سربيل تشويكجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
صفعة قوية تلقاها من العالم، بمساعٍ تركية، قرار الولايات المتحدة الصادر بغطرسة أمبريالية حول إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
من غير الممكن النظر إلى التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس الماضي، على أنه موقف يقتصر على التنديد والاستنكار ولا يتضمن عقوبات وعديم النتائج.
فقد رأينا جزءًا كبيرًا من العالم وفي مقدمته حلفاء أوفياء للولايات المتحدة، يقول بصراحة إنه لا يقبل إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، بموجب توقيع ألقاه الرئيس الأمريكي ترامب على الهواء مباشرة وكأنه الحاكم وصانع القرارات الوحيد على سطح الكرة الأرضية.
فمن أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى البلدان الإسلامية وحتى البلدان التي يتعلق وجودها بالدعم الأمريكي وتلك التي تواصل وجودها رغم التهديدات الأمريكية، صوّت 128 بلدًا لصالح مشروع ينتقد قرار الولايات المتحدة بشأن القدس، وأظهروا أن الأمور لم تعد كما كانت عليه في السابق، وذلك على الرغم من التهديدات الوقحة والصريحة والخالية من اللباقة، الصادرة عن المندوبة الأمريكية الدائمة في الأمم المتحدة.
ومن الممكن القول من الآن إن الصورة، التي وضعت الولايات المتحدة فيها على أنها "صانعة السلام في العالم، وصاحبة الكلمة الأخيرة فيه"، قد اهتزت.
على الرغم من جميع الحروب التي أشعلتها منذ الحادي عشر من سبتمبر لم تتمكن الولايات المتحدة من العودة إلى أيام المجد السابقة، وخرجت من جميع الحروب منهكة وخائرة القوى.
يعرف العالم أن هناك خطة أخرى وراء جميع العمليات العسكرية الدولية التي سعت الولايات المتحدة لإضفاء الشرعية عليها بدعوى هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
ومع تداخل أزمة المشروعية بالمشاكل الاقتصادية والسياسية داخل البلاد انفتح الطريق أمام شخصية مثل ترامب لتستلم مقاليد الحكم.
ومن المحتمل أن يزيد ترامب من جرعة عدوانيته بهدف فرض قبول مبادرته، التي لم يحصل على النتيجة المرجوة منها رغم تهديداته.
وسيواصل اتخاذ قرارات لا تراعي التوازنات الاستراتيجية بهدف جعل العالم يعترف بأنه الوحيد القادر على رسم خريطة الشرق الأوسط. ولن ينسى هزيمته في الأمم المتحدة لفترة طويلة.
التوازنات التي تشكلت بعد الحربين العالميتين آخذة في التغير، وروسيا والصين تلاحقان الولايات المتحدة، فيما يقف الاتحاد الأوروبي على مفترق طرق.
يقترب عهد سوف تتغير فيه الخرائط المصطنعة التي وُضعت مطلع القرن الماضي في الشرق الأوسط. والقرار الأممي الصادر في مثل هذا العهد يظهر أن قوة الحق يمكنها الانتصار.
تلقت الهيمنة الأمريكية المستترة تحت غطاء "تسوية النزاعات" ضربة كبيرة، وعلى البلدان التي أظهرت قوة الحق في مواجهة التهديدات، وفي طليعتها تركيا مهندسة القرار، أن تواصل استراتيجياتها الهادئة والعقلانية.
فالتحركات العقلانية مع الاستخدام الفعال للدبلوماسية يمكنها أن تعيد الجميع إلى رشده. وهنا تكمن صيغة الخروج بالعالم من المرحلة الانتقالية إلى عهد جديد بأخف الأضرار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس