طه أوزهان - ترجمة وتحرير ترك برس
لا أحد يمكنه التكهن بما سيؤول إليه حال جماعة فتح الله غولن بعد فشل محاولة الإنقلاب التي قاموا بها مطلع العام الحالي (17 ديسمبر/ كانون الأول 2013). إن قراءتنا للمصير الذي انتهت إليه العديد من الأحزاب السياسية التركية قد يعطينا تصورا لما ستؤول إليه الجماعة. إلا أن هذا التصور غير كاف إذ لم يسبق لتركيا أن شهدت حركة يمتدت وجودها داخل وخارج تركيا، كحركة غولن، فمقرها وزعيمها فتح الله غولن يقبع في امريكا وفعالياتها تمتد إلى نحو 100 بلد. إنه أمر غير معهود في تاريخ تركيا. لم يسبق لكيان أن عمل محليا وعالميا على تشويه الوقائع حتى الصغيرة منها كهذا الكيان.
فبعد أن منيت جماعة غولن بالخسارة في المعركة التي أعلنتها بدأت عملية تسليم الأسلحة مباشرة، متجاهلة فترة المباحثات جاعلة كل الجهود التي بذلت من أجل النزاع تذهب أدراج الرياح. وبدل أن يقفوا وجها لوجه أمام الحرب التي خسروها في تركيا نقلوا خط الدفاع خارج تركيا وفي هذا مؤشر لأزمة أكبر. ربما هم يعتقدون أن انصياعهم لما يمليه عليهم الغرب سيكسبهم مشروعية عالمية وسيكون سلاحا فعالا في أيديهم. وبدون أدنى شك هم مضطرون إلى تطبيق أدق التفاصيل المطلوبة منهم لكي يكسبوا تلك المشروعية الدولية. ولكن يغيب عن أنظارهم أن تحول جماعة غولن إلى "ماركة مسجلة عالمية" هو أمر في غاية الخطورة. يفتح الباب أمام كوارث حقيقية.
إذ لكن يكون بإمكان الجماعة التهرب من دفع ثمن الدخول تحت مظلة الحماية الدولية. وأخاطب الجماعة سائلا :"على ماذا ستقايضون؟". فمغامرتكم التي بدأت بالشكوى بحجة "حرية الصحافة وحقوق الإنسان" ستستمر باستمرار تقديمكم لأدلة جديدة إلى الوحوش التي تسجل وتكتب كل ما تأتون به. إن هذا سيضمن لكم المحافظة على أنفسم كماركة مسجلة.ولن تنتهي هذه الدوامة. فقد بدأت رحلتكم بانتقادات وجهتموها لحزب العدالة والتنمية وتابعتموها بإعلان العداء على أردوغان وانتهى بكم المطاف كمناهضين معادين لتركيا.
ولقد وصلتم إلى هذه المرحلة الثالثة منذ أشهر وعهود. إن كيانا يتخذ من تركيا هاجسه الرئيس لا يمكن له أن يؤخذ بعين الاعتبار على الصعيد العالمي. ويبدو أنه من الصعب أن تجد العلامة المسجلة المذكورة آنفا لنفسها سوقا إلا لدى الذين يعتزمون التحرش بتركيا وإزعاجها بشكل مقصود. وإن تركيا التي تلم كل الإلمام بالهراءات التي يخلقها هذا السوق لن تتراجع في موقفها وهذا ما سيجعل البضاعة التي يتاجرون فيها عديمة القيمة.
ولكن هل سيلاحظون انعدام القيمة هذا؟ لست أدري. لقد أعلن الأب الروحي لعالم الكاثوليك عن "قائمة الأمراض" في احتفال عيد الميلاد لهذا العام، قد تكون بمثابة دروس من "الهيكل المغلق" الذي خلص إلى نظرته إلى الحياة من خلال ما أتاحته وسائل تواصل العصر الحديث.
وقائمة الأمراض كما ذكرها البابا هي كالتالي:1- الإحساس بالخلود والحصانة والأهمية التي لا يستغنى عنها. ٢ممارسة فعاليات تصل إلى حد الإفراط. ٣. التحول إلى آلات إجرائية مع تحجر ذهني وروحي. ٤. التحول إلى محاسبين في إطار هاجس التخطيط والحسابات. ٥. سوء التنسيق. ٦. ازهايمر روحي ناجم عن التزام حاد بالآراء الذاتية التي تكون خيالية في الكثير من الحالات. ٧. التنافس والاغترار بالنجاحات الذاتية في إطار من التصوف الخرافي. ٨. شيزوفرينية وجودية ناجمة عن عيش حياة مزدوجة. ٩. إرهاب النميمة كمؤشر على الجبن. ١٠. قيادة مكرسة فقط للمكاسب ضمن إطار الوصولية والانتهازية. ١١. عدم الاكتراث بآلام الآخر. ١٢. تعابير الوجه الناجمة عن التشاؤم العقيم. ١٣. هاجس التكديس والنمو. ١٤. حلقات مغلقة تجعل من جميع أعضائها عبيدا. ١٥. الانسياق وراء المظاهر في سبيل جمع القوة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس