مارك . تي . جونز - أفريكا نيوز ديسك - ترجمة وتحرير ترك برس
من بين علامات الصداقة الحقيقية أن يقف الصديق إلى جوار صديقه في أحلك الأيام. وإذا تحدثنا في هذا المقام عن الصومال التي شهدت أياما مظلمة، سنجد أنها وجدت ذلك الصديق الذي يدعمها وقت الضيق.
لم تتوقف معاناة الصومال عند الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والمجاعة، بل طالتها الأنشطة البشرية الشائنة. وقد عودت هذه المعاناة الصوماليين على الجلد والصبر، لدرجة أن الاعتماد على الذات أصبح ضروريا للبقاء على قيد الحياة. وإلى جانب الصمود الداخلي، وروح العزيمة لدى الشعب الصومالي، كان هناك عدد قليل من الدول التي أثبتت أهميتها كأصدقاء، وكانت تركيا على رأس هذه الدول.
وفي الحقيقة، لا ينبغي لنا أن نفاجأ من ذلك على الإطلاق، لأن هناك بعض أوجه الشبه بين الصومال وتركيا. أولها هذا الرابط الذهبي الذي يقدمه الإسلام. وهو أمر ذو أهمية خاصة في هذا الوقت من رمضان. كانت الروح الأخوية موضوعا لعدد لا يحصى من الإشارات في الخطب. وهو أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الصوماليين يشعرون بالراحة للدراسة في تركيا، وتتزايد بالفعل أعداد الدارسين الصوماليين هناك. كما أن الروابط التاريخية التي تعود إلى العهد العثماني تستمر أيضا في الظهور في الذاكرة، حيث تبدو العلاقة إيجابية إلى حد كبير.
ينظر إلى تركيا في مقديشو على أنها أكثر من مجرد بلد مطبوع على الخير، بل ينظر إليها على أنها في الطليعة عندما يتعلق الأمر بالدول التي تقدم المساعدة في إعادة إعمار الصومال. تركيا ليست بلد سخيا بالكلمات، بل بلدا سخيا بأعماله. مست المساعدات التركية قلوب الغالبية العظمى من الصوماليين، وساعدت على إقامة رابطة ثقة لا يمكن لأي بلد آخر أن يصل إليها.
وبينما كان الآخرون يبدون سخاءهم بمجرد كلمات دافئة، تطابقت أفعال تركيا مع كلماتها. وقد استفادت المدارس والمستشفيات ومشاريع البنية التحتية بل والأسواق كلها بفضل سخاء تركيا وبصيرتها. وأدت تركيا دورا فعالا في تحقيق هذه الأهداف لمدة طويلة، ولهذا فقد فازت بالفعل بقلوب وعقول الصوماليين. وقد أثبتت الرحلات الجوية المنتظمة من تركيا إلى الصومال وجود صلة نفسية ومادية مهمة مع العالم الأوسع.
ومع أن تركيا تحتل المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كثالث أكبر مانح للمعونة، فإنه ينظر إليها في عيون الصوماليين على أنها الأولى في روح الدعم التي تقدمها. إن عاطفة المودة التي يبديها الصوماليون تجاه تركيا عميقة للغاية، وهذا أمر رائع كما يمكن أن يكون مثيرا للقلق أحيانا. يحظى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشعبية في الصومال لا يستطيع معظم زعماء العالم أن يحلموا بها. وهذا التقدير الذي تحظى به تركيا من جانب الصوماليين قد يكون خطرا حقيقيا يتمثل في فقدان أي موضوعية حقيقية.
وقد أثبتت تركيا بالفعل أنها صديق رائع الصومال، ولكن لا ينبغي أن تكون أبعد من اللوم. المعونة دائما إشكالية، مفعمة في كثير من الأحيان بالتوقعات والافتراضات. وسواء كان كرم تركيا يستند إلى الإيثار، فإنني لست في وضع يسمح لي بأن أشكك في دوافع تركيا.
وحيث أن الصومال بدأت تستعيد توازنها مرة أخرى، فإنها سوف تحتاج أصدقاء مثل تركيا لمساعدتها على النهوض بأسرع ما يمكن، وخاصة فيما يتعلق بالابتكار والتصنيع. يمتلك الأتراك ثروة من الخبرة فيما يتعلق بإنتاج الطاقة ومشاريع البنية التحتية، ويمكن أن يكونوا في وضع جيد لتطوير قطاع الفاكهة الصومالي ،وربما يساعدون على إحياء إنتاج القطن في الصومال والمناطق المجاورة. في مجالات محو الأمية والصحة هناك الكثير الذي يمكن أن تتعلمه الصومال من تركيا. ومن المهم بنفس القدر أن تكون الصومال في وضع يمكنها من تعليم أصدقائها الأتراك شيئا أو اثنين، لأن ذلك سيحقق الاحترام الدائم الذي تستحقه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس