مايكل بيك - ناشونال إنترست - ترجمة وتحرير ترك برس
تواجه تركيا الآن عدة معضلات في آن واحد، فهي من جهة متورطة في الصراع السوري، فضلا عن تنامي الخلافات بينها وبين المملكة العربية السعودية وإيران، علاوة على المشاكل الداخلية التي شملت محاولة الانقلاب في السنة الفارطة. وفي هذا السياق، يطرح سؤال مهم، كيف تخطط تركيا لحل كل هذه المشاكل؟
وفقا للصحافة التركية، أعلن الرئيس، رجب طيب أردوغان، أن "تركيا ستعمل على تصنيع حاملات الطائرات الخاصة بها". وقد صرح الرئيس التركي عن هذا الأمر أثناء إطلاق سفينة "كينالي أدا" من طراز "كورفيت"، أحدث سفينة حربية في تركيا والتي تعتبر رمزا لقدرة الصناعات الدفاعية في البلاد.
في الواقع، شرعت تركيا فعلا في بناء حاملة طائرات، علما بأن أشغال بناء "الأناضول"، وهي سفينة هجومية برمائية بوزن 28 ألف طن، قد انطلقت سنة 2016 ومن المقرر إطلاقها سنة 2021. كما يمكن "للأناضول" أن تلعب دور حاملة طائرات صغيرة، نظرا لأن لديها القدرة على حمل بضع الطائرات النفاثة العسكرية أو الطائرات المقاتلة من طراز أف-35 ب.
ولكن، يبدو أن أردوغان بصدد الحديث عن بناء ناقلات مخصصة لطائرات مثل تلك التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا وقريبا بريطانيا. وحيال هذا الشأن، أشار أردوغان إلى أنه "يجب علينا أن نجعل تركيا أحد قادة تصنيع السفن الحربية في العالم، وبناء حاملات الطائرات الخاصة بنا لا يعد حلما بعيد المنال".
بالفعل، تعتبر مسألة تنمية قدرة الصناعات الدفاعية من إحدى دعائم حلم أردوغان لبناء دولة عسكرية قوية. من جانب آخر، أفاد أردوغان أن تركيا تطمح إلى إنهاء تبعيتها للصناعات الدفاعية الغربية بحلول سنة 2023. وقد ادعى الرئيس التركي سابقا أن بلاده ليست سوى واحدة من عشر دول في العالم القادرة على تصميم وتصنيع السفن البحرية.
وعلى الرغم من نجاح تركيا في تصنيع دباباتها الخاصة وجملة من الأسلحة الأخرى، إلا أن براعة بناء السفن تشغل محور رؤية أردوغان. والجدير بالذكر أن بناء سفينة "كينالي أدا" يندرج ضمن برنامج "مشروع السفينة الحربية الوطنية"، الذي يهدف إلى بناء سفن لا يقتصر استخدامها على البحرية التركية فقط بل يشمل تصديرها أيضا. وفي هذا الصدد، أعلنت باكستان عن رغبتها في طلب أربع فرطاقات سيقع تصنيعها في إطار هذا المشروع.
وفي السياق ذاته، أضاف أردوغان، "لقد أنهينا تنفيذ بناء 14 سفينة بحرية، وسيتم اتباعها بعشرة مشاريع أخرى، كما سنعمل أيضا على بناء حاملة الطائرات الخاصة بنا. فنحن لدينا عزيمة لفعل ذلك ولا مجال للشك في نجاح المشروع".
ولكن لسائل أن يسأل، ما هو الهدف من تركيز تركيا على صناعة حاملات الطائرات؟
تعد حاملات الطائرات بمثابة مطارات عائمة يمكنها الرسو لفترات طويلة في أماكن لا يمكن لطائرات القوات البرية الوصول إليها. فضلا عن ذلك، فإن الأسطول التركي، الذي يضم طائرات من طراز أف-16 أس وأف-4 أس، سيبدو كافيا لعرض القوة الجوية التركية على شرق البحر الأبيض المتوسط، وبحر إيجة، والبحر الأسود، خاصة في حال نشوب صراع مع سوريا أو اليونان أو قبرص أو إسرائيل أو مصر أو روسيا.
وبناء عليه، سيكون قائد حاملة الطائرات التركية في موقف لا يحسد عليه إذا ما صدرت تعليمات تأمره بالإبحار في مجال نفوذ القوات الروسية أو الإسرائيلية، أو حتى الإبحار بسفينة حربية في مياه بحر إيجة المحدودة. وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن حاملة الطائرات التركية مخصصة لمهمة أخرى، لطالما اضطلعت بها ناقلات الطائرات، ألا وهي إبراز مدى تأثير تركيا في المنطقة.
وفي هذا السياق، أرسلت تركيا قواتها إلى قطر لدعمها في مواجهة الأزمة مع المملكة العربية السعودية. وهنا يطرح التساؤل التالي، هل أدى مرور حاملة الطائرات التركية قبالة السواحل السعودية إلى التخفيف من حدة موقف المملكة؟ ربما، ينبغي الأخذ بعين الاعتبار عدم استجابة الولايات المتحدة الأمريكية بقوة لهذا الحدث باعتباره تهديدا لحليفتها.
وحتى إن تمكنت تركيا من بناء حاملة الطائرات الخاصة بها، ألن تكون في حاجة إلى سفن حربية مرافقة لها؟ في الحقيقة، تجدر الإشارة إلى أن حاملات الطائرات تحتاج إلى سفن باهظة الثمن على غرار طرادات ومدمرات الصواريخ الموجهة لحمايتها من هجوم الغواصات والطائرات والصواريخ المضادة للسفن.
بالإضافة إلى ذلك، لا تعتبر عملية بناء سفينة حربية تزن ثلاثة آلاف طن مشابهة لأشغال بناء سفينة حربية مدرعة ذات عشرة آلاف طن. كما أن تكلفة حاملة الطائرات لا تقارن بتكلفة مجموعة السفن المرافقة والسفن المخصصة لإعادة التموين الضرورية لحماية الحاملة والحفاظ عليها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس