ترك برس
نشرت دورية "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكية مقالا للكاتب جاكوب شابيرو، رأى فيه أن هناك خلافات بين تركيا من جانب وروسيا وإيران من جانب آخر، وهي الدول الثلاث الضامنة لاتفاق وقف التصعيد في سوريا، الأمر الذي يجعل ترويكا الأستانة مهددة بالتفكك.
وقال شابيرو في مقاله إن مشكلة اتفاق الأستانة لإنشاء أربع مناطق لخفض التوتر في سوريا هي اختلاف وجهات النظر بين الدول الثلاث الراعية، فتركيا تدعم القوات المعارضة للنظام، وروسيا وإيران تدعمان في المقابل نظام الأسد. ويتبادل الجانبان الاتهامات بدعم جماعاتهم على الأرض، بدلا من العمل على حفظ السلام.
وأضاف شابيرو أن الخارجية التركية استدعت في التاسع من الشهر الحالي السفيرين الروسي والإيراني للتعبير عن قلقها من تقدّم القوات السورية في منطقة خفض النزاع في إدلب، التي تعد أكبر منطقة استراتيجية متنازع عليها. وفي اليوم التالي دعا وزير الخارجية التركي روسيا وإيران إلى الاضطلاع بواجبهما كضامن لوقف إطلاق النار.
ولفت الكاتب إلى الاتهامات التي وجهتها صحيفة يني شفق التركية لروسيا وإيران بتقديم دعم ضمني لقوات الأسد في تقدمها في إدلب وبتنسيق مع تنظيم الدولة "داعش".
وجهات نظر متباينة
ترى تركيا أن نظام الأسد يسعى للسيطرة على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة بدهم جوي روسي وبمباركة إيرانية، وأن ضحايا هذه الهجوم هم مدنيون وجماعات معارضة معتدلة تعهدت تركيا بالدفاع عنها.
من جانبها، ترى روسيا أن اتفاق وقف التصعيد لا ينطبق على هيئة تحرير الشام التي تعدها فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، ومن ثم فهي تشجع نظام الأسد على مهاجمة مقاتلي الهيئة في معاقلها في محافظة إدلب. وعلاوة على ذلك توقعت روسيا أن تمارس تركيا ضغوطا على الهيئة للتخلي عن أسلحتها وحلها عندما دخلت قواتها محافظة إدلب. ورفضت تركيا القيام بذلك، مما أعطى روسيا الحجج التي تحتاجها لتوطيد نظام الأسد.
ولفت شابيرو إلى الهجوم الذي تعرضت له القاعدة الجوية الروسية في حميميم بطائرات مسيرة عن بعد، أدت إلى تضرر عدد من المقاتلات الروسية. وقالت وزارة الدفاع الروسية. وقال التقرير إن هذه الطائرات أطلقت من مناطق تقع تحت سيطرة قوات المعارضة المعتدلة التي تدعمها الحكومة التركية.
إيران تميل إلى روسيا
وفيما يتعلق بإيران رأى شابيرو أنها لم تعلن إيران عن رأيها بشأن حادثة حميميم والاعتداء على القوات الروسية، غير أن وجود وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف في موسكو في العاشر من الشهر الجاري، إضافة إلى الدعم العسكري الذي تقدمه إيران لقوات الأسد المتقدمة في إدلب ، يشير إلى أن وجهات نظر إيران أكثر اتساقا مع روسيا من وجهة نظر تركيا بشأن هذه المسألة.
وعلى الرغم من أن هناك مصالح مشتركة بين تركيا وإيران، أبرزها التعاون التكتيكي قصير الأجل ضد الجماعات الكردية، فإنهما تختلفان بشأن سوريا في سوريا، إذ تنظر إيران إيران إلى نظام الأسد بوصفه جزءا لا يتجزأ من استراتيجيتها لزيادة قوتها. أما تركيا فترى إيران منافسا طويل الاجل حققت توسعا استراتيجيا مثيرا في الأشهر الأخيرة ويتعين إعادتها إلى حجمها، كما أن إيران ربطت طموحاتها بروسيا المنافس الآخر لأنقرة في المنطقة.
وتابع بالقول إن "التحالف" بين هذه البلدان الثلاثة بني على عدم تطابق المصالح، وقد أزالت هزيمة داعش الأرضية المشتركة الوحيدة بينها في سوريا.
وأوضح أن تركيا ترى أن الحل السياسي المثالي هو إبعاد الأسد وأن تعود سوريا إلى الحضن السني، وفي المقابل ترى إيران أن الحل الأمثل هو إبقاء الأسد على أن يستمر اعتماده على إيران وحلفائها من أجل البقاء، في حين أن الحل الأمثل من وجهة نظر روسيا هو أي حل يجعلها تبدو قوية ، وإبقاء الأسد لاعبا مستقلا إلى حد ما لا يعتمد على طهران ولا يخشى خطوة أنقرة التالية.
وعلاوة على ذلك، ينوه شابيرو، إلى الخلاف بين تركيا وروسيا حول مشاركة ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي في مؤتمر سوتشي المقرر في نهاية الشهر الحالي، مشيرا إلى أن روسيا لديها تاريخ من دعم الجماعات الكردية المناهضة لتركيا عندما تكون مفيدة استراتيجيا لإبقاء تركيا مشتتة.
وختم شابيرو مقاله، بالقول إنه بغض النظر عمّن سيحضر اجتماع سوتشي، فإن مستقبل سوريا لن يقرّر هناك، ولا في أستانة أو جنيف، بل يحدد الآن على أرض الواقع ، حيث نظام الأسد له اليد العليا، وروسيا هي المتحكمة في الأمور، وإيران في انتظار الوقت المناسب على أمل الاستفادة من إرهاق روسيا في النهاية، أما تركيا فستستمر في البحث عن طرق لوقف تمدد الأسد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!