حليمة كوكشة - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
أكثر ما سمعناه في الأعوام الخمسة الأخيرة هو مصطلح "الحرب بالوكالة". ويعني امتناع اللاعبين الأصليين عن النزول إلى الميدان، وتسليحهم لاعبين محليين ليقوموا بالاقتتال عوضًا عنهم.
وهي في الوقت نفسه حرب استنزاف. حرب لا ينتصر فيها أي طرف، وليس فيها لا غالب ولا مغلوب. نتحدث هنا عن حرب طويلة الأمد، ينجم عنها نتائج غير متوقعة كلما طالت، وتثير الإرهاب، وتؤدي إلى مآسٍ إنسانية، ويتسع نطاقها، وتورط الأطراف الأخرى في منطقتها، وتتحول إلى وضع راهن غير قابل للحل. الجميع يحارب بواسطة الأسلحة التي يمنحها/ يبيعها اللاعبون الأساسيون. ولهذا فإن عمر الحرب لا يحدده شوق اللاعبين المحليين للقتال أو قدراتهم أو أحقيتهم، وإنما مخزونات اللاعبين الرئيسيين من الأسلحة ومصالحهم.
هذه هي الحرب السورية تمامًا. حرب استنزاف في المسار، الذي دُفعت إليه بعد 2013، يجب أن لا تضع أوزارها حتى تستمر في زعزعة استقرار المنطقة برمتها. ومن هو الطرف المستنزف فيها؟ إنه الشعب الخاسر الأول في هذه الحرب، النساء والأطفال الموجودون في مناطق أي وكيل.
وماذا عن الوكلاء؟ هل المنتصرون هم من يقاتلون في صفوف حزب العمال الكردستاني على أنهم جيش للولايات المتحدة؟ هذا ما يظنونه، يعتقدون أن هناك دولة ستؤسس لهم في نهاية المطاف، وأنهم سيكونون ربما الرابح الوحيد من الحرب في سوريا.
لكنهم مخطئون، وكما أنهم لن ينتصروا، فإن الشعب الكردي الذي يضحون به من أجل الولايات المتحدة، سيذكرهم على أنهم قطعان من الفتلة. أما النظام السوري فهو خسر منذ اللحظة التي بدأ فيها بتوجه الأسلحة تجاه شعبه. المعارضة السورية تشتتت وتبددت وهي ما تزال بعد في مرحلة الدفاع عن النفس. وهذا كان هدف من نسجوا هذه المؤامرة.
تقربت إيران من الولايات المتحدة، وعملت على إدخال ميليشياتها المسلحة إلى سوريا من خلال منطق "أمن إيران يبدأ من دمشق"، ومنذ إدخالها قواتها لم يعد أهد يذكرها لا بالثورة الإسلامية ولا بالدعم الذي قدمته إلى المقاومة الفلسطينية. وعندما تُذكر إيران الآن يتبادر إلى الأذهان الميليشيات الشيعية المجرمة.
وإذا كانت إيران في أحد أطراف الحرب الأهلية في سوريا فإن السعودية في الطرف الآخر. ويبدو في الظاهر أن إحداهما تدعم نظام الأسد، والأخرى المعارضة السورية. غير أن الأمور لا تسير هكذا.
فدعم السعودية للفصائل السلفية أدى إلى تقسيم المعارضة، بينما أتاحب إيران منذ البداية وبواسطة الأسد فرصة كسب الأراضي أمام داعش وحزب العمال الكردستاني منذ مطلع الأزمة. أما المعارضة المدعومة من قطر وتركيا فقد كانت تنزف دماءها بشكل متزايد.
هكذا سارت الأمور بعد عام 2013.
والآن تتوسع أبعاد ومجالات الصراع بين السعودية وإيران: اللاعبين الفاعلين في ملف الأزمة السورية.
شهر العسل بين الولايات المتحدة وإيران لم يدم طويلًا. وسنرى كيف ستكون نهاية الاتفاق بين واشنطن والرياض. في عهد أوباما حاولت الولايات المتحدة رفع دعاوى على السعودية بسبب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والآن تسعى إلى تطبيق سياسة محاصرة إيران عن طريق السعودية. فمتى ستتعارض المصالح الأمريكية والسعودية؟
إسرائيل هي البلد الوحيد الذي لم يتضرر من نتائج هذه المرحلة التي بدأت بالانقلاب في مصر، وتحولت إلى حرب استنزاف مستمرة في ليبيا وسوريا واليمن.
المسلمون في الشرق الأوسط يقتتلون من أجل استمرار أمن إسرائيل، التي تحقق الانتصارات دون خوض الحروب...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس