نوح ألبيرق - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
كل عملية عسكرية تستهدف مجرم العصر بشار الأسد هي تطور إيجابي بالنسبة لنا، لكن اعتبار هذه العملية "نتيجة رد فعل إنساني أبداه ترامب غضبًا على المجزرة في إدلب"، سيكون رأيًا سطحيًّا للغاية. لأن السياسة الخارجية الأمريكية تُصاغ وفق المصالح القومية، وليس ردود الأفعال الإنسانية.
ومن هذه الناحية، أعتقد أن العملية جاءت كمبادرة تم التخطيط لها بشكل دقيق للغاية، والولايات المتحدة أطلقت مرحلة جديدة من التحركات، التي ستقوم بها في سوريا، بعد أن بقيت محاصرة طويلُا في الحزام الذي يزمع حزب الاتحاد الديمقراطي إنشاؤه في شمال سوريا.
وللولايات المتحدة، مع الأسف، نصيب من المجزرة الوحشية التي ارتكبها الأسد في إدلب. فترامب صرح، قبل المجزرة مباشرة "لا يمكننا التركيز على رحيل الأسد في سوريا، كما فعلت الإدارة السابقة. الشعب السوري هو من يقرر مصير الأسد". النظام السوري فهم من التصريح أنه يطلق يده ليوغل في دماء الأبرياء وارتكاب المجازر، ومنه استمد الجرأة لتنفيذ هجوم إدلب المخيف.
وبينما كان الحال يسير على هذا المنوال، من الصعب جدًّا الاقتناع بصدق تغير موقف ترامب تجاه الأسد والنظام بعد الهجوم الكيماوي على إدلب. لو كان القتلى من الأطفال يعنون شيئًا بالنسبة لأمريكا حقًّا فلماذا استمر قتلهم على مدى ستة أعوام.
وبالنتيجة ليس هناك أي سبب يدعو إلى التصديق بأن هذه العملية جاءت نتيجة رد فعل إنساني لحظي صدر عقب المجزرة في إدلب.
على سبيل المثال، أليس وقوع العملية، قبيل لقاء ترامب بنظيره الصيني، والحديث عن تأثيرها على كوريا الشمالية أكثر من سوريا نفسها، أمر ذو مغزى برأيكم؟
والقول إن لإسرائيل دورها في الضربة الأمريكية، هل هو مجرد بارانويا؟
يبدو أن ترامب يسعى إلى ضرب عدة عصافير بحجر واحد.
من المؤكد أيضًا أن هذه العملية لم تأت استجابة لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، "نأمل أن لا يبقى رد فعل ترامب كلاميًّا، ننتظر أفعالًا".
لأن أردوغان طلب في سياق دعوته اجتماع كل قوات التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة، لمعرفة العدو من الصديق في المنطقة، حتى يتم التحرك بناء عليه.
من جهة أخرى، قال ترامب في تصريح خلال الضربة الصاروخية، "أدعو جميع البلدان المتمدنة إلى الانضمام إلى الولايات المتحدة من أجل إيقاف المجازر وكل أنواع الإرهاب في سوريا".
إذًا لنبدأ بحزب الاتحاد الديمقراطي.
المهم بعد هذه الضربة أن يكون موقع الولايات المتحدة متناسبًا مع مقولة ترامب التي أطلقها من واشنطن "لوقف كل أشكال الإرهاب".
وفي هذه الحال، لتتفضل أمريكا وتبدأ مكافحة شاملة لجميع التنظيمات الإرهابية، التي تزعزع السلام في سوريا، وعلى رأسها تنظيم داعش، وحزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي والحشد الشعبي.
تركيا تقوم بهذه المكافحة فعليًّا، وتسلم البيوت إلى أصحابها الأصليين في المناطق التي يتم تطهيرها من التنظيمات الإرهابية. وهي تريد أن يعم هذا الحال على سوريا برمتها.
تركيا هي الوحيدة التي اتبعت سياسة إنسانية في الملف السوري منذ اندلاع الأزمة، فيما تحركت أمريكا وروسيا وإيران والبلدان الأخرى بدافع المصالح القومية. وفي الحقيقية عندما تنظر هذه البلدان أحيانًا من وجهة نظر إنسانية تضطر للاعتراف بصحة السياسة التركية المطالبة برحيل الأسد وإنشاء مناطق آمنة، إلا أن ذلك يبقى مجرد كلام، لأن غايتها الحقيقية لم تكن وحدة وسلام سوريا. من يريدون السلام حقًّا لسوريا يدعمون السياسة التركية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس