سمية حساني الجزائرية - خاص ترك برس
هو ليس اندفاعًا منا لمشاهدة مسلسل يحوي قصة وحكاية، نحرِّك بها عقارب الساعة لتمضي كيفما كانت، وننتهي. وليس مجرد حكاية كُتبت وعُرضت على شاشة ما لنتابعها وكفى، وليس مجرد سرد تاريخي عن شخصية أو لأحداث تاريخية تُرجمت إلى عمل تلفزيوني لأجل غرض ما، بل هو الشوق الذي ملأ القلب، لأن نكون، لأن نسترد بعضًا منا وماضينا، وآثارًا خالدةً لا تُمحى.
ذاك الشوق الذي يجعلنا نَحِنُّ لعدل عُمر، ونبحث عنه؛ فنتعلق بمن نرى فيه انعكاس بعضَ صُورته، ذات الشوق الذي يجعلنا نحنُّ لقوة خالد، لحياء عثمان، لصدق أبي بكر.
إنَّ القلبُ منا ليبكي الشَّام، ويرثي الأندلُس، ويُنادي القُدس، القدس. وآنَ الأوان له أنْ يَئن، فلا تلُم فؤادًا امتشق الدمع وكافح الألم.
إنه بداية البناء من جديد.. ليبقى حيًا وسط تلاطم الأمواج عليه في ظلِّ متغيرات المفاهيم. نَحِنُّ لخالد ينادي عُمر، فيمسك يد الصّدّيقِ ليصدحَ رسول الله بالحَياة.
عن مسلسل قيامة أرطغرل Diriliş Ertuğrul ذي الطابع الإسلامي، والذي يعد ضربة في كبد علمنة تركيا.
ذاك المسلسل الذي تربع على عرش المسلسلات الأكثر متابعة، الذي استولى على قلوبِ الملايين قبل أن يسلب عقولهم، صغارًا وكبارًا، عن المسلسل الذي دعمه أردوغان.
نعم، هذا هو فن الدراما، الاعتماد على الخيال السينمائي في توظيف الأحداث التاريخية، دون تزييف أو تشويه متعَمد، ودون بلورة الأحداث على غير ما كانت عليه، والحفاظ على الجوهر، إنها الدراما الهادفة التي يجب أن تكون.
قصة المسلسل
يُذكر أن أحداث مسلسل (قيامة أرطغرل) قامت في القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي، ما بين حلب وأنطاكية، وأرطغرل (1191م/1281م) والد عثمان الأول، أول سلاطين الدولة العثمانية، الذي سُميت الدولة العثمانية على اسمه لاحقًا، وقائد قبيلة كاي من أتراك الأوغوز، وهو الذي مهد لقيام الإمبراطورية العثمانية.
كان المسلمون يعانون من الكثير من المشاكل في تلك الفترة بسبب ضعف الخلافة العباسية، وحينها ظهر أرطغرل كبطل لهم.
بعد فترة طويلة من البحث عن أماكن تستقر به الدولة وتترعرع وتبدأ بالتمدد والإنتاج، أقام أرطغرل دولته في تلك المنطقة، وبدأ بتأسيسها، تعاني القبيلة من الكثير من الصعوبات الطبيعية والسياسية وتتعرض للمكائد ووجود الجواسيس والخونة، وتتعامل معها بطريقة تراها مناسبة على مدى حلقات المسلسل.
قام الكاتب محمد بوزداغ Mehmet Bozdağ بكتابة الحوار والسيناريو، لفتت موسيقى المسلسل أنظار الكثير، إذ إنها أتت لتناسب الجو والديكور والحقبة الزمنية التي تدور أحداث القصة حولها، ويعود الفضل في ذلك إلى (زينب الآسيا)، تم إنتاج المسلسل في مؤسسة تيكيدين، وبإشراف مدير الإنتاج فيها ميتين جوناي Metin Günay وهو الذي قام بإخراج هذا العمل إلى التلفزيون. ويقوم بدور «أرطغرل» الممثل التركي «إنجين ألتان دوزياتان Engin Altan Düzyatan».
وقد تم تصوير المسلسل في قرية ريفا Riva köy الواقعة على ساحل البحر الأسود، ثم منطقة نوشهر Nevşehir (في الموسم الثالث).
عرض ولأول مرة في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) عام 2014، على قناة TRT التركية، لثلاثة مواسم، يبلغ طول كل منها 75 حلقة، بواقع 120 دقيقة للحلقة الواحدة، إلا أن الجزء الثالث ما زال يعرض إلى الآن.
ويعرض حاليًا على قناتي فور شباب 4 shbab وقطرQatar TV، مترجمًا إلى اللغة العربية، بالإضافة إلى العديد من القنوات الأجنبية الأخرى، تجاوزت بعض حلقاته الـ2.5 مليون مشاهدة على موقع الفيديوهات الشهير «يوتيوب».
فاز المسلسل بجائزة الفراشة لأفضل مسلسل، ولكن حدث خلاف وأرجع المنتج محمد بوزداغ الجائزة، ودافع عنهم الرئيس أردوغان وقال: إنكم فزتم بجائزة القلوب.
شكرًا أردوغان
إن «قيامة أرطغرل» ليس كباقي المسلسلات التركية التي يعرفها المشاهدون، فهو لم يتطرق إلى مسائل الحب والعشق والغرام المبتذلة التي عُرفت بها أغلب المسلسلات، وخاصة مسلسل «حريم السلطان»، الذي اعتمد بشكل كبير على دراما الحب والعشق داخل قصر السلطان، خلال حكم الدولة العثمانية.
شكرًا رجب طيب أردوغان؛ لأنك تضفى على كل شيء تزوره أو تلقاه عجبًا عجابًا.. أنت اليوم تقود انقلابًا على سينما العلمانية في تركيا؛ لأنك تدري مرامي المسلسل وأهدافه العابرة للحدود والقارات، بل العالم أجمع.
شكرًا لكل طاقم العمل، لقد برعتم في زرع القيم العليا، وإعادة بلورة منهاج الإسلام.
ولكن لِمَ لَمْ تتسابق القنوات العربية لشراء العمل ودبلجته، كما هو الحال مع غيره من الأعمال؟!
حسن، لابأس، بالرغم من ذلك فقد حظي المسلسل بنصيب متابعة عالٍ فاق بأضعاف مسلسلات أخرى، مثل مسلسل حريم السلطان.
متابعي المسلسل وعشاقه! أنتم محظوظون، استمروا في المتابعة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس