ترك برس
عقب المستجدات الأخيرة في المنطقة وخاصة استفتاء الانفصال في شمالي العراق مؤخراً، شهدت العلاقات الدبلوماسية التركية مع كل من روسيا وإيران، نمواً وزخماً كبيراً. إذ أنه بعد الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي إلى أنقرة والتي تبادل فيها مع نظيره التركي أردوغان عبارات الحميمية والقرب، يتوجه الأخير اليوم الأربعاء إلى طهران للقاء رئيسها حسن روحاني وفي حقيبته أجندة هامة أبرزها استفتاء الانفصال.
إقدام رئيس إقليم شمالي العراق بارزاني على إجراء استفتاء الانفصال ونيته في إقامة "دولة كردية" مستقلة، أدى إلى دخول العلاقات التركية في مرحلة جديدة، وعلى وجه التحديد التقارب الملحوظ على خط أنقرة – طهران – موسكو. إذ تنوي الإدارة التركية نقل هذا التقارب إلى تعاون ملموس يخدم العديد من الأهداف أهمها الحد من "أطماع بارزاني"، وضمان وحدة الأراضي العراقية ومواجهة الأخطار التي تهدد الأمن القومي التركي ودول المنطقة.
في هذا الإطار يتناول برهان الدين دوران الكاتب الصحفي التركي ورئيس مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" هذه المواضيع من منظور الموقع التركي بين المحورين الأوراسي والغربي. إذ يرى أن مصالح أنقرة على المدى البعيد تقتضي المحافظة على موقف متوازن بين المحورين، وفي الوقت ذاته يقترح تسخير التقارب المذكور بين الدول الثلاث في الأزمة السورية أيضاً.
يتساءل دوران قائلاً: "العلاقات الدبلوماسية المكثفة لتركيا في الفترة الأخيرة مع كل من روسيا وإيران، هل تعني انحياز أنقرة إلى المحور الأوراسي؟"، مشيراً إلى أنّ إصرار حزب العدالة والتنمية الحاكم على مكافحة الإرهاب بشدة، وتطرقه بكثرة إلى عبارات وخطابات مثل "الصناعات الوطنية والمحلية"، يتم تفسيرها من قبل البعض على أنها ميول نحو موقف "يميني، وقومي وكمالي"، الأمر الذي يُنظر إليه على أنه تحضيرات في السياسة الداخلية للانحياز إلى المحور الأوراسي.
يعارض دوران اللجوء لمصطلحات وخطابات مثل "الابتعاد عن المحور الغربي" أو "الانحياز للمحور الأوراسي"، وذلك لأن من الواضح أن أنقرة لن تتبع بعد الآن سياسة خارجية قائمة على الانحياز لمحور دون آخر، فضلاً عن أن هذا الأمر بعيد عن الواقعية.
ويضيف دوران بأن انحياز تركيا بشكل كامل لمحور معين دون آخر، لن يكون مفيداً أبداً في ظل اتجاه العالم نحو مرحلة من "الغموض" واتساع التصدعات في الحلف الغربي، منوهاً إلى أن الأهم بالنسبة لأنقرة في الوقت الحالي هو التفكير في كيفية تحقيق مصالحها والحفاظ عليها بأفضل شكل ممكن.
ويشير الكاتب الصحفي إلى أن السبب الرئيسي في اتجاه أنقرة إلى محور موسكو – طهران، هو سياسات العواصم الغربية تجاهها ومواقفها من تنظيمي "غولن" و"بي كي كي" الإرهابيين. ففي الوقت التي تركزت فيها السياسات الأوروبية المتعلقة بسوريا، على اللاجئين والمقاتلين الأجانب فقط، وصلت السياسات الأمريكية بهذه الخصوص إلى نقطة تتضمن إزالة وشيكة للمعارضة السورية المعتدلة، واتساع النفوذ الروسي- الإيراني في سوريا، فضلاً عن تحويل ميليشيات "بي كي كي – ي ب ك" إلى "جيش فعلي" على حد وصفه.
ويختتم دوران بدعوة العواصم الغربية إلى التخلي عن تجاهل مصالح أنقرة، وإدراك أن سياساتها هي السبب وراء توجه الأخيرة إلى موسكو وطهران، مشيراً إلى أن الثنائي ميركل وماكرون لديهما فرصة الآن لتغيير سياسات أوروبا تجاه تركيا بالنحو الإيجابي بالتزامن مع مساعي الثنائي لإصلاح بنية الاتحاد الأوروبي عقب عملية "بريكست"، وتصاعد الشعبوية والنازية في أوروبا فضلاً عن أزمة استفتاء كاتالونيا الأخيرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!