ناجيهان ألتشي - صحيفة ملليت - ترجمة وتحرير ترك برس
استمتعنا بمشاهدة الكرة الأرضية من السماء ونحن نقطعها من أقصاها إلى أقصاها، لنحط الرحال مساء الاثنين في العاصمة الأمريكية واشنطن. الكل كان مرهقًا، لكن أهمية الزيارة كانت تبعث في أوصال الجميع حماسة وحيوية كبيرين.
اللقاءات مع الرؤساء الأمريكيين كانت دائمًا تتمتع بمكانة خاصة، لكن الاجتماع هذه المرة يتسم بأهمية استثنائية. الشرق الأوسط على صفيح من نار، والمنطقة المجاورة لنا يعاد رسم خريطتها. ليس الشرق الأوسط فحسب، بل إن الداخل الأمريكي أيضًا يغلي ويفور.
ترامب رئيس غير اعتيادي ومثير للجدل. ومن يعرفون دقائق السياسة الأمريكية بشكل جيد يقولون إن الفجوة بين الدولة والرئيس لم تكن واسعة في يوم من الأيام إلى هذا الحد. ولذلك فإن الولايات المتحدة أعلنت أنها ستقدم السلاح لوحدات حماية الشعب، لكن ما دور ترامب في هذا القرار؟
هناك محوران رئيسيان لقمة ترامب أردوغان. الأول وطبعًا الأهم، هو قوات حماية الشعب وسوريا. إذا نظرنا إلى تصريحات الزعيمين نرى أن ترامب لا يريد خسارة حليف مثل تركيا. وبطبيعة الحال لم يكن من المنتظر أن يحدث تغييرًا جذريًّا في سياسته الخاصة بقوات حماية الشعب، لكن كانت الأحاديث تدور عن تقديم عروض من قبيل ضمانات لتركيا بخصوص عدم تشكيل خطر عليها، وإعداد قائمة جرد من أجل الحيلولة دون حصول حزب العمال الكردستاني على الأسلحة المقدمة لوحدات حماية الشعب، ثم جمع الأسلحة بعد عملية الرقة بحسب القائمة المذكورة، وتبادل المعلومات مع أنقرة بهذا الخصوص.
تشير تصريحات الزعيمين بعد اجتماع القمة إلى أن الولايات المتحدة لا تنوي إجراء تغيير جذري في سياستها بخصوص وحدات حماية الشعب، إلا أنها قدمت ضمانات إزاء أي تهديد يستهدف تركيا.
المحور الثاني للقمة هو الموقف الأمريكي من فتح الله غولن وأتباعه. وفي هذا المجال كانت الآمال أكبر بتغيير الموقف.. لا أحد ينتظر أن تسلم الولايات المتحدة غولن بين ليلة وضحاها. فترامب بطبيعته مثير للجدل ولهذا لا يريد إثارة زوبعة جديدة بتسليم غولن دون انتظار قرار القضاء. لكنه قد يكون أقدم على خطوة لإظهار حسن نيته. بدوره، أكد أردوغان على حساسية الولايات المتحدة إزاء تهديدات التنظيمات الإرهابية المختلفة ضد تركيا.
القضية الأهم حاليًّا في الولايات المتحدة هي من سيرأس مكتب التحقيقات الفيدرالية. يدرس ترامب المرشحين، ومن بينهم سيناتور تكساس جون كورنين، المقرب جدًّا من الرئيس. فإذا استلم كورنين رئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالية قد يصدر قرارًا بفرض إقامة جبرية على غولن. وقد تظهر الولايات المتحدة الأمريكية حسن نيتها في هذا الخصوص. وبهذا قد يكون ترامب قد حقق التوازن في ملف وحدات حماية الشعب من خلال الخطوات التي سيقدم عليها في ملف غولن.
تحدث أردوغان عن الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في المنطقة وسوريا على وجه الخصوص، وحاول إقناع ترامب بخطورة اقتران اسم الولايات المتحدة مع تنظيمات إرهابية من قبيل حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب.. أما ترامب فقدم ضمانات لأمن تركيا وأكد على أهمية الوصول إلى حل في سوريا بالنسبة للمنطقة.
وباختصار، منذ مدة وتركيا متهمة بأنها تبتعد عن الغرب، وتصطدم بالولايات المتحدة الأمريكية. تظهر هذه القمة عدم وجود مثل هذا التوجه لدى تركيا، التي تواصل إيلاء اهتمام خاص بعلاقاتها مع الولايات المتحدة والناتو.
أما الولايات المتحدة فهي تريد التأكيد دائمًا على أن وزن ودور تركيا في المنطقة كبيران ولا يمكن التفريط بهما بالنسبة لمستقبل الشرق الأوسط.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس