أحمد تاشغاتيران – جريدة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
أحب طرح الأسئلة. الأسئلة تمهد الطريق عند تحليل موضوع ما. سأسأل سؤالين:
أولاً: هل القرار الذي اتخذه المدعي العام أكرم ايدنار فيما يخص عدم متابعة ملفات أحداث 17 – 25 ديسمبر قرار قضائي؟ بالطبع هو قرار متخذ ضمن مؤسسة القضاء. والسؤال هو: هل تحترمون ذلك القرار؟
ثانياً: هل القرار المتعلق بالقبض على هدايت كراجا والإفراج عن أكرم دومانلي قرار قضائي؟ هل تحترمون ذلك القرار؟
ونعرف بما لا يدع مجالاً للشك بأن البعض سواء في الداخل أو في الخارج لم يحترم هذه القرارات. والنتيجة التي نخرج بها هنا هي: على الأقل في الوقت الراهن قد لا تجد بعض القرارات القضائية الاحترام من قبل البيئات التي تظهر تلك القرارات على أنها اتخذت من قبل الديوان العالي.
ولم ننسَ كيف هاجم حزب الشعب الجمهوري في الماضي الطاقم السياسي لِمَا قيل أنه تنظيم موازي من طواقم الادعاء العام والقضاء. وبناء عليه فإن القضاء يمكن أن لا يكون قضاء نزيهاً دائماً. والكتابات التي تتحدث عن أن رمز القضاء وهو المرأة معصوبة العينين والتي تحمل ميزاناً في يدها لا تمثل الواقع دائماً تملأ المجلدات.
والآن لنأتِ إلى المحكمة الدستورية التي تلعب دور الديوان العالي.
تلاشى الدور المحترم الذي يمكن للمحكمة الدستورية أن تلعبه بسبب بعض القرارات التي اتخذتها في الماضي.
هل تستحق قرارات مثل إغلاق الأحزاب ومنع الحجاب الاحترام من قِبل من وقع ضحية لتلك القرارات؟ (ولم يُنسَ ما كتبه هاشم كيليتش بيده عن الأصوات المناهضة).
ألم تُقبل التغييرات المتعلقة بتوزيع أعضاء المحكمة الدستورية وتغيير مجالات سلطتها من خلال الاستفتاء الذي دعمه التنظيم الموازي الحالي؟
ألم يتم تغيير هيكلة المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين والذي يعتبر مقاماً قضائياً في نفس الاستفتاء؟
وأسأل: ألا ترون فرقاً من حيث الثقة والاحترام بين المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين الذي تم إنشاؤه بعد الاستفتاء وبين المجلس الذي تحقق بعد الكشف عن الكيان الموازي؟
المشكلة هي: المؤسسة هي ذاتها ولكن المشكلة في موظفيها الذين قد يخلطون بين وظيفتهم وبين أيديولوجياتهم, وجهة نظرهم السياسية, أعراقهم أو مذاهبهم. أو الذين يمكن أن يقعوا في حيرة من أمرهم في مسألة ترجيح وجدانهم على النقود أو العكس. وهذا ما يضر في مسألة الثقة. الحكومة الحالية لا تثق بأعضاء المحكمة الدستورية. وهذا ليس عدم ثقة بالمحكمة الدستورية وإنما هو عدم ثقة بالأعضاء.
لنفترض أن أعضاء المحكمة الدستورية أعطوا آذانهم للأطراف الداخلية والخارجية التي استطاعت الوصول إلى أشد المناطق خصوصية في الدولة والتي وضعت الاطاحة برجب طيب أردوغان وبحكومة العدالة و التنمية هدفاً رئيساً لها, وأنه تم إثبات بعض القضايا التي لن تستطيع الحكومة الدفاع عن نفسها فيها أمام الرأي العام, وأنهم يريدون أن يستخدموا المحكمة كوسيلة محاسبة للحكومة من خلال وضع الحكومة في موقع يمكن ابتزازها فيه.
لا نعلم إذا كان الوضع هكذا بالفعل. بالطبع لا يمكن أن نطرح تلك الاتهامات المسبقة تجاه أي أحد. ولكن من الواضح أن البيئة المحيطة برئيس الجمهورية والحكومة على الأقل تبدي حساسية تجاه هذا الموضوع.
لا شك أن مواقف هاشم كيليتش رئيس المحكمة الدستورية في الفترة الأخير تلفت الانتباه. الكل متفق على أن شيئاً ما حصل لهاشم كيليتش. يوجد فروق كبيرة بين مواقفه الحالية ومواقفه التي اتخذها طوال حياته إلى السنة أو السنتين الماضيتين. ولا أدري إن كان يجب التعليق على سبب هذا الاختلاف بأن نظام الحكم الحالي غير نظام الحكم السابق أو أن هاشم كيليتش غيّر لَبُوسَه لسبب من الأسباب. الاختلاف واضح ولكن سببه مجهول, على الأقل من قِبَلي.
تغيرت تركيبة الكثير من الناس في الفترة الأخيرة. لا تكف جريدة الحرية عن نشر ملفات التنصت بشكل جنوني. العنوان الذي حملته الأخبار يوم أمس هو "تم التنصت حتى على وزير الأمن" وهذا في الفترة التي كان بشير أتالاي يشغل منصب وزير الداخلية. وبحسب الادعاءات فإنه تم التنصت عليه بواسطة مدير مكتبه. هل العنصر المغيّر لتركيبة الناس هو ملفات التنصت تلك. لا ندري.
حزب العدالة والتنمية يظهر حس المسؤولية فيما يتعلق بقضايا الفساد, أنا أعلم ذلك ولكن مايسمى "فخ القضاء" أيضاً لديه خطة خفية تحتوي على وقائع متراكمة يسهل تصديقها. ولذلك فإن أخبار "فخ الديوان العالي" يمكن أن تلقى رواجاً بين مؤيدي حزب العدالة والتنمية حتى وإن لم يفقد الحزب حس المسؤولية الذي تمتع به تجاه قضايا الفساد.
وهناك جانب آخر للموضوع وهو "ليت من يتدخل في ديننا كان مسلماً" وهل كان بالإمكان سؤال الجماعة عن إمكانات الدولة التي وضعت في خدمتها في زمن سلمها مع الحكومة وهل كان بالإمكان أن تظهر ردة فعل تجاهها باعتبارها تظلم بهذا الشكل أوساطاً أخرى من المجتمع؟
الكلمة الأخيرة: مهما كان القرار الذي سيتخذ بشأن الديوان العالي فإنه على الحكومة أن توجد برنامجاً واضحاً لمحاربة الفساد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس