ترك برس

قال الجنرال التركي المتقاعد "إسماعيل حقي بيكين" عمليات إقالة أعضاء جماعة "فتح الله غولن" في تركيا ستستمر، حيث أن الجماعة ما زالت فعّالة داخل صفوف الجيش التركي.

وتعتبر القوات المسلحة التركية من أكثر المؤسسات تضرراً من محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في الخامس عشر من يوليو/ تموز عام 2016م، والتي وقفت وراءها جماعة "فتح الله غولن"، على الرغم من أن القوات المسلحة التركية عملت على إقالة أعضاء جماعة فتح الله غولن الذين تسللوا بشكل منهجي إلى القوات المسلحة على مدى عقود.

وفي حوار أجرته صحيفة "ديلي صباح" مع "إسماعيل حقي بيكين" رئيس دائرة الاستخبارات في القوات المسلحة التركية سابقاً، أفصح بكين عن اعتقاده بأن أعضاء جماعة فتح الله غولن ما زالت تُشكّل قرابة 15 في المئة من القوات المسلحة التركية، وبالتالي فإن عملية إقالة منتسبي الجماعة متوقعة خلال اجتماع المجلس العسكري الأعلى في أغسطس/ آب.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك خطر وقوع محاولة انقلاب جديدة، أجاب بيكين إن هناك بعض الجماعات التي تحاول زرع بذور الفوضى في تركيا، مؤكداً أنه في حال نجحت هذه الجماعات في إثارة الفوضى، قد تلجأ القوات المسلحة التركية إلى الانقلاب لقمع الفوضى.

وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، قال الجنرال إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست في وضع يمكّنها من استبعاد تركيا بشأن القضايا في المنطقة، وخصوصاً بعد عملية الباب التي شنتها القوات التركية، وأوقفت المخطط الكردي، وشدد بيكين على ضرورة استمرار العمليات العسكرية ضد وحدات حماية الشعب (YPG) في سوريا، مُشيراً إلى أن عملية عفرين لم تُلغ، وأن تركيا تدرس خطواتها جيداً.

وأضاف بيكين أنه من الممكن أن تحدث عملية تطبيع بين تركيا ووحدات حماية الشعب في حال تخلت الأخيرة عن نيتها في إقامة دولة كردية شمال سوريا، وإلا فستبقى في حالة من العزلة.

هل ما زال هناك أعضاء لتنظيم غولن في الجيش التركي، وهل سيكون هناك موجة جديدة من الإقالة خلال اجتماع المجلس العسكري الأعلى في أغسطس/آب القادم؟

بيكين: أعتقد أن أعضاء غولن ما زالوا يشكلون ما نسبته 15 في المئة من الموظفين في القوات المسلحة التركية، معظمهم من العساكر أصحاب الرتب الدنيا، ومع ذلك ينبغي أن نبقى متيقظين، ومن المؤكد أن عمليات الفصل ستستمر خلال اجتماع المجلس العسكري الأعلى في أغسطس/آب.

ولا أتوقع تحولاً كبيراً في القيادة، ومن المؤكد أنه سيكون اجتماعاً بالغ الأهمية، وفي رأيي سيتم حل العديد من القضايا بعد الاجتماع المذكور، حيث ستكون هناك العديد من الترقيات، وسيتم إعادة فتح الكلية الحربية، والأكاديميات العسكرية، وأمام تركيا أربع إلى خمس سنوات لحل هذه القضايا بشكل جذري، وعليها التحرك بسرعة.

هناك مزاعم تقول بأن الإرادة السياسية زادت من نفوذها، وأصبح الجيش التركي يعتمد على الحكومة، بعد محاولة الانقلاب، ما هو رأيكم في هذه المزاعم؟

بيكين: إذا كنت تسأل عما إذا كانت القوات المسلحة التركية أصبحت جيشاً لحزب سياسي، فجوابي هو "لا".، ومن المؤكد أن الرئيس "رجب طيب أردوغان"، ورئيس الوزراء "بن علي يلدرم"، ورئيس الأركان الجنرال "خلوصي آكار"، وجميع القادة الآخرين أيضاً يرفضون هذا الأمر، لأن جيش كهذا سيكون ضعيف دائماً، إلا أن الجيش التركي قوي، وسيتسمر في كونه جيش أمة.

ذكرتم أن تركيا لديها أربع أو خمس سنوات لتستعد، ما الذي تتوقعون حدوثه خلال خمس سنوات؟

بيكين: خلال الفترة القادمة قد تواجه تركيا قضايا مختلفة في قبرص، وشرق البحر المتوسط، وبحر إيجة، إلى جانب الشرق الأوسط، وقد تكون هناك تهديدات أخرى غير واضحة، لذا يجب على القوات المسلحة التركية الاستعداد تماماً، وعليها أن تصبح أقوى مما هي عليه، على الرغم من أن التحديات الراهنة لا تتجاوز قدرة القوات المسلحة التركية، إلا أننا قد نضطر لمواجهة تهديدات أكبر.

وتركيا دولة قوية من حيث هيكلها الفكري، وجيشها، وشعبها، واقتصادها، لقد كانت تركيا على مر التاريخ بلداً ذا تأثير على البلقان، والشرق الأوسط، والقوقاز، ولهذا فإن تركيا ليست بلداً يمكن للولايات المتحدة الأمريكية، أو الاتحاد الأوروبي، أو روسيا التخلي عنه، فعلى الرغم من كل ردود الفعل، فإن كل من أوروبا، وروسيا، والولايات المتحدة، تريد الحفاظ على علاقاتها مع تركيا.

هل تعتقدون أن محاولة انقلاب جديدة قد تحدث؟

بيكين: كما تعلمون كانت هناك مسيرة لحزب الشعب الجمهوري انتهت مؤخراً، وهو بالتأكيد حق رئيس الحزب "كمال كلجدار أوغلو"، إلا أن خطابهم المشابه لخطاب تنظيم غولن، والبي كي كي الإرهابي، بالإضافة إلى مطالبتهم بدعم المسيرة من أوروبا، كل هذا يجعلني أعتقد أنها قد تكون محاولة لإثارة سلسلة من الأحداث تؤدي إلى الفوضى، وفي حين أن المسيرة لم تشهد الكثير من الاستفزازات، إلا أن هذا النوع من الاحتجاجات قد يستمر خلال الأيام القادمة، وهو ما قد يُحدث فوضى.

وفي رأيي سيحاول البعض إثارة الفوضى في تركيا، التي فشل انقلاب 15 يوليو في إثارتها، وكذلك قضية شاحنات وكالة الاستخبارات الوطنية، وإذا حدثت الفوضى قد تلجأ القوات المسلحة التركية إلى الانقلاب لقمع الفوضى، إلا أن هذا الانقلاب لن يكون انعكاساً لإرادة أو مصلحة البلاد، بل سيكون موجهاً من قِبل الولايات المتحدة.

هل من الممكن أن يحل الضباط الكماليين أو القوميين الجدد مكان الضباط التابعين لتنظيم غولن الذين تمت إقالتهم بعد محاولة الانقلاب؟

بيكين: لا أعتقد أن هذا مُحتمل، كما لا أؤمن بوجود تمييز بين الكماليين أو غيرهم، وهذا الأمر برمته افتراء، وتكهنات من قِبل تنظيم غولن، لإضعاف الجيش، ودعونا نعود للتاريخ، فبعد إلغاء الجيش الانكشاري عام 1826م، كان السلطان "محمود الثاني" غير قادر على تشكيل جيش سليم، والسبب الرئيسي في هذا عدم الثقة، وقضية عدم الثقة موجودة الآن في تركيا، إذ تتساءل الحكومة المدنية بمن تثق، وهذا طبيعي جداً، خاصةً بعد الصدمة التي شهدناها العام الماضي، وفي كل الأحوال يجب أن تكون تركيا حريصةً على ألا تصبح بيدقاً، وتركيا تتخذ الآن التدابير التي تُلغي إمكانية حدوث الانقلابات في المستقبل، إذ باتت وزارة الدفاع الوطني تُشرف على جميع القوات.

كيف تقيمون قرار إشراف وزارة الدفاع الوطني على القوات التركية؟

أعتقد أن هذا هو الأمر الصحيح الذي يتوجب القيام به، إذ في السابق كانت هناك إدارات منفصلة، ولا ينبغي أن يكون للقوات الجوية، والبحرية، والبرية مراكز قيادة عمليات منفصلة، حيث أنها يجب أن تكون عملية مشتركة، لذا أعتقد أن القرار مناسب.

هناك نظريات حول إنشاء ممر كردي جنوب تركيا، الأمر الذي سيُبطل موقف تركيا كمركز لتوزيع النفط، والغاز الطبيعي، هل هذه مؤامرات حقيقة أم مجرد وهم؟

بيكين: هناك مشروع بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا هو سبب تورط تركيا في سوريا رغم عدم رغبتها في ذلك، وفي حال لم تبدأ تركيا عمليتها في مدينة الباب، فإن هذه الخطة كانت ستتحقق، وبعد أن انتصرت تركيا في تلك المعركة، يعملون حالياً مع حزب الاتحاد الديمقراطي على مشروع يهدد حدود تركيا الجنوبية، وعلى تركيا أن تمنع حدوث هذا، وبالتأكيد سوف تفعل، ومن ناحية أخرى، فإن تركيا أثبتت بالفعل أنها أكثر الشركاء أماناً لنقل خطوط الطاقة عبر أراضيها.

هل تم إلغاء عملية عفرين؟

بيكين: لا أعتقد أنه تم إلغاؤها، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ووحدات حماية الشعب تُطالب بالحماية ضد تركيا، مُقابل قتالها في سوريا، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا لن تعدهم بأي شيء خلال المرحلة الراهنة، وتركيا تدرس خطواتها، وتأخذ وقتها في ذلك.

بالنظر إلى التطورات الأخيرة مثل إنشاء مناطق منزوعة السلاح في سوريا، هل يمكن القول بأن الحرب هناك تقترب من نهايتها؟

بيكين: لا أعتقد أن هذه هي النهاية، طالما أن التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا مع إسرائيل وإيران ما زال قائماً، وهناك العديد من السيناريوهات المتوقعة حول سوريا، أحدها تقسيم البلاد إلى كانتونات.

كيف سيؤثر قرار حكومة إقليم كردستان إعلان الاستقلال بعد الاستفتاء القادم على توازن القوى الإقليمية؟

بيكين: ستقوم حكومة إقليم كردستان بإجراء استفتاء، يشمل الأراضي المتنازع عليها في كركوك، والموصل، وحتى لو كانت نتيجة الاستفتاء هي الاستقلال، فلا أعتقد أنهم سيعلنونه على الفور، إذ سيخلق هذا مشكلة مع الحكومة المركزية العراقية.

ووفقاً للتقديرات، تحتاج حكومة إقليم كردستان إلى انتاج 580 – 900 ألف برميل من النفط يومياً، وبيعها مقابل 105 دولار للبرميل الواحد، من أجل البقاء اقتصادياً، ويبلغ انتاجها حالياً ما بين 550 – 650 ألف برميل يومياً، ويُباع البرميل بقيمة 50 دولار، باختصار لا أعتقد أن حكومة إقليم كردستان يمكن أن تعلن استقلالها بسهولة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!