غويدو دل-أومو - صحيفة لي أوكي ديلا غويرا الإيطالية - ترجمة وتحرير ترك برس
منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، شهدت الساحة الدولية موجة من الاحتجاجات من قبل وسائل الإعلام والرأي العام الدولي. ومن هنا يبدو جليا أن هذا القرار جعل ترامب في دائرة الاتهام.
على خلفية ذلك، من الممكن أن توجه لترامب تهمتان، تتمثل الأولى في أن قراره ساهم في اندلاع انتفاضة جديدة في فلسطين، فقد اندلعت اشتباكات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وقامت السلطات الإسرائيلية بالرد على هذه الاحتجاجات باستعمال السلاح لتتمكن من قمع الانتفاضة وهي في مهدها.
أما ثانيا، يعتبر ترامب متهما أيضا بزعزعة الاستقرار في المنطقة، فقد أصبح قراره يشكل عقبة في طريق تحقيق السلم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. والجدير بالذكر أن التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليس بالأمر الجديد، وبالتالي ليس ترامب المتهم الرئيسي الذي ساهم في خلق هذه العداوة وتعميقها. ولكن، منذ سنوات، لم يبذل المجتمع الدولي أية جهود تذكر أدت إلى نتائج ملموسة بخصوص حل الأزمة الفلسطينية.
في الواقع، إن قرار ترامب القاضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس قد قوبل بالرفض من قبل الاتحاد الأوروبي وروسيا، فضلا عن توليد احتجاجات نفذتها الشعوب العربية أمام السفارات الأمريكية في جميع أنحاء العالم تعبيرا عن تنديدها بهذا القرار. وإلى جانب ذلك، نذكر موقف كل من الرئيس التركي والرئيس الإيراني اللذين أكدا أنه سيكون لهذا القرار تداعيات كارثية في المستقبل.
والجدير بالذكر أن القضية الفلسطينية لم تكن على قائمة اهتمامات الدول العربية، فقد كانت تحظى باهتمام نسبي خلال السنوات الأخيرة، إلا أن ما تشهده الساحة اليوم من اندفاع تركيا في الدفاع عن القدس وإصرارها على التصعيد يثير في الذهن العديد من التساؤلات.
بناء على ذلك، يبدو أن مساعي تركيا وحلمها في قيادة العالم الإسلامي قد كللت بالنجاح. فمن خلال اتخاذ هذه الخطوة، قدم دونالد ترامب لتركيا فرصة ذهبية. وخير دليل على ذلك أنه بعد أسبوع واحد من إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل سارع أردوغان بعقد قمة استثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول لإيجاد حل للأزمة الفلسطينية*، التي تضم 57 دولة عربية.
إلى جانب ذلك، يعد انعقاد القمة في إسطنبول وليس في جدة نتيجة لقرار ترامب الذي ساهم في تحقيق مساعي أردوغان في قيادة العالم الإسلامي. وتجدر الإشارة إلى أن مقر هذه المنظمة يقع في جدة، وقد تأسست سنة 1969 للدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثل في القدس. ولكن، إثر حرب الخليج وبروز القوى الإقليمية في المنطقة تحررت منظمة التعاون الإسلامي من التوجه الذي تمليه عليها السعودية.
تنقسم المنظمة إلى كتلتين، حيث نجد الكتلة المكونة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، والكتلة الأقوى التي تضم إيران وتركيا.
في الحقيقة، لدى القوى الإقليمية في العالم الإسلامي مصالح مختلفة في المنطقة وهو ما يفسر التباين في معالجة بعض القضايا، إلا أن ترامب نجح في توحيد صفوف بعض الدول العربية وقدم فرصة لتركيا.
---------
* يُذكر أن تركيا تتولى رئاسة الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!