حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس
في البداية لم أستطع تصديق أن حزب الشعب الجمهوري أعطى خمسة عشر نائباً للحزب الجيد، لكن عندما شاهدت الصور المتّخذة للنوّاب رأيت الواقع المؤلم الذي يمرّون به نتيجة الخطوة التي اتخذها "كمال كليجدار أوغلو"، وأعتقد أن النوّاب بحد ذاتهم يشعرون بالأسى بسبب هذا الواقع ومعاملتهم كشيء غير مرغوب فيه، ويبدو أن هذه الحادثة ستكون نهايةً لحياتهم المهنيّة لأن الشعب التركي سيذكر هؤلاء النوّاب بهذه الصور وهذه الحادثة وأنهم كانوا ضحايا لمخططات زعماء أحزاب المعارضة، لكن ما الهدف من كل ذلك؟ بكل بساطة إسقاط أردوغان، وهل سيعود ذلك بأي فائدة في هذا لصدد؟ بالطبع لا.
للتوضيح أكثر نذكر أن هذه الحادثة عبارة عن تحالف بين حزب الشعب الجمهوري وحزب (الصالح) من أجل ضمان مشاركة الأخير في الانتخابات الرئاسية المبكّرة، لكن هل تكفي مشاركة الحزب الصالح في الانتخابات لإسقاط الرئيس أردوغان؟ هل ستترشّح أكشنار للانتخابات؟ أم أن حزب الشعب الجمهوري سيختار مرشّحه بنفسه؟ وما هي المعايير التي سيحملها مرشّح حزب الشعب الجمهوري؟ هل سيكون تركيز المعارضة على الجولة الأولى أم الثانية؟ في هذه الحال يتبيّن أن المعارضة قد اتخذّت هذه الخطوة قبل الإجابة على هذه الأسئلة.
نحن ندرك أن حزب الصالح يحصل على معظم الأصوات من ناخبي حزب الشعب الجمهوري، في الأحوال الطبيعية إن اتخاذ المعارضة لمثل هذه الخطوة هو أمر غير صائب، لكن يبدو أن المعارضة تسعى لنقل الانتخابات إلى الجولة الثانية، ولا تملك خطةً بديلة سوى المذكورة.
كيف يمكن نقل الانتخابات للجولة الثانية؟ من خلال اختيار العديد من المرشّحين، أي زيادة الخيارات البديلة وبالتالي تجزئة أصوات الناخبين وتوزيعها على جميع المرشّحين، وبالتالي كسب بعض الأصوات التي قد تذهب لأردوغان وتوزيعها على مرشّحي المعارضة.
أردوغان هو الخيار المفضّل لنسبة 50% من المجتمع، لكن في الوقت نفسه هو الخيار المفضّل الثاني لنسبة كبيرة من القسم الآخر من المجتمع أيضاً، ولذلك يمكن للمعارضة أن تختار العديد من المرشّحين لمنع وصول أصوات ناخبي القسم الآخر لأردوغان، وبالتالي سيسعى حزب الشعب الجمهوري لاختيار العديد من المرشّحين في الجولة الأولى، والتركيز على مرشّح مشترك في الجولة الثانية، لكن في الواقع إن هذه الطريقة قد تؤدي إلى خروج مرشّح حزب الشعب الجمهوري من الانتخابات بشكل تلقائي في الجولة الثانية، لأن هذا المرشّح لن يتمكّن من الحصول على أصوات ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الصالح وحزب السعادة أيضاً، وبالتالي إن محاولة نقل الانتخابات للجولة الثانية لا تحمل أي معنى في هذا الصدد، كما يمكن أن تكون سبباً في زيادة نسبة الأصوات الموجّهة لأردوغان أيضاً.
ومن جهة أخرى إن المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بالعديد من المرشّحين لن يكون ضماناً لانتقال المعارضة إلى الجولة الثانية، إذ رأينا خلال الانتخابات السابقة أن المعارضة شاركت في الجولة الأولى بثلاثة مرشّحين ومع ذلك لم تتمكّن من الوصول للجولة الثانية، ولذلك يمكن القول إن المعارضة بحاجة لأربعة مرشّحين على الأقل للوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن عند أخذ اتفاق حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بعين الاعتبار نستنتج أن المعارضة بحاجة لخمسة مرشّحين على الأقل، وذلك لا يبدو أمراً منطقياً على الإطلاق، وذلك يشير إلى عدم وجود ضمان لوصول المعارضة للجولة الثانية، وفي هذا السياق يبدو أن حسابات حزب الشعب الجمهوري في خصوص نقل نوّابها للحزب الجيد لم تكن دقيقة بما يكفي، بل كانت عبارة عن ردة فعل مفاجئة لا هدف لها سوى إبعاد أو تأجيل الواقع لفترة محدودة، وأعتقد أن حزب الشعب الجمهوري لم يجر حسابات دقيقة حول النتائج التي قد يصل إليها من خلال سياسة الإبعاد والتأجيل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس