ترك برس
قال الباحث في مركز "كارنيغي أوروبا" والسفير السابق للاتحاد الأوروبي في تركيا مارك بياريني، أن هناك خطرا جديا يواجه تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية بالنظر إلى رد الفعل الإسرائيلي على انتقادات الرئيس التركي، مشيرا إلى أن هذا الخطر "يدركه الطرفان".
وتابع الباحث أن "موقف أردوغان يتماهى مع الشعور السائد في صفوف قاعدته الانتخابية في تركيا"، وفقا لشبكة الجزيرة القطرية.
محللون غربيون، يرون أن مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المنددة بإسرائيل وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنقل سفارة واشنطن إلى مدينة القدس، ستزيد من الهوة بين أنقرة وتل أبيب وتهدد بتقويض "العلاقة الهشة" بينهما.
وفي تقرير لها، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن أردوغان تحول إلى ناطق باسم الدول الإسلامية المعارضة لإعلان الرئيس الأميركي، حيث وجه إليه انتقادات حادة قبل أن يحمل على إسرائيل التي وصفها بأنها دولة "إرهابية تقتل الأطفال" الفلسطينيين.
وأكد أردوغان أن قمة قادة دول منظمة التعاون الإسلامي المقرر عقدها في إسطنبول الأربعاء ستشكل "منعطفا" في التصدي لقرار واشنطن، في حين لم تتخذ الدول العربية الكبرى أي إجراء ملموس واقتصرت مواقفها على الإدانة.
وتقول الوكالة إن خطاب أردوغان هذا يلقى ترحيبا لدى القاعدة الانتخابية التقليدية له، بل ويحظى بشعبية في العالم العربي والإسلامي.
من جهته، قال المحلل من مركز "أتلانتيك كاونسل" آرون شتاين إن أردوغان يتطلع إلى الانتخابات المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 في سعيه لولاية رئاسية ثانية تمنحه صلاحيات أوسع بموجب الاستفتاء الذي فاز فيه في أبريل/نيسان الماضي.
وأضاف أن "أردوغان يخوض حاليا الحملة الانتخابية للعام 2019 سعيا لرئاسة واسعة الصلاحيات مفصلة على قياسه". وأوضح أنه بوقوف أردوغان في الصف الأول في قضية القدس فإنه يطرح نفسه "مدافعا عن المسلمين المحرومين في العالم".
وترى الوكالة الفرنسية أن التصعيد الأخير يأتي في وقت تخوض فيه تركيا وإسرائيل عملية تطبيع لعلاقاتهما بدأت العام الماضي، بعد أن أعلنتا نهاية أزمة نشأت بينهما بعد مهاجمة القوات الإسرائيلية سفينة مساعدات كانت متجهة إلى غزة في 2010، مما أدى إلى مقتل عشرة ناشطين أتراك.
ويؤكد المحلل شتاين أن الطرفين غير متحابين إلا أن ذلك لا يحول دون قيام علاقات تجارية طبيعية بينهما، وقال "أعتقد أن هذا الوضع سيستمر" نظرا للحسابات السياسية لأردوغان والمشاكل السياسية والقضائية التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وكان نتنياهو رد خلال زيارة إلى باريس على تصريحات الرئيس التركي بأنه "لن يتقبل دروسا في الأخلاق من مسؤول يقصف الأكراد في تركيا ويسجن الصحفيين ويساعد إيران على الالتفاف على العقوبات الدولية ويساعد الإرهابيين خصوصا في غزة".
من جهته، قال رئيس مركز إيدام لدراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول سنان أولغن إن خطاب أردوغان في ما يتعلق بقضية القدس يعكس تغييرا في توجهات السياسة الخارجية التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في 2002.
وأوضح أن تركيا كانت قادرة تقليديا على ممارسة دبلوماسية غير خاضعة لاعتبارات سياسة داخلية، "إلا أن هذا الأمر تبدل بشكل كبير مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، إلى حد أصبحت معه غالبية قرارات السياسة الخارجية تُتخذ بناء على حسابات محلية".
وأضاف المحلل أنه من هذا المنظار يجب قراءة الجهود التركية في قيادة الحملة ضد قرار واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال إن أردوغان يعتقد أنه يحظى بتأييد شعبي ما يبرر خطابه العدائي تجاه إسرائيل، حتى وإن جازف بافتعال أزمة دبلوماسية مع إسرائيل.
وفي وقت سابق، شدّد أردوغان على أن "القدس هي قبلتنا الأولى، وهي مدينة الأنبياء وشقيقة مكة والمدينة وإسطنبول وبغداد والقاهرة وبخارى، بل هي ميراث مشترك للإنسانية جمعاء".
وأردف: "أكّدنا أهمية الحفاظ على المكانة التاريخية للقدس بالنسبة للإنسانية جمعاء، وأن السلام في المنطقة لن يتحقق إلّا عندما ينتهي احتلال القدس والضفة الغربية وغزة، ويتمكن الفلسطينيون من العيش بحرية في موطنهم".
وأكّد الرئيس التركي أنهم في منظمة التعاون الإسلامي لن يتخلوا أبدًا عن "الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس".
وقال أردوغان إنهم عازمون على "إعلان نفير واسع وبكافة الإمكانات المتاحة، لأجل تعزيز مكانة القدس وتقوية الدولة والمؤسسات الفلسطينية، على مستويات مختلفة".
ودعا جميع دول العالم إلى الاعتراف بالقدس عاصمة محتلة لدولة فلسطين. معربًا عن ثقته في أن جميع مؤيّدي العدل والسلام سيتّخذون هذه الخطوة الهامة في أقرب وقت.
واستشهد الرئيس التركي بالآية الكريمة "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ" (البقرة 216).
وتابع أردوغان في السياق ذاته: "أومن بأن هذا القرار الذي يبدو في ظاهره شرًا بالنسبة للمسلمين، سيتبدل إلى خيرٍ إن شاء الله".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!