حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس
هناك شخص مؤيد لبرازاني. بل ويسير في طليعة مؤيديه، شعر بالانزعاج عند بدء الجيش العراقي بالكر نحو كركوك. يضايق كل من حوله، ويتّهم كل من لا يؤيد رأيه بأنّه يؤيد المشروع الإيراني.
وفقاً لمنطق هذا الرجل فإما أن تبقى كركوك في يد برازاني أو أن تصبح تحت سيطرة إيران. يزعم هذا الرجل أن بقاء كركوك في يد برازاني هو الخيار الأفضل بالنسبة إلى تركيا، وأن كل من يرفض بقاءها في يد برازاني هو مؤيد بطبيعته لإيران.
هذا الشخص لا يستطيع أن يفكّر بما بين هذين الخيارين، ويتجاهل وجود مصالح دولية لتركيا في المنطقة. لا يضع خيار تأييد تركيا ضمن الخيارات. لا يأخذ احتمال سعي تركيا خلف ممارسة سياسة محلية وقومية في المنطقة بعين الاعتبار. إنه يقصد تصعيب الأمور كي لا ينكشف تأييده لبرازاني.
إنه يستخدم أسلوب الاتهام لإبعاد احتمال توجيه أصابع الاتهامات ضده. لنضع جرأة هؤلاء الرجال في تأييد برازاني إلى هذا الحد جانباً. لكن من أين يجدون الجرأة لاتهام القسم الآخر من المجتمع بتأييد إيران؟
كيف يعتقدون أن السياسية التركية ستنحصر في برازاني فقط؟ هل يعتقدون أن ما يفعلونه أمر غير ملحوظ؟.
باختصار, تركيا ليست مضطرة لأن تحصر موقفها في إطار التأييد لبرازاني أو لإيران. إنما تسعى تركيا إلى ممارسة سياسية تتوافق ومصالحها الشخصية.
يمكن في بعض الأحيان أن يكون برازاني الخيار الأقرب لهذه السياسية، وأن تكون إيران الأقرب في أحيان أخرى. إن التحالف مع إيران ضد برازاني لا يعني تأييد تركيا لإيران. ولكن تجاهل برازاني للتوازن السياسي في المنطقة ومحاولته لإقناع تركيا بسياسته العرقية ضيقة المجال سيؤدي إلى اضطراب العلاقات بالتأكيد. إن تحالف تركيا مع إيران والعراق في خصوص حماية وحدة الأراضي العراقية لا يعني تأييد تركيا لإيران.
لا شك في أن تركيا كانت ستتخذ موقفاً معارضاً لإيران لو كانت إيران مصدراً لإثارة المشاكل. لا يوجد أمر طبيعي أكثر من ذلك. لأن تركيا لا تحمل مسؤولية حماية مصالح برازاني أو إيران. تركيا لها أهدافها الشخصية. ويجب على جميع مؤيدي برازاني ومؤيدي إيران أن يدركوا هذا الواقع.
تسبب برازاني في زعزعة التوازن من خلال قرار الاستفتاء. مما دفع تركيا والعراق وإيران إلى التقارب. وقع هذا التقارب ضمن إطار مسائل معينة. وتأتي مسألة كركوك على رأس هذه القضايا. لقد ذكرنا مراراً وتكراراً أن إصرار برازاني على إجراء الاستفتاء سيدفع تركيا والعراق وإيران إلى مراجعة المسائل التي تخص كركوك وجبلي قنديل وسنجار. من المحتمل أن هذه المسائل أصبحت على طاولة الحوار. بدأت حكومة بغداد بالتقدم في تجاه كركوك. لكن السؤال الجدير بالطرح الآن هو هل تجري هذه الأحداث ضمن تنسيق مع الحكومة التركية؟
إذا كان الأمر كذلك فسننتظر جميعاً لنرى ما سيحدث. ربما نواجه خطوات جديدة، ويمكن أن تبدأ عمليات جديدة في سنجار أو قنديل، أو على الأقل أن تُتخذ خطوات جديدة فيما يخص الخطوط الحدودية. يمكن أن نشهد عمليات جديدة تشرع بها تركيا وإيران والعراق إلى أن يخضع برازاني للاستسلام. إذا استمرت الأمور على هذا المنوال فإن انهيار برازاني سياسياً وقدوم شخص أكثر ملائمة من برازاني إلى السلطة لن يكون بالأمر البعيد.
يمكن أن يكون الشخص الذي سيحلّ مكان برازاني من عائلة برازاني أيضاً، لكن بشرط أن يزيل مسألة الاستقلال من جدول الأعمال بشكل نهائي.
لكن إذا كانت عملية كركوك التي تقودها حكومة بغداد خارج نطاق التنسيق مع الحكومة التركية، أو كانت حكومة العراق المركزية تسعى إلى تحويل هذه الأزمة إلى فرصة جديدة فذلك سيؤدي إلى خلق مسائل جديدة. تركيا تنظر إلى كركوك على أنها مدينة تحمل أهمية استراتيجية كبيرة. لذلك سترفض أي خطوة متخذة بشكل فردي فيما يخص مسألة كركوك. لقد تحدد الموقع الاستراتيجي لكركوك مسبقاً نظراً إلى هذه الحساسيات الموجودة. إذ كانت تركيا تستطيع أن تغض النظر عن النشاطات التي يمارسها برازاني في كركوك نظراً إلى المشاكل التي وقعت بين تركيا وحكومة العراق المركزية. لكن على الرغم من جميع المشاكل الموجودة بين الحكومتين التركية والعراقية فإن أي مبادرة من برازاني تضر الحكومة التركية قد تدفع تركيا إلى التقارب مع الحكومة العراقية أيضاً.
لكن دخول بغداد في ميول مماثلة لميول حكومة العراق المركزية سيؤدي حينها إلى إعادة تقييم الوضع السائد. إن إيران وبرازاني ليسا جزءاً لا يتجزأ من السياسة التركية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس