ترك برس
منذ ما يقرب من خمس سنوات، تتفاوض أوكرانيا وتركيا على إنشاء منطقة تجارة حرة. ومن المتوقع أن يتم التوقيع على هذا الاتفاق في نهاية العام الحالي أو في مطلع العام القادم، مع حل آخر المشاكل العالقة المتعلقة بالصادرات الزراعية التركية إلى أوكرانيا. وتأتي هذه الاتفاقية في وقت يشهد فيه النمو التجاري بين أنقرة وكييف تطورا كبيرا.
كانت تركيا دائما شريكا تجاريا مهما لأوكرانيا. وفي بعض السنوات احتلت تركيا المرتبة الثانية كوجهة لصادرات أوكرانيا بعد روسيا، ففي عام 2015 بلغت حصة تركيا من صادرات أوكرانيا أكثر من 7٪. ولكن هذا أصبح تاريخا، فقد بدأت أوكرانيا أخيرا تفقد موقعها التصديري إلى تركيا، ففي عام 2013 زودت أوكرانيا تركيا بسلع بقيمة 37 مليار دولار، تراجعت في عام 2016 لتصل إلى 20 مليار. وفي الوقت الحالي تحتل تركيا المرتبة الخامسة بين المشترين الرئيسيين للصادرات الأوكرانية.
يشير إلكسندر أوكريمينكو، رئيس المركز الأوكراني للتحليل في كييف، إلى أن من الأفضل لأوكرانيا إقامة منطقة تجارة حرة مع تركيا من إقامتها مع الاتحاد الأوروبي لأسباب منها أن أوكرانيا لا تستطيع المشاركة الكاملة في سوق الاتحاد الأوروبي، وكان ميزان التجارة الخارجية الأوكرانية مع الاتحاد الأوروبي سلبيًا دائما وسيبقى كذلك في المستقبل. وفي المقابل كانت التجارة الخارجية الأوكرانية مع تركيا إيجابية دائما، ومن الأسهل لأوكرانيا العمل مع تركيا، حيث لا توجد القيود والبيروقراطية ولذلك، فإن إقامة منطقة التجارة الحرة مع تركيا أمر مهم وضروري لأوكرانيا لكن تركيا يمكن أن تكسب الكثير من ورائها.
ويرى أوكريمينكو أن أوكرانيا وتركيا لن تنضما على الأرجح أبدا إلى الاتحاد الأوروبي، ولذلك فإنهما بحاجة إلى إنشاء الاتحاد الخاص بهما، وعندئذ سيجد الاتحاد الأوروبي نفسه راغبا في العمل معهما، ففي الاقتصاد والسياسة لا يحترم إلا الأقوياء. وهذا الاتحاد الاقتصادي الجديد التركي الأوكراني هو حقا ما تحتاجه منطقة أوراسيا.
وفيما يتعلق بهيكل التجارة الخارجية بين أوكرانيا وتركيا، نجد أن أوكرانيا تبيع لتركيا معظم المعادن، ولكنها تشتري منتجات الصناعات الخفيفة والمنتجات الهندسية التي تصنعها تركيا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. وتعد صادرات المعادن من أهم السلع التصديرية لأوكرانيا ولذلك، فإن إنشاء منطقة تجارة حرة سيسمح لها بزيادة كبيرة في تصدير المعادن إلى تركيا، وبالتالي إعطاء حافز لنمو قطاع المعادن الأوكراني.
وفي الوقت نفسه، تشمل شروط منطقة التجارة الحرة زيادة توريد المنتجات الخفيفة والصناعية إلى أوكرانيا من تركيا. ولكن الأهم من ذلك، أن منطقة التجارة الحرة تعطي تركيا وأوكرانيا الفرصة لتطوير التعاون الصناعي في كل من الصناعات المعدنية والصناعات الخفيفة وبناء الآلات. وهذا يمكن أن يكون له أثر إيجابي ليس فقط بالنسبة لأوكرانيا، ولكن أيضا بالنسبة لتركيا. أسعار منتجات الصناعات الخفيفة التركية ترضي الأوكرانيين ولها سوق واسعة للبيع. إنتاج المعدات التركية أرخص من نظائرها من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة.
ولكن منطقة التجارة الحرة لا تقتصر على تجارة السلع، فهناك كثير من المشاريع المثيرة للاهتمام لشركات البناء التركية في أوكرانيا. وعلاوة على ذلك، فإن أوكرانيا تبدي الآن اهتماما كبيرا بالاستثمار في البناء، وتحسين قدرات عمال البناء، ومن ثم يمكن تطوير التجربة الناجحة لعمال البناء الأتراك في أوكرانيا.
وفي قطاع السياحة هناك أمل كبير في أن يساعد إنشاء منطقة للتجارة الحرة أوكرانيا على إطلاق مشروع تجاري سياحي، حيث تمتلك تركيا خبرة كبيرة في التنمية الناجحة للسياحة الدولية. وتتمتع أوكرانيا بجميع الظروف الطبيعية والمناخية لتنمية قطاع السياحة. ولكن من دون مساعدة حقيقية من المستثمرين الأجانب، لن تستطيع أوكرانيا تحقيق نجاح كبير، وهنا تكمن أهميةالفهم التركي وريادة الأعمال في قطاع السياحة.
وتبقى المشكلة الرئيسية التي تعرقل إنشاء منطقة التجارة الحرة بين البلدين وهي استيراد وتصدير الأغذية، حيث تتنافس البلدان في هذا المجال، وبالتالي فإن الجانب الأوكراني يريد فرض قيود على المنتجات الزراعية وخاصة الفواكه والخضروات من تركيا إلى أوكرانيا. ومن الواضح أن الجانب التركي لا يوافق ويريد الحصول على تعويض يستحق فرض القيود. وهذا يعيق بشكل كبير عملية إنشاء منطقة تجارة حرة.
ووفقا للمحلل الأوكراني فإن حل هذه المشكلة يكمن في أن تعطي أوكرانيا الفرصة للشركات التركية للاستثمار في الأعمال الزراعية في أوكرانيا. ولكن هذا يتطلب سوقا للأراضي الزراعية وظروفا خاصة للأعمال التجارية التركية. كل هذا يمكن القيام به، ولكن حتى الآن، ليس هناك ما يكفي من الإرادة السياسية في أوكرانيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!