كورتولوش تاييز - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
قررت حكومة إقليم شمال العراق، بزعامة مسعود بارزاني، التوجه إلى استفتاء شعبي على الاستقلال في 25 سبتمبر/ أيلول. السؤال الذي طرح نفسه من جديد، عقب القرار الذي عارضته تركيا، هو "هل بارزاني شريك موثوق؟".
لنعد إلى البداية: بدأت المرحلة التي أوصلت بارزاني إلى اتخاذ قرار الاستفتاء على عجل، مع تعرض حكمه في المنطقة إلى الخطر. تقدم تنظيم داعش نحو أربيل عام 2014 وضع حكومة بارزاني أمام منعطف حرج. وتحت تهديد داعش، تمركز حزب العمال الكردستاني والقوى الموالية لإيران في المناطق التابعة لبارزاني. أتاح داعش الإمكانية لسيطرة حزب العمال الكردستاني على قضاء سنجار، ومن هناك أصبح يشكل تهديدًا على حكم بارزاني.
حافظت الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران على علاقاتها مع بارزاني من جهة، وعملت على تقوية بقية الجهات الفاعلة في المنطقة (حزب الاتحاد الوطني بزعامة طالباني، وحركة غوران، وحزب العمال الكردستاني) من جهة أخرى.
لا ينوي الغرب منح بارزاني حصة كبيرة من "كردستان الكبرى" المزمع إقامتها. وهناك الكثير من الأسباب لذلك، أهمها أن أسرة بارزاني تقيم علاقات صداقة، وليس عداوة، مع تركيا. كما أن بارزاني بنظر الغرب أقرب إلى المعسكر "الإسلامي" و"السني" من الأحزاب والتنظيمات الأخرى. ومن العوامل الهامة أيضًا رغبة الغرب بتقسيم السلطة في المنطقة للاستفادة منها بشكل أكبر.
يرغب بارزاني بتثبيت أقدامه وسلطته في "كردستان"، التي يستعد الغرب لتأسيسها، من خلال حملة "الاستفتاء على الاستقلال". بارزاني لن يكون القوة التي ستؤسس "كردستان"، غير أن ما يهمه هو أن يخسرها، أي كردستان، لصالح القوى الأخرى.
لا تشعر الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران بالحاجة إلى إخفاء عملها على إسقاط بارزاني. ويدرك الأخير هذه الحقيقة، وأن الدعم الوحيد له في المنطقة هو تركيا. وإذا استمر مسعود بارزاني في اتخاذ القرارات بمفرده سيفقد دعم أنقرة الحالي.
ويقف موقف المتربص كل من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة غوران، إضافة إلى حزب العمال الكردستاني، الذي أدخلاه بنفسيهما إلى شمال العراق. وستمارس القوى المذكورة ضغوطًا أكبر على بارزاني خلال الأيام القادمة.
لا تعارض أنقرة كثيرًا "كردستان" يسيطر عليها بارزاني، لكنها تريد أن تجري العملية بتأنٍ أكبر. هناك فراغ خطير في السلطة بالعراق، وإذا كان بارزاني غير مسيطر على الإقليم الذي يحكمه فأي دولة يعتزم إعلانها؟
أعود إلى السؤال المطروح في مطلع المقال. عند النظر إلى ارتباطات وعلاقات بارزاني السابقة، لا يبدو أنه شريك يُوثق به كثيرًا. لكن هناك حقيقة أنه في حاجة إلى تركيا أكثر من أي وقت مضى. كما أن أنقرة في هذه الأيام لا تملك فرصة طرح بارزاني جانبًا.
من المؤكد أن قرار الاستفتاء على استقلال الإقليم أدى إلى زعزعة الثقة بين أنقرة وأربيل، وهذا ما يتوجب على الطرفين إصلاحه. صحيح أن كليهما بحاجة لبعضهما البعض لكن على بارزاني أن لاينسى أنه سيخسر إن أقدم على خطوة خاطئة تجاه تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس