ترك برس
تناول مقال تحليلي للكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، في صحيفة (عربي21)، دلالات وأسباب إعلان رئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت بهتشلي، دعمه لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، بشأن انتخابات العام القادم.
وقال بهتشلي، خلال مؤتمر صحفي عقده بأنقرة، أن حزبه لن يقدم أي مرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع إجراؤها في 2019، مشيرا إلى أن حزب الحركة القومية سيدعم في هذه الانتخابات؛ الرئيس أردوغان.
ولفت إلى أن حزب الحركة القومية سيخوض الانتخابات المقبلة ضمن تحالف انتخابي إن أمكن ذلك، في إشارة إلى التحالف مع حزب العدالة والتنمية، وأنه سيتحرك في إطار ما يسمى "روح يني كابي".
وفي معرض تقييمه لعبارة "روح يني كابي"، قال "ياشا" إن "يني كابي" اسم ميدان شهير يقع في الشطر الأوروبي لمدينة إسطنبول، وتم فيه تنظيم مظاهرة حاشدة في 7 آب/ أغسطس 2016، لدعم الديمقراطية والتنديد بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها ضباط موالون للكيان الموازي.
وشارك في تلك المظاهرة التي تم تنظيمها برعاية رئاسة الجمهورية؛ حوالي خمسة ملايين من المواطنين، بحضور رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، ورئيس الأركان الجنرال خلوصي آكار، ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي.
تلك المظاهرة المليونية التي تجسدت فيها الوحدة الوطنية ضد الانقلابيين، أصبحت رمزا لرص الصفوف والتلاحم، حكومة ومعارضة وشعبا، لمواجهة المخاطر التي تهدد أمن تركيا واستقرارها وسيادتها.
وانسحب حزب الشعب الجمهوري فيما بعد من ذاك التحالف الوطني الذي تشكل في ميدان يني كابي، وبدأ كيليتشدار أوغلو مجددا يطلق تصريحات تؤيد الانقلابيين ضمنيا، إلا أن حزب الحركة القومية ظل متمسكا به حتى اليوم. كما أن تصريحات بهتشلي حول التحرك في إطار "روح يني كابي"؛ تؤكد أن حزبه لن يتخلى عن تحالف يني كابي في المرحلة القادمة.
وتابع ياشا: لم يتأخر رد أردوغان على تصريحات رئيس حزب الحركة القومية. وبعد أن شكره على إعلان دعمه لمرشح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وجَّه إليه دعوة لعقد لقاء يبحث فيه الزعيمان الخطوات اللازمة تحضيرا للانتخابات.
ووصف رئيس الجمهورية التركي قرار بهتشلي بــ"الوطني"، مشيرا إلى "ضرورة عدم التأخر في كل أمر خيِّر"، في إشارة إلى تشكيل تحالف انتخابي مع حزب الحركة القومية للانتخابات المقبلة.
حزب الحركة القومية برئاسة دولت بهتشلي يدعم أردوغان وحزبه منذ مدة. وبفضل هذا الدعم، نجح حزب العدالة والتنمية في تمرير التعديلات الدستورية من البرلمان، والحصول على موافقة الشعب التركي في الاستفتاء على مشروع الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
ويكمن سر هذا الدعم في شعور قادة الحزب بأن تركيا تواجه مخاطر جسيمة تهدد أمنها القومي ووحدة ترابها. ويرى بهتشلي أن الولايات المتحدة تستهدف تركيا، سواء عن طريق محاولة الانقلاب، أو من خلال الدعم السخي الذي تقدمه إلى مليشيات وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب العمال الكردستاني.
تركيا مقبلة على انتخابات هامة للغاية، ومن المتوقع أن تشهد الساحة السياسية فيها حملات دعائية وتحالفات واستعدادات للانتخابات. إلا أن هناك ملفات أخرى أكثر أهمية وحساسية من ملف الانتخابات، كملف الحيلولة دون إنشاء ممر إرهابي على الحدود التركية السورية، يمتد من العراق ليصل إلى البحر الأبيض، ويحاصر تركيا من جهة الجنوب ويقطع اتصالها البري بالدول العربية، ما يعني أن عملية عسكرية في شمال سوريا لتطهير عفرين ومنبج من الإرهابيين على رأس أولويات أنقرة. بل يؤكد مراقبون أن التحضيرات لهذه العملية انتهت، وأنها قد تنطلق في أي لحظة.
بهتشلي لا يريد أن تغرق تركيا في مشاكل وصراعات سياسية داخلية؛ لتنشغل عن إزالة المخاطر التي تهدد حاضرها ومستقبلها. ولذلك يهدف إلى قطع الطريق أمام محاولات إشغال البلاد بالانتخابات؛ لأن الأطراف التي تسعى إلى إسقاط أردوغان تبني خططها على أن لا يحسم السباق الديمقراطي في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، لتشتد حدة التنافس والصراع.
شعبية أردوغان تفوق 50 في المئة، وفقا لنتائج استطلاعات الرأي، وسيضاف إليها دعم حزب الحركة القومية. وقد تتسع دائرة التحالف الوطني ليجمع تحت سقفه أحزابا أخرى، كحزب الاتحاد الكبير الذي أعلن ترحيبه بأي تحالف انتخابي يشكله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، الأمر الذي سيفشل محاولات نقل التنافس إلى الجولة الثانية، وسيسهل بالتأكيد حسم السباق الديمقراطي في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!