محمد كوتشاك - صحيفة عقد - ترجمة وتحرير ترك برس
شهدت العلاقات التركية-الألمانية فترات من تحالف وصراع عديدة إلى أن وصلت إلى وضعها الراهن, وخصوصاً أننا نشهد زيادة في احتداد الصراع نتيجة ارتفاع التوتر بين الدولتين خلال الفترة الأخيرة. بالتأكيد هناك خلفية تاريخية تبرر سبب وجود هذا التوتر. نظراً إلى الحقائق التاريخية والحالية، نلاخظ المنافسة الجارية بين ألمانيا وأمريكا بطرق غير مباشرة. إذ إن ألمانيا تنظر إلى تركيا على أنها تقف إلى جانب وتحت سيطرة أمريكا وإنجلترا دائماً.
في هذا السياق، يجب توضيح أن السبب الرئيس في ممارسة ألمانيا لسياسة معادية تجاه تركيا ناتج عن العلاقات الاستراتيجية الموجودة بين تركيا وأمريكا وإنجلترا.
لم تتمكن ألمانيا من السيطرة على تركيا بالشكل الذي تريده في إطار الاستراتيجية والسياسة الخارجية، إلى جانب اعتقادها بأن أمريكا وبريطانيا تُفشلان المخططات الجيوستراتيجية والجيوسياسية لألمانيا في الشرق الأوسط ودول البلقان من خلال تركيا.
أدى النزاع فيما يخص قاعدة إنجيرليك إلى زيادة التوتر في العلاقات التركية-الألمانية.
حاولت ألمانيا الضغط على تركيا وإجبارها على اتخاذ خطوة إلى الوراء من خلال نقل مسألة قاعدة إنجيرليك إلى طاولة حلف الشمال الأطلسي. لكن لم تسمح أمريكا وبريطانيا بذلك. وهذا هو السبب في قبول البرلمان الألماني مشروع أحداث 1915 على أنها "مذبحة بحق الأرمن"، وكذلك هو السبب في عدم إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول، وكذلك السبب في حماية التنظيم الإرهابي الذي يهدد تركيا داخل الأراضي الألمانية وتنمية العداوة تجاه تركيا والإسلام.
ألمانيا هي من تمنع عضوية تركيا الكاملة في الاتحاد الأوروبي باستمرار.
إضافةً إلى ذلك، إن الموافقة على طلب لجوء العناصر المتورطين في محاولة الانقلاب التي تعرضت لها تركيا ليلة 15 تموز/يوليو -إذ يوجد بين هؤلاء العناصر العديد من الدبلوماسيين والجنود الأتراك ذوي الرتب العالية- تشكل سبباً من أسباب زيادة التوتر بين أنقرة وبرلين.
يجب أن نأخذ حقائق العلاقات التركية-الألمانية التالية بعين الاعتبار:
على الرغم من وجود اختلافات كبيرة في إطار المبادئ الأيديولوجية، السياسية، الثقافية والاجتماعية بين تركيا وألمانيا، إلا أن السبب الحقيقي في عداوة ألمانيا لتركيا يعود إلى الصراع الموجود بين الدولتين على الصعيد السياسي، العسكري والاستراتيجي.
هل تنتقم ألمانيا من تركيا؟
إن النزاعات الناتجة عن ممارسات ألمانيا المناهضة للديمقراطية أظهرت نفسها مرةً أخرى قبيل عقد اجتماع قمة مجموعة العشرين.
إن عدم سماح الحكومة الألمانية لوزراء أتراك بإلقاء كلمة أمام مغتربي بلادهم في ألمانيا يُعدّ موقفاً تقيديّاً لا يليق بالأخلاق السياسية على الإطلاق.
إن موقف ألمانيا العدواني يدفع إلى التفكير بسؤال "هل تنتقم ألمانيا من تركيا بسبب قضية مطار إنجيرليك؟".
على الرغم من كل شيء لن يقدم موقف ألمانيا المتحيّز أي فائدة لها. العلاقات التركية-الألمانية تحافظ على استمرارها، وينبغي أن يحدث ذلك نظراً إلى العلاقات التاريخية والاقتصادية القوية بين الدولتين. ألمانيا تُعدّ أحد الشركاء الاقتصاديين الكبار بالنسبة إلى تركيا.
إن استمرار زيادة حجم التجارة على الرغم من توتر العلاقات السياسية بين الدولتين يشير إلى مدى قوة العلاقات التجارية بينهما.
يجب على ألمانيا والاتحاد الأوروبي أن يتخليا عن موقفهما العدواني غير المباشر تجاه تركيا. يجب اتخاذ خطوات سريعة في إطار الحوار المتبادل والعلاقات الجديدة. لأن الصراع الموجود سيؤدي إلى خسارة كلا الطرفين معا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس