول المحطات الرئيسية من تاريخ الإسلام على أرض دولة تشامبا المسلمة (إمارة تشامبا) في فيتنام ،نتوقف قليلا  أمام تاريخ فيتنام نفسها  قبل أن يصلها الإسلام وبعد وصوله ثم زوال دولة تشامبا المسلمة في القرن العشرين  والظروف التي أحاطت بذلك .

فقد خاضت فيتنام  ثلاثة  حروب في القرن العشرين  ضد القوى الاستعمارية الكبري التي احتلت أراضيها ، وتمكنت من هزيمتهم بعد أن قدمت  ملايين القتلي والجرحي في أتون تلك  الحروب المتعاقبة :

ففي عام 1945م ومع نهاية الحرب العالمية الثانية أقدمت اليابان علي غزو فيتنام ، فهب الشعب الفيتنامي  لمقاومة ذلك الغزو ، وتمكن من هزيمته بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية  .
وبين عامي 1954م -1946م خاضت فيتنام حرب مقاومة شرسة  ضد الاستعمار الفرنسي الذي حاول احتلالها ولكن دون جدوى، فاضطرالجيش الفرنسي  إلى إنهاء هذه الحرب وتوقيع اتفاقية صلح معها في مدينة جنيف السويسرية وذلك  بعد ثماني سنوات دامية من الحرب ،وكان من نتائج هذه الاتفاقية تقسيم فيتنام إلى دولتين : إحداها في الشمال "فيتنام الشمالية" والثانية في الجنوب "فيتنىام الجنوبية" .

 ثم قامت الصين والاتحاد السوفيتي بدعم فيتنام الشمالية ( الشيوعية  ) بينما قامت الولايات المتحدة بدعم فيتنام الجنوبية الأقرب للمعسكر الغربي ، مما أدى إلى نشوب صراع تطور إلي  حرب جعلت من فيتنام مسرحاً لاستعراض القوتين الكبريين وميدانا لتلك الحرب ، وقد  دفع الفيتناميون ثمن هذه الحرب التي انتهت بانسحاب الولايات المتحدة في مارس عام  1973م  من العاصمة السابقة سايغون (هو تشي منه حاليا) ،فسقطت  في  30 /4/ / 1975م في قبضة الغزو الشامل لقوات فيتنام الشمالية وقوات "الفيت كونغ " (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام المعروفة باسم فيت كونغ (Việt cộng)  وهي حركة مقاومة فيتنامية مسلحة ،بدأت في الجنوب ، ونشطت بين عامي 1954م —1976م ) وأصبحت فيتنام الجنوبية خاضعة لسلطة الحكومة الثورية الانتقالية الشمالية ، وهو ما أدى في النهاية  إلى توحيد فيتنام في 2/7/ 1976م وإعلان  "جمهورية فيتنام الاشتراكية "الموحدة التي نعرفها اليوم ولم يكن يوم  30 أبريل 1975م  يوما عاديا في التاريخ الفيتنامي، فقد انتصرت فيه فيتنام الشمالية آنذاك، وأُعيد توحيد شطري البلاد بعد حربين مع إمبراطوريتين،( فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ) أودتا بحياة نحو مليوني فيتنامي، وفقدت فرنسا كامل نفوذها تقريبا بالمنطقة، بينما خسرت الولايات المتحدة نحو 58 ألف جندي و120 مليار دولار  .

معقتدات متباينة وعقيدة ملحدة

تعد فيتنام من حيث المعتقد وبحسب الأيديولوجية الشيوعية دولة ملحدة ،  ويعد الدين الفيتنامي الشعبي، وديانة الماهايانا البوذية ، هما أكبر ديانتين في فيتنام من حيث عدد الأتباع، ( هكذا حولوا معتقداتهم الباطلة  الى ديانات !)، ووفقاً لمركز بيو للأبحاث 2020م (مركز أبحاث أمريكي غير حزبي، تأسس في عام 2004 م في العاصمة واشنطن ، يُقدم معلومات عن القضايا الاجتماعية والرأي العام والعوامل الديموغرافية التي تلف الولايات) ..  فإن حوالي 45% من السكان يتبعون الديانة الفيتنامية الشعبية، ويتبع حوالي 16.2% من السكان البوذية وحوالي 29.9% منهم لا ينتسبون لأي دين (وترد نسبة الملحدين في بعض المصادر أعلى مما ذكر بكثير)، ، كما يتبع الدين الإسلامي نسبة أقل من 1% .ويتبع حوالي 8.4% من السكان كلا من :النصرانية واليهودية والهندوسية بنسب متساوية ،وهناك أقلية كبيرة من المسيحيين الكاثوليك ، والمذاهب المسيحية الأخرى مثل البروتستانتية.. إضافة إلى البوذية ، وديانة "هوا هاو"، وديانة "الكاودائية التوفيقية".

ووفقًا لإحصاءات اللجنة الحكومية للشؤون الدينية الفيتنامية ، فإنه حتى عام 2018م  شكل البوذيون 14.9% من مجموع السكان، وشكل المسيحيون 8.5% (الكاثوليك 7.4%  والبروتستانت 1.1%)، و"الهاهاو البوذيون" 1.5%، و"الكاودائيون" 1.2%، أما المذاهب الأخرى مثل الهندوسية والبهائية فهي تمثل مجتمعة أقل من 0.2% من السكان.

وشهدت المعتقدات الشعبية (عبادة الأسلاف والآلهة)، غير المشمولة بالإحصاءات الحكومية، شهدت إحياءً منذ ثمانينيات القرن الماضي .

 ملحوظة :" تم  التدخل من الكاتب بتغيير بعض الكلمات التي تتصادم مع العقيدة الإسلامية مثل :ديانة البوذية وديانة هوا هوا وديانة ...فالتعبير بكلمة " الدين " يكون خاصا بالدين المنزل من عند الله سبحانه وتعالى مثل : الإسلام واليهودية والمسيحية.

 وازداد نشاط التنصير  بالمسيحيَّة من قبل المنصرين الفرنسيين والإسبان والدومينيكان القادمين من جزر الهند الشرقية الإسبانية في القرنين التاسع عشر والعشرين، وإلى حد أقل، من قبل المنصرين الأمريكييّن البروتستانت ،خلال حرب فيتنام.. في تلك الآونة بدأت قصة فيتنام مع الإسلام ، في مدينة  " هوتشي منه " بمواطنيها المسلمين ومساجدها ، حيث كاىنت الخطوات الأولى لوصول الإسلام إلى فيتنام. ..

نتناول هذا الموضوع بالتفصيل.

عن الكاتب

شعبان عبد الرحمن

كاتب مصري – مدير تحرير مجلة المجتمع وجريدة الشعب - سابقاً


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس