روشن تشاكر – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس
في بداية تسعينات القرن الماضي، قدمت طلبا إلى مسئولي جماعة فتح الله غولن من أجل عمل بعض الدراسات والأبحاث عن مدارسها في الخارج، ومع أنني صحفي كل ما أريده هو معرفة المزيد عن الجماعة إلا أنني لم أتلق جوابا إيجابيا في ذلك الوقت.
بعد مدة من الزمن، بدأت الجماعة بتشكيل رحلات لصحفيين من مختلف الصحف إلى مدارسها في الخارج، وحتى زمن قريب لم يكن يُكتب عن تلك المدارس سوى الأمور الإيجابية والجمالية.
في الحقيقة هذا أمر ليس بالغريب، فهناك العديد من رجال الدين حول العالم، الذين يطالبون بالشفافية، لا يطبقونها على أنفسهم ولا على جامعتهم أو مذهبهم، ولا يقبلون أي انتقاد، وغالبا ما ينجحون في تبييض صورهم من خلال ذلك، فلو نظرنا إلى جماعة غولن لوجدنا أنها فعليا وقعت على نجاحها الباهر على صعيد العلاقات العامة.
ندرة المصادر
كل من يسألني عن مصادر تفيده حول جماعة غولن، لا أرشده إلا إلى كتاب واحد، كتبه الباحث الفرنسي من أصل تركي "بيرام بالجي"، والذي كان بعنوان "المبشرون الإسلاميون في آسيا الوسطى: مدارس فتح الله غولن". ولا بد أن نشير هنا إلى أنّ هذا الكتاب قد تعرض إلى حملة "مصروعة" من قبل الجماعة بعد فترة قصيرة من ترجمته للغة التركية.
ولهذا لا نستغرب أيضا، ما تقوم به الجماعة اليوم، ضد كل شخص يكتب ضدها، أو ينتقد تصرفاتها وأسلوبها وطريقة تفكيرها، فأما عن كتابها الذين حاولوا الإجابة عن سؤال يتعلق بشفافية الجماعة، فحدث ولا حرج، فهم اليوم أصبحوا أبرز أعداء الجماعة.
وهذا ما قصدته بقولي "وضع محزن" للجماعة، فهي لم تستطع قطف ثمار ما استثمرت به طيلة السنوات الماضية وهي في حاجتها الماسة لتلك الثمرة، فأكبر شيء يغيظ الجماعة الآن، هو أنها لم تحصل على نتائج استثمارها بالعلاقات العامة وبصناعة الفكر، وكما قلت في حديثي عن داعش، أعيده هنا وأقول :"العلاقة مع الشعوب شيء جيد، لكنها ليست كل شيء".
السعي وراء السلطة
ولا شك أنّ هناك أوضاع أخرى محزنة حدثت للجماعة، وخصوصا ما قبل أحداث 17 كانون الثاني/ديسمبر، وهي أنّ الأشخاص المنتمين للجماعة، قد أحلوا كل القوانين وتجاوزوها، واستغلوا أماكن عملهم وصلاحياتهم في أمور غير قانونية، وبدلا من أنْ تدين الجماعة تلك الأعمال، حاولت إضفاء صفة الشرعية عليها، ودافعت عنهم وعن تصرفاتهم.
وهنا لا يمكننا القول أنّ الجماعة قد تغيرت وأصبحت تتصرف بطريقة أخرى وأصبح لها أهداف أخرى، فالشيء الوحيد الذي تغير في الجماعة منذ تأسيسها، هو أنّ المسافة التي كانت تتخذها الجماعة مع نظام الحكم مبني على مبدأ القوة، فإذا كان النظام الحاكم قويا وقفوا إلى جانبه بغض النظر عن اعتقاداته، وإذا ما شارف على النهاية وقفوا ضده وأصبحوا من أشد المبغضين له، وهذا ما يعكس الحالة المحزنة التي وصلت إليها الجماعة.
وبكل تأكيد من يتحمل مسئولية وصول الجماعة إلى هذا المستوى، هو فتح الله غولن نفسه، فاليوم لا يمكنه في هذا العصر، الدفاع عن أفعاله المبطنة والتي لا تخضع لمبدأ الشفافية على الإطلاق، وهذا ما يجب أن يعرفه ويدركه جيدا.
من جهة أخرى، تصر الجماعة وبرغم تشكيلها لتنظيم موازي داخل الدولة التركية، وبرغم ارتكباها أخطاء فادحة، تصر على الاستمرار بنفس الطريق الذي تسلكه، ولا شك أنّ هذا الطريق سيقودها إلى الهاوية.
أنا أؤمن بالأقوال التي تتحدث عن وجود جناحين للجماعة، جناح مدني، وآخر غير مدني، واعتقد أن الجناح المدني حاليا سيدفع ثمنا باهظا للأخطاء التي ارتكبها الجناح غير المدني التابع لجماعة فتح الله غولن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس