إسماعيل ياشا - عربي 21
نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الأسبوع الماضي حوارا مطولا أجرته مع زعيم الكيان الموازي فتح الله غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها ضباط موالون لهذا التنظيم الإرهابي لإسقاط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والحكومة المنتخبة.
وفي حواره مع الصحيفة الأمريكية، شبّه غولن الأوضاع الحالية في تركيا بأوضاع الاتحاد السوفيتي في عهد جوزيف ستالين وأوضاع العراق في عهد صدام حسين، وهاجم الشعب التركي، متهما إياه بأن شريحة كبيرة منه فقدت حاسة التفكير، إلا أن الصورة المنشورة في الصحيفة مع الحوار كانت تلفت الانتباه أكثر مما ورد في الحوار نفسه.
غولن في تلك الصورة ظهر واقفا أمام مكتبة يدوس بحذائه على سجادة للصلاة. وهذا أمر لم يتعوده الأتراك المتدينون، لأنهم لا يدخلون بيوتهم بالأحذية، ناهيك عن أن يدوسوا على سجادة الصلاة بها. كما ظهرت في الصورة شاشة مكتوب عليها رباعيا باللغة التركية يبشر بربيع قادم وسعادة ليست بعيدة، ويحث على عدم الاستعجال.
ومن المعروف أن زعيم الكيان الموازي، فتح الله غولن، يحب أن يبعث إلى خلايا التنظيم الإرهابي وأعضاء جماعته رسائل مشفرة من خلال كلمات وعبارات يتلفظ بها أو من خلال ما تحتويه الصور والمشاهد التي يظهر فيها أثناء دروسه وحواراته. ولذلك، انشغل الرأي العام التركي بمحاولة فك شفرة الرسائل التي يبعثها غولن في تلك الصورة المنشورة بصحيفة وول ستريت جورنال.
المتحدث باسم الحكومة التركية، نعمان قورتولموش، في تعليقه على حوار غولن مع الصحيفة الأمريكية وصورته المنشورة فيها، قال إن الصورة ليست عادية، مضيفا أن ما يسعى إليه زعيم التنظيم الإرهابي واضح للغاية. ولفت إلى أن غولن يحاول أن يبعث أملا في نفوس المعتقلين من عناصر الكيان الموازي، كما يبعث إلى تركيا رسائل تهديد مغلفة من خلال تلك الصورة. ودعا المسؤولين الأمريكيين إلى تقييد تحركات زعيم التنظيم الإرهابي بشكل يمنعه من تهديد تركيا.
التكهنات حول الرسائل المشفرة التي تحتويها صورة غولن المنشورة في صحيفة وول ستريت جورنال كثيرة، كما أن هناك نقاطا يتفق عليها معظم المحللين الأتراك. الأولى من هذه النقاط، أن الولايات المتحدة متورطة في محاولة الانقلاب الفاشلة. وكانت السلطات التركية كشفت أن القنصلية الأمريكية بإسطنبول اتصلت بعد 15 يوليو / تموز من العام الماضي، بالهارب عادل أوكسوز، المتهم بالمشاركة في تدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، إلا أن القنصلية الأمريكية قالت إنها اتصلت بالرجل لتبلغه إلغاء التأشيرة التي منحت إليه لدخول الولايات المتحدة. وفي تطور جديد، كشف الادعاء العام التركي أن متهمين في قضية "شاحنات الاستخبارات التركية" قاموا بعدة اتصالات مع السفارة الأمريكية بأنقرة والقنصلية الأمريكية بإسطنبول، وسأل السفارة الأمريكية بشكل رسمي فحوى تلك الاتصالات، إلا أن السفارة حتى الآن لم ترد على هذا السؤال.
الولايات المتحدة تنفي ما يقال حول تورطها في محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها الكيان الموازي، إلا أن أدلة قوية لا يمكن تجاهلها تشير إلى وقوف واشنطن في قلب الحدث، كما أن السلوك الأمريكي يؤكد أن زعيم الكيان الموازي ما زال يتمتع بحماية الأجهزة الاستخبارات الأمريكية ودعمها. ولو كان خلاف ذلك لما وجد فرصة لبعث رسائل مشفرة عبر وول ستريت جورنال تهدد أمن تركيا واستقرارها.
النقطة الثانية، أن الكيان الموازي يسعى إلى استعادة قوته ونفوذه بجميع الطرق الممكنة لتكرار المحاولة، على الرغم من تلقيه ضربات قاسية قصمت ظهره. وبالتالي، يحتاج في هذه المرحلة الحرجة إلى رفع معنويات عناصره لمنع أي تفكك في صفوفه، في ظل تمتع كبار الجماعة الهاربين إلى خارج البلاد بالرفاهية في أوروبا وأمريكا في منازل فارهة تصل أسعارها إلى مئات الآلاف من الدولارات، فيما يعاني الباقون من عناصر الكيان الموازي من اعتقال وملاحقة قانونية وطرد من العمل ونبذ من قبل عموم المجتمع. ولذلك استغل فتح الله غولن حواره مع وول ستريت جورنال لبعث رسائل إلى عناصر التنظيم الإرهابي في تركيا تبشرهم بفرج قريب ومستقبل مشرق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس