محمد قدو أفندي أوغلو – خاص ترك برس
العراقيون في تركيا هم من أكبر الجاليات العراقية في الخارج. ولجؤوا إلى تركيا بعد احتلال داعش لمدنهم وقصباتهم منذ عام 2014، وهم مقيمون في مختلف المدن التركية. وهولاء المقيمين كانت إحدى أهم العقبات التي عانوها هي انقطاع أولادهم عن الاستمرار في مدارسهم في تركيا، ومع افتتاح المدارس الأهلية التي تدرس المنهاج الدراسي العراقي في مختلف المدن التركية استطاع هولاء الطلاب من مواصلة دراساتهم ,الا أن بعض الإشكالات التي حدثت لقسم من الطلاب بسبب عدم الحصول على الموافقات الرسمية من الجانب التركي للاعتراف بشهادة خريجي هذه المدارس وإنذار بعض المدارس بإغلاقها بسبب عدم استيفائها للشروط والمعايير التركية الخاصة بالمدارس الأهلية، ولغرض الاطلاع على تفاصيل كل تلك المسائل اتصلت بمكتب السفير العراقي في أنقرة لتحديد موعد مع سعادة السفير للاطلاع عن كثب على مجمل التساؤلات.
بعد الاتصال بي من قبل المكتب بعد تحديدهم موعد المقابلة أكملت أسئلتي الخاصة بالموضوع وزرت في حينها إدارة إحدى المدارس للاطلاع على على واقع تلك المدارس وباعتبار أن تلك المدرسة التي زرتها هي من المدارس النموذجية المستوفاة للشروط التركية كما اتصلت أيضا بمديري بعض المدارس وأولياء أمور الطلبة. ومن خلال تلك اللقاءات اتضح لي بأن السفير العراقي الدكتور هشام العلوي يتابع بشكل يومي كل الشؤون الدراسية للطلبة مع إدارات المدارس، كما أنه يقوم بزيارات دورية لهذه المدارس في مختلف المدن التركية، واهتمامه ومتابعته لدائرة الإشراف التربوي في أنقرة من خلال مسؤولة الشؤون الثقافية في السفارة وهي حلقة الوصل الأقرب بين السفير ودائرة الإشراف التربوي، وهذا ما أكده مدير الإشراف وكذلك المشرفين التربويين، وبمعنى أدق أنه يتابع شؤون الطلبة والمدارس كوكيل لوزارة التربية العراقية في تركيا وهذا ليس من باب المدح بل هي الحقيقة، وعليه تركت أسئلتي التي كنت قد هيأتها وذهبت لأسمع من سعادته كل التفاصيل حول المدارس العراقية.
نشوء هذه المدارس
نشأت هذه المدارس بسبب عدم وجود مدارس حكومية عراقية ولكون معظم أولياء أمور الطلبة يفضلون الاستمرار أو التسجيل في المدارس التي تدرس المنهج العراقي (مناهج وزارة التربية العراقية) على أمل العودة وعلى أمل الحفاظ على الارتباط بتاريخهم وجذورهم، التجأ هولاء إلى التسجيل بالمدارس الأهلية السائرة على منهج وزارة التربية العراقية.
وصل عدد المداس العراقية في تركيا إلى خمس وعشرين مدرسة موزعة على خمسة عشر مدينة في تركيا ومنها أنقرة وإسطنبول وسكاريا وجورم ويلوا وقونيا ومارسين وأفيون وإسبارطة وغازي عنتاب وغيرها، بالمراحل الدراسية الثلاث وحسب التقسيم العراقي.
شروط فتح هذه المدارس
صدرت الموافقات المطلوبة من وزارة التربية العراقية على فتح هذه المدارس في المدن التركية بعد استيفائها شروط الوزارة على شرط أن تكتمل إجراءات تسجيلها مع مع وزارة التربية التركية.
الذي حدث أن أغلب هولاء المسؤولين عن المدارس، أي المستثمرين، استبقوا إكمال الإجراءات مع وزارة التربية التركية دون إكمالها الشروط التركية في آلية فتح المدارس الأهلية في تركيا، بفتح هذه المدارس، ورغم أن اللجنة الإشرافية لوزارة التربية التركية لها ملاحظات حولها سواء كانت حول صلاحية البناية أو توفر مستلزمات الرياضة أو غيرها.
لذا فإن تلك المدارس التي لم تكمل تنفيذ الشروط التركية لم تسجل في وزارة التربية التركية.
ولأكثر من ذلك أن الوزارة هددت بعض المدارس بالإغلاق في حال استمرارها بعدم التقيد بالشروط المطلوبة وبالفعل تم إغلاق عدد من المدارس.
ومن ناحيتنا وخوفا من إضاعة سنة دراسية للطلاب وتحمل الأهالي كاهل التنقل إلى مدارس أخرى وربما عدم توفر بديل للمدرسة المغلقة أجرينا لقاءاتنا مع مسؤولي التربية في المدن التي أغلقت تلك المدارس إضافة إلى لقاءاتنا ورسائلنا مع وزارة التربية التركية الذين استجابوا لطلبنا.
حجة المستثمرين الذين شرعوا بفتح تلك المدارس بأن شروط وزارة التربية التركية ممكن تنفيذها لكنها تؤدي إلى زيادة في الأجور المستوفاة من الطلبة، وهذه مشكلة أيضا لو علمنا أن معظم الطلبة المسجلين هم بالأصل من اللاجئين، والكثير من أهاليهم لا يمتلكون القابلية لزيادة الأجور الدراسية وخصوصا لأولياء الأمور الذين لديهم أكثر من طالب، والبعض الآخر هم ضعيفو الحال وربما يكونون أيتاما ولذا فنحن حريصون والكلام لسعادة السفير على أن تبقى الأجور كما هي دون زيادة.
الحل الأمثل لمعالجة هذه المشكلة
إن الحل الامثل لإنهاء معاناة أولياء أمور الطلبة وكذلك الصعوبات التي تصادف مسؤولي هذه المدارس هي قيام وزارة العراقية بتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة التربية التركية أو توقيع اتفاقية بين الوزارتين يشمل ملحقا ينظم وضعية المدارس العراقية في تركيا وأيضا المدارس التركية في العراق.
تم الاتفاق مع وزير التربية في العام الماضي على تحقيق زيارة إلى تركيا لهذا الغرض ولكن لم تتحق الزيارة وهي ضرورية وبدون مجئ وفدٍ عالٍ من وزارة التربية إلى تركيا من الصعب تحقيق ذلك الاتفاق، وإن حل الكثير من المشاكل والمعوقات مرتبط بالزيارة المرجوة من وزارة التربية العراقية.
وأهم المشاكل والمعوقات التي باستطاعة الوفد الزائر حلها هو معالجة الإبطاء الكبير في منح حق فتح تلك المدارس في المدن التركية.
غادرت مكتب السفير وتوجهت إلى دائرة الإشراف التربوي برغبة من سعادته بزيارتهم والاطلاع على بعض الأمور الفنية التي تخص عملهم وربما ما يرغبون بقوله كملاحظات أخرى.
قابلت مدير الإشراف التربوي وهو ملم باختصاصه ومعه عدد من المشرفين الذي أثنوا على جهود السفارة العراقية ممثلة بشخص السيد السفير، وكذلك مسؤولة الثقافة التي استطاعت تحويل قسمها إلى ورشة عمل نشطة تتابع على الدوام شؤون الطلبة وتنسق مع المشرفين التربويين في ما يخصهم، وكانت أيضا حاضرة في لقائي مع سعادة السفير.
دائرة الإشراف التربوي في أنقرة تتمتع بسمعة طيبة وجميلة من خلال أعمالها وإشرافها وأهم الأمور الفنية التي أصرت عليه وعكست إخلاصها وتفانيها هي تعيين مدراء القاعات الامتحانية للطلبة من المشرفين أنفسهم لمضاعفة الجهود المبذولة في إجراء الامتحانات بصورة نزيهة.
هناك بعض الأمور التي طرحتها أمام مسؤولي الإشراف ومنها أن تعطى هذه الدائرة صلاحيات أوسع من قبل وزارة التربية العراقية لتكون قادرة على تنفيذ متطلبات فتح تلك المدارس، أي ان تشترط وزارة التربية العراقية للمستثمر الاتصال بدائرة الإشراف في أنقرة في الوهلة الأولى قبل تقديم طلبه إلى وزارة التربية حتى تتولى تلك الدائرة الاتصال والتنسيق مع وزارة التربية التركية.
أو أن تكون السفارة العراقية هي وجهة المستثمر الأولى وبدورها تحول تلك الطلبات إلى دائرة الإشراف التربوي، وسواء كانت الوجهة الأولى السفارة أو الإشراف التربوي فإنهم لا محال سيطلعونهم على الشروط التركية، ويمنعون فتح تلك المدارس قبل إكمالهم لتنفيذ المعايير التركية وبذا يكون الطلبة في مأمن من وضعية تلك المدارس وربما إغلاقها.
سبق لقائي مع السيد السفير لقاء موسع أجراه في مبنى السفارة العراقية شمل كادر الإشراف التربوي مع المستثمرين للمدارس العراقية وكذلك مديري إدارات المدارس في عموم المدن التركية، حيث تمت دراسة المعوقات التي برزت خلال العام الماضي وسبل تجاوزها كما تطرق السيد السفير إلى ضرورة التوقيع على مذكرة التفاهم بين وزارتي التربية في البلدين وأن السفير العراقي سيطلب اجتماعا مع المسؤولين في وزارة التربية التركية لغرض حل تلك المشاكل، وشدد السفير على أهمية النهوض بالمستوى التعليمي للطلبة العراقيين ومراعاة الوضع المالي لعوائل الطلبة كون أغلبيتهم من النازحين الذين تعرضت مناطقهم لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي.
شكرا سعادة السفير الدكتور هشام العلوي وكادر السفارة العراقية وأيضا للأساتذة في دائرة الإشراف التربوي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس