ترك برس
زعم الخبير الروسي، ليونيد إيساييف، أن التقدم السريع الذي حققه الهجوم التركي في منطقة عفرين شمالي سوريا، لم يكن ليتحقق دون موافقة صريحة من موسكو التي تسيطر على المجال الجوي السوري، مضيفا أن هناك عدة أسباب دفعت روسيا إلى دعم العملية العسكرية التركية.
وقال إيساييف في مقال نشره موقع الجزيرة الإنجليزية، إن دراسة دقيقة لتطورات العام الماضي تدل على أن التعاون بين موسكو وأنقرة بشأن مستقبل عفرين، على حساب التنظيمات الانفصالية، بدأ قبل وقت طويل من بدء تركيا عمليتها ضد الجيب الكردي.
وأوضح الأستاذ في قسم العلوم السياسية بمدرسة الاقتصاد العليا، أن البذور الأولى لعملية غصن الزيتون وضعت في الصيف الماضي خلال محادثات بين وزير الدفاع الروسى، سيرغي شويجو، ورئيس الأركان التركي، خلوصي أكار، فى إسطنبول. ونتيجة لهذه المحادثات، وافقت موسكو على استخدام المقاتلات التركي المجال الجوي السوري، مما مهد الطريق لهجوم تركيا على عفرين.
وحول الأسباب التي دفعت موسكو إلى التعاون مع أنقرة حول قضية عفرين، قال إيساييف إن التعاون مع تركيا في هذه الحالة أفضل لروسيا من المواجهة.
وتابع إن علاقة روسيا مع الأكراد لم تستند قط إلى تعاون استراتيجي طويل الأجل، بل على العكس من ذلك، استخدمت موسكو طوال تاريخها "الورقة الكردية" فقط عندما كانت بحاجة للتوصل إلى حل توفيقي مع بلدان الشرق الأوسط، ولا سيما مع تركيا.
وفي حالة عفرين، لا تدين موسكو بالكثير لوحدات حماية الشعب التي تحالفت طوال الأزمة السورية، مع الولايات المتحدة. كما رفض الأكراد عرض روسيا نقل الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم في عفرين إلى النظام السوري مقابل ضمانات أمنية. ولم تتمكن واشنطن من مساعدة حلفائها من وحدات حماية الشعب، مما أعطى موسكو فرصة إضافية لإظهار الطبيعة الوهمية للضمانات الأمنية الأمريكية.
وبالإضافة إلى ذلك، يقول المحلل الروسي، فإن التعاون مع أنقرة له أهمية قصوى بالنسبة إلى موسكو في الوقت الراهن، لأن تركيا من المشاركين في تنظيم مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي يعقد حاليا في سوتشي.
ووفقا لإيساييف، لهذا المؤتمر أهمية سياسية محلية للكرملين، حيث إنه ليس مجرد مبادرة شخصية من فلاديمير بوتين، بل يتزامنأايضا مع بداية حملته الانتخابية. ويريد الرئيس الروسي الاقتراب من الانتخابات الرئاسية في مارس 2018 كصانع للسلام ومنتصر في سوريا.
وثمة سبب آخر، كما يرى إيساييف، دفع موسكو للتعاون مع أنقرة في عفرين، هو أنه أتاح لها الفرصة لحل الوضع في إدلب دون تصعيد عسكري، ذلك إن روسيا تعرف أن المواجهة العسكرية في إدلب ستكون مكلفة لنظام دمشق وحلفائه. ناهيك عن أن هذا الصراع كان قد استنفد الجيش السوري الضعيف أصلا، مما أجبر روسيا على العودة إلى جبهة الحرب السورية.
وأخيرا، جاء الدعم الروسي لعملية غصن الزيتون، لأن تركيا لديها ورقة مساومة مهمة أخرى ضد روسيا، وهي مشروع خط السيل التركي لنقل الغاز الروسي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، حيث تعلق موسكو آمالا كبيرة على المشروع، ولا تريد أي شيء يعيق بناءه.
وتزامنت موافقة موسكو على عملية تركية في عفرين مع تصريح للرئيس التنفيذي لشركة غازبروم أليكسي ميلر، أكد فيه أن عملية إنجاز هذا المشروع التي انطلقت في أيار/ مايو 2017 متواصلة إلى الآن وستنجز على مرحلتين.
وهذا يجعل من غير المرجح أن توقف أنقرة المشروع في المستقبل القريب، كما فعلت في عام 2015.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!