سمير صالحة - الشرق الأوسط
يقول الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اردوغان ان " عقلا فوقيا " دخل على الخط لتوجيه اكراد سوريا في حربهم مع تنظيم داعش ، والمعني طبعا هنا هو الولايات المتحدة الاميركية التي تفاوضه على كل صغيرة دون ان تصل الى ما تريد بسبب التفاصيل الدقيقة والمملة التي يطرحها الرئيس التركي وتغضب الادارة الاميركية .
منذ اشهر والإعلام الايراني يشن حملة مركزة ضد تركيا تحت ذريعة دعمها وتمويلها لجماعات الارهاب الجهادية وعلى رأسها داعش دون ان يضع بين يدي المجتمع الدولي اي دليل وبرهان . التصعيد الايراني هذا لا يمكن ان يكون سوى حلقة من مشروع التقارب بين طهران وواشنطن وخطوة تساعدهما على الانفتاح طالما ان لغتهما وادواتهما بدأت تتوحد في الأشهر الاخيرة .
تنقل قائد قوات فيلق القدس في الجيش الايراني قاسم سليماني على طريق اربيل الموصل ودوره التنسيقي في توجيه جبهات القتال والحرب ضد تنظيم داعش على محور الجبهة العراقية التي تصل الى مئات الكيلومترات بالتعاون مع قوات الجيش العراقي والبشمركة الكردية في المنطقة يؤكد حقيقة ان ايران تتحرك على الارض عسكريا ولوجستيا بمعرفة واشنطن قبل غيرها حتى لا نقول انها تتحرك بالتعاون والتفاهم معها طالما ان انقرة تصعد وتتعب الجميع بشروطها ومطالبها وتصلبها اللامتناهي .
ما لا يعرفه عبد الله اوجلان ان قيادات العمال الكردستاني ومنظومة المجتمع الديمقراطي وشباب الهيئات الشعبية الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا لم تعد تأتمر منه وهي على اتصال يومي بطهران وواشنطن اللتين تنسقان معها عبر وسطاء وشركاء اخرين في الشام وبغداد وان فتح الأبواب على وسعها امام صالح مسلم رئيس الاتحاد الديمقراطي الكردي حلقة في هذا التحول . اوجلان بات ورقة خاسرة بيد انقرة الخاسر الاقليمي كما ترى هذه الدول .
اميركا وايران يريدان الرد على تصلب اردوغان والفرصة المتوفرة الان هي لعب الورقة الكردية التي باتت متداخلة ضده .
التفاهم الاميركي الايراني يخدم مصالح الطرفين الاقليمية والدولية طالما ان تركيا لا تتزحزح من مكانها وتتصلب في مواقفها وشروطها .
حرب داعش في سوريا والعراق مهد لها عملية إطلاق سراح او تسهيل هروب المئات من المتشددين والارهابيين والجهاديين في سجون دمشق وبغداد مع ان هؤلاء متواجدين في اكثر من سجن في المنطقة . ثم تم توفير السلاح " الاميركي " اللازم لهم ليعلنوا الحرب على المالكي والاسد لكن ولسخرية القدر انتقلت حربهم فجاة الى جبهات الموصل واربيل وكوباني في شمال سوريا .
التقارب الايراني الاميركي يحمل معه اكثر من فرصة لطهران وواشنطن بينها : لعب ورقة الجهاديين وداعش في المنطقة عدوهما الاول في العلن . مصالح اميركا في سوريا والعراق ولبنان واليمن باتت تحت سيطرة ايران مباشرة وهي لا بد ان تقدم لها ما تريد اذا ما كانت راغبة في حماية نفوذها في تلك البلدان .
ايران ايضا تستطيع عبر داعش وما تملكه من اوراق سياسية في هذه البلدان ان تقنع واشنطن بحل وسط في الملف النووي يرضي الطرفين ويحمل الطمأنينة لإسرائيل وهذا ما ستقدمه ايران من تنازلات في المرحلة القريبة المقبلة .
ايران الاقوى في الإقليم الى جانب اسرائيل الجاهزة لتغيير موقفها حيالها بعد اعادة ترتيب الاولويات والتخلص من العقد التركية والعربية قد يوفر بناء تحالف جديد لتقاسم النفوذ في المنطقة . الانتهاء من " العبىء السني " في المنطقة الذي تتحمله واشنطن ومنذ عقود واستبداله بالفرصة الشيعية التي بدأت تقوى وتنتشر هي ايضا بين البدائل التي قد تناقش قريبا على طاولة التفاهمات الجديدة .
وهذا ما سيعني قبول فكرة ابقاء الاسد في السلطة للمرحلة المقبلة وعدم اسقاطه بالقوة بل عبر عملية التغيير والتفاهم بين طهران التي تتحدث عن الامن الاسرائيلي المرتبط ببقاء الاسد اوإبعاده في إطار تسوية يتفق عليها بعد التخلص من الحاجز التركي . ثم بعد ذلك يتم التفاهم الجديد حول اطالة عمر الحرب ضد داعش للعب ورقتها في تغيير خرائط وحدود اهمها حدود الدولة الكردية في المنطقة التي لا علاقة لاكراد ايران بها طبعا .
اقناع روسيا بقبول هذه الخيارات الجديدة طالما انها تأخذ ما تقوله وتريده بعين الاعتبار وتوفر لها تمدد استراتيجي في القوقاز والبلقان وجمهوريات اسيا الوسطى يأخذ مكانه . بين الاحتمالات ايضا اردوغان يزعج الكثيرين بشطحاته بين الحين والآخر وبتطاوله على احلامهم حتى من خلال اختراقه لها وتحويلها الى كوابيس مرعبة . لا بد من وضع حد لهذه الحالة الا يوجد من يستطيع اقتحام المربع الأمني الاول المحيط به للقيام بهذه المهمة ؟
خبراء اتراك يقولون ان افضل وسيلة لإزالة رائحة البصل من الايادي هي فركها جيدا بالملح المبلل بالمياه وبعد ذلك استخدام مسحوق يطري الجلد. لكل شيء ثمنه اما ان لا تتورط بعملية تقشيرالبصل وتقطيعه لوضعه في الطعام وأما ان تقبل تحمل ارتدادات تحضيره وكلفتها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس