عبد اللطيف التركي - التقرير

في تصريح هو الثالث من نوعه الذي يصدر من العاصمة التركية أنقرة خلال أقل من أسبوع، حول العلاقات التركية-المصرية، والتي تحمل “تلميحات” بتحسنها مما يعزز فرضية وجود “اتصالات” بين الجانبين -مباشرة أو غير مباشرة- فقد أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على “اعتماد عملية سياسية تعكس الإرادة الشعبية في مصر“، و قال إن “اعتماد عملية سياسية تعكس الإرادة الشعبية، بالمعنى الحقيقي، عندها سيتغير المشهد في العلاقات“، مما يعزز أن سير النظام المصري في خارطة الطريق التي أعلن عنها عقب الانقلاب العسكري في 3يوليو، والإطاحة بأول رئيس منتخب، سيفتح الطريق أمام عودة العلاقات بين أنقرة والقاهرة، خصوصًا بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية المصرية، وهي المرحلة الأخيرة من “خارطة الطريق”!، ولكن وزير الخارجية المصري رد بتوجيه اتهامات إلى أنقرة، وقال إن الحكومة التركية تعمل وفق “مصالح وفكر أيديولوجي”!

إزالة التوتر القائم

تصريحات رئيس الوزراء التركي حول العلاقات مع مصر، جاءت بعد تصريحات مسؤول بارز في حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحديث نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينتش، الذي أكد فيه على ضرورة إزالة التوتر القائم بين بلاده ومصر، وقال: “قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولًا، لكن علينا تحقيق ذلك“.

وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو “نتمنى تفعيل القواعد الواجب توفرها في دولة القانون بمصر، واعتماد عملية سياسية تعكس الإرادة الشعبية بالمعنى الحقيقي، عندها سيتغير المشهد في العلاقات بين البلدين، وأوضح داود أوغلو، خلال تصريحات له، في مطار قونية وسط تركيا إن بلاده ” لا ترى شرعية في تسلم السلطة عبر الانقلابات“، مضيفًا: “إن وجود بعض المشاكل في العلاقات مع الحكومات التي تقف في مواجهة شعوبها -كما هو الحال في سوريا وغيرها- هو أمر طبيعي“.

الإرادة الشعبية الحقيقية

وأردف داود أوغلو قائلًا “إن تركيا تتبنى موقفًا مبدئيًا في هذا الإطار، وهذا الموقف لا ينحصر بمصر وحدها، من هذا المنطلق، نتمنى تفعيل القواعد الواجب توفرها في دولة القانون، واعتماد عملية سياسية تعكس الإرادة الشعبية بالمعنى الحقيقي، عندها سيتغير المشهد“، موضحًا ” المشكلة تتعلق تمامًا بالحساسية التي تبديها حكومتنا وشعبنا إزاء الانقلابات، والمستندة بدورها إلى أسس محقة للغاية“، بحسب تعبيره.

حكومة تمارس العنف

وبين داود أوغلو أن “الشعب المصري ككل يتميز ببنية متجذرة، أفرزت الأفكار الرائدة، ليس في العالم العربي فقط وإنما في العالم الإسلامي أيضًا، لذلك ليس لدينا مشكلة مع مصر وشعبها بهذا المعنى، لدينا مشكلة مع مفهوم حكومة تمارس العنف، هذا الأمر مبدئي بالنسبة لنا“، وحول العلاقات المصرية-القطرية (على خلفية التقارب الأخير بين البلدين)، قال داود أوغلو: “معلوم للجميع المستوى الرفيع لعلاقاتنا الجيدة مع قطر، فتركيا لا ترهن سياساتها ومواقفها مع دولة بعينها، وفقًا لعلاقاتها مع دول أخرى، تركيا فعلت ما تمليه عليها مواقفها المبدئية، وستواصل فعل ذلك“.

أوغلو وخالد مشعل

وتطرق داود أوغلو إلى مباحثاته مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وموقف بلاده من التطورات الأخيرة في القدس والمسجد الأقصى قائلًا: “الفلسطينيون جسد واحد في مواجهة الإجراءات الرامية لإضعاف الطابع الإسلامي للقدس، وتصفيته، قبل أيام تحدثت إلى محمود عباس (الرئيس الفلسطيني) في هذا الإطار، فتركيا لن تعترف بأي إجراء أمر واقع يفرض في المسجد الأقصى، وستبذل ما بوسعها من أجل حماية طابع القدس والأقصى، الذي يعد جزءًا من إرثنا التاريخي“، مبينًا أن هذا الموقف لا يقتصر على الحكومة أو حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، بل هو رؤية جميع الأحزاب السياسية في تركيا.

القدس والمسجد الأقصى

ولفت رئيس الوزراء التركي إلى أن “أيًا من الوعود التي قطعت بشأن تحسين الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة لم تدخل حيز التنفيذ“، مشددًا على أن “بلاده ستبذل قصارى جهدها لاستمرار حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتحسين الأوضاع في القطاع، وحماية القدس والمسجد الأقصى“، وكشف داود أوغلو النقاب عن زيارة مرتقبة للرئيس الفلسطيني، محمود عباس إلى تركيا، الأسبوع الثاني، من يناير/كانون الثاني المقبل.

أمير قطر والرئيس التركي

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثانى تناول خلال لقائه مع رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته للعاصمة التركية أنقرة، التطورات على الساحة الدولية بشأن مصر وأن أمير قطر أبلغ الرئيس التركي أن العالم قبل السيسي رئيسًا لمصر ويقيم معه علاقات، وأوضح الشيخ تميم لأردوغان أهمية الدور الذي تلعبه مصر في منطقة الشرق الأوسط، وبعث برسالة مفادها: “لا محالة من تطبيع العلاقات مع رئيس الجمهورية المصري عبد الفتاح السيسي، ومن المؤكد أن هناك فائدة من إعادة تقييم سياساتكم في الموضوع مرة أخرى“.

علاقات عريقة وعميقة وتاريخية

ويرى نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينتش وعدد من الوزراء بالحكومة التركية ضرورة إعادة العلاقات مع الجانب المصري مرة أخرى، بل وتم مناقشة الأمر في اجتماع مجلس الوزراء بحسب تصريحات “أرينتش” الأخيرة في هذا الصدد، والتي أدلى بها لقناة” الجزيرة تورك”، وردًّا على سؤال عما قصده، من تصريح سابق له بأن الفتور في علاقات بلاده مع دول الخليج سيزول وستتغير العلاقات بسرعة، أجاب أرينتش “لدينا علاقات عريقة وعميقة وتاريخية، من غير الممكن أبدًا أن نكون بعيدين عن بعضنا، وأن نتصرف ببرود إزاء بعضنا البعض”، وأفاد أنهم “شعروا ببرود في العلاقات بين قادة بعض البلدان والحكومة التركية بسبب بعض القضايا في الآونة الأخيرة، منها الأحداث في سوريا ومصر، وفلسطين وغزة، أو فيما يتعلق بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان”، مضيفًا: “هذا وضع غير عادي، ويجب إزالته حتمًا”.

وضع غير عادي

وحول سؤال هل ستتحسن علاقات تركيا مع دول الخليج؟ وعما إذا كانت العلاقات مع مصر ودول الخليج ستتحسن؟، أوضح “أرينتش” أن “رد فعل بلاده إزاء الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر، قد يكون مختلفًا من الناحية الديمقراطية”، مشيرًا إلى أن مصر شهدت مرحلة انتقالية عقب ذلك، وأن بلاده تعتبرها غير صحي، وأضاف: “أجريت انتخابات ووصل السيسي إلى الحكم، تركيا تقول حتى الآن إنها لا تقبل مبدئيًّا الإطاحة بشخص وبحكومة منتخبين عن طريق الانقلاب”.

وأفاد أن هناك وضعًا قائمًا، والعالم بأسره تقبله، “فالسيسي اليوم يمكنه زيارة أمريكا والبلدان الغربية، وفي هذا الخصوص، علينا أن نقيم علاقاتنا مع مصر على أرضية سليمة بسرعة، قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولًا، لكن علينا تحقيق ذلك”، وأكد على أهمية الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى بالنسبة لتركيا، مشيرًا أنها لا تتحرك على نفس المستوى مع تركيا، كما يبدو، من وجهة نظر مختلفة إزاء الأحداث في مصر، وأن هناك مخاوفًا ووجهات نظر مختلفة،

مضيفًا: “علينا تعزيز صداقتنا مع بلدان الخليج بطريقة ما”.

فكر أيديولوجي

فيما قال وزير خارجية النظام المصري، سامح شكري، إن بلاده تنتظر “رسالة واضحة من تركيا تؤدي إلى عودة علاقات وثيقة بين البلدين“، وأوضح أن “الشعب المصري لديه مشاعر طيبة مع الشعب التركي وكذلك الشعب التركي“، جاء ذلك في تصريحات لسامح شكري بمقر وزارة الخارجية بالقاهرة، وأضاف شكري “السياسة التركية حاليًا تقوم على فكر أيديولوجي يهدف لتحقيق مصلحة على حساب المنطقة -وبدون شك- هي سياسة ليست إيجابية، ولا تسهم في التقارب بين مصر وتركيا، وحينما تبتعد هذه السياسة عن التدخل في شؤون مصر نكون دائمًا مستعدين للتفاعل الإيجابي معهم“.

موقف سلبي

ومضى قائلًا: “مصر لم تبادر بأي موقف سلبي تجاه تركيا، ولكن هناك رسائل متناقضة تصدر عن مسؤولين أتراك لدرجة أننا لا نعرف من يعبر عن الموقف التركي، وهذه أصبحت حلقة ولا يجب أن نضيع من جهدنا للرد على إساءات أصبحت مستهجنة على الصعيد العالمي“، وتطرق وزير الخارجية المصري إلى العلاقات بين القاهرة والدوحة في ظل التطور الأخير، وقال إن بلاده تتعامل مع قطر على أنها “دولة عربية وتختلف عن علاقة مصر مع تركيا، وهناك رغبة في لم الشمل العربي وإنهاء حالة التوتر التي شهدتها الفترة الماضية من خلال بناء جسور من التواصل بين القاهرة والدوحة، تتسق مع رغبة البلدين“، وأعرب عن أمله في أن تكون التوجهات القطرية “متسقة مع سعيها لدعم مصر من خلال العمل العربي المشترك لتحقيق الأهداف العربية والأمن القومي العربي“.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس