ترك برس
لم يكن أحد يتوقع قط أن تكون ثمرة الطماطم موضوعا للنقاش ولقرار طال انتظاره، وأن تتحول إلى رمز للعلاقة بين دولتين، هما روسيا وتركيا، بغض النظر عن الحروب التي خاضها البلدان ضد بعضهما بعضا منذ القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر.
ومنذ اندلاع الأزمة بين البلدين بعد إسقاط الطائرات التركية مقاتلة روسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، توترت العلاقات التجارية بين العدوين القديمين اللذين صارا فيما بعد حليفين. وفي أعقاب الحادث فرضت روسيا جملة من العقوبات الاقتصادية على تركيا، من بينها فرض قيود على رجال الأعمال الأتراك وإلغاء السفر بدون تأشيرة، وفرض عقوبات على استيراد المنتجات الزراعية التركية.
كانت الطماطم تشكل 70 في المئة من مجموع الصادرات التركية من الخضراوات والفاكهة لروسيا، ولكن اعتبارا من مطلع كانون الثاني/ يناير في العام الماضي فرضت الأخيرة عقوبات على استيراد كثير من المنتجات التركية، مثل الطماطم والبرتقال والتفاح والمشمش والقرنبيط واليوسفي والكمثرى والدجاج. وفي وقت لاحق وبعد بداية محادثات تطبيع العلاقات رفعت روسيا الحظر على المنتجات، باستثناء الطماطم.
بعد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان روسيا في آب/ أغسطس 2016، وزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 لحضور المؤتمر العالمي الثالث والعشرين للطاقة حيث وقعت الدولتان اتفاقا بشأن مشروع خط أنابيب السيل التركي، عادت العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، وبدأ التعافي الكامل للعلاقات الثنائية.
وقد أدى انتعاش العلاقات إلى إزالة القيود التجارية على بعض المنتجات. وفي أوائل حزيران/ يونيو وقع رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، مرسوما برفع الحظر المفروض على بعض المنتجات الزراعية والشركات التركية المشاركة في البناء والهندسة والسياحة. ولكن المرسوم خلا من رفع الحظر عن الطماطم.
وأكد وزير الزراعة الروسي ألكسندر تكاشيف، في شهر أغسطس الفائت أن روسيا ليست مستعدة لاستيراد الطماطم من تركيا ولا تعتزم اتخاذ مثل هذه الخطوة. ثم عاد وأعلن أن بلاده قد تسمح باستيراد الطماطم من تركيا في فترات معينة مثل الشتاء بكميات قليلة، بالإضافة إلى استيراد منتجات أخرى مثل معجون الطماطم من تركيا.
وتشير تصريحات المسؤولين الأتراك إلى أن قضية الطماطم تحولت إلى رمز للعلاقات التركية الروسية. وكان رئيس الوزراء بن علي يلدريم قد أشار في أيار/ مايو الماضي إلى أن حظر الطماطم أصبح رمزا للعلاقات التركية الروسية. وفي يوم الخميس، أكد وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي أن الطماطم اكتسبت أهمية رمزية للعلاقات الثنائية بين تركيا والروسية، لافتا الانتباه إلى رغبة تركيا في حل القضية.
وبعد الحصار الروسي، انخفضت كمية صادرات الطماطم إلى البلاد بنسبة 10.3 في المئة، في حين انخفضت قيمتها بنسبة 34.3 في المئة في عام 2016. ومع ذلك، خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، ارتفعت كمية الطماطم المصدرة إلى روسيا بنسبة 9.4 في المئة، كما ارتفعت قيمة صادرات الطماطم بنسبة 24.7٪.
صدرت تركيا 541 ألف طن من الطماطم إلى روسيا في عام 2015، ثم انخفض حجم الصادرات إلى 486 ألف طن. وبلغت قيمة صادرات الطماطم إلى روسيا مليون دولار في عام 2015 وانخفضت إلى 239.9 مليون دولار.
خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى تموز/ يوليو، وصلت قيمة صادرات الطماطم التركية إلى روسيا 198.3 مليون دولار مقابل 159 مليون دولار في العام الماضي. وعلاوة على ذلك، بلغت كمية صادرات "الخضروات الرمزية" في العام الماضي 322 ألف طن في حين بلغت 353 ألف طن خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي.
قد ترفع الزيادة الملحوظة في صادرات هذا العام من الشعور بالأمل في تحسين العلاقات التجارية والسياسية. فهل تستبدل الطماطم بأي صنف آخر يكون له أهمية رمزية للأعداء القدامى، ولكن أصدقاء اليوم؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!