فهد الرداوي - خاص ترك برس
فرحة عارمة أبداها وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان حين صرّح بالأمس عن ارتياح بلاده لسيطرة العصابة الأسدية على كامل الشريط الجنوبي لسوريا قائلاً: "إن الوضع يعود إلى ما كان عليه قبل العام 2011"، ومتوقعًا أن تُصبح الحدود الشمالية لكيانه أهدأ مع عودة الحكم المركزي لبشار الأسد، وبهذا تكون إسرائيل قد عرّت نظام الأسدين (الأب والابن) من صفة المقاومة والممانعة التي صدّعت رؤوسنا لعقودٍ من الزمن بالإضافة إلى ورقة الابتزاز التي كانت تُسلّط على العرب جميعاً من المحيط إلى الخليج بحجة دعم المقاومة والمعركة المصيرية مع العدو الصهيوني، وما يبرر الارتياح الإسرائيلي لعودة نظام الأسد إلى المركزية السورية هو أنَّ هذا النظام الجبان أعفى إسرائيل من المواجهة العسكرية لأكثر من أربعين سنة برغم كل تلك الخروقات العسكرية التي كانت تقوم بها إسرائيل وما زالت، ويستمر الرد عليها حتى يومنا هذا بالمعزوفة الشهيرة (نحتفظ بحق الرد)، مانحين بذلك إسرائيل اطمئناناً أمنياً كبيراً ووقتاً كافياً للتفوق العسكري و الاقتصادي والقدرة العلمية والتطوير التكنولوجي بل وحتى نمط الحريات والنهج الديمقراطي والتعددية السياسية حتى أصبح اللحاق بركبهم يحتاج لمعجزة شبه مستحيلة إذا ما أجرينا مقارنة بالنهج التعسفي الشمولي والإجرامي الذي انتهجه نظام (الأسدين) بحق الشعب السوري مع تعطيل شبه كامل لبناء وتطوير مؤسسات الدولة السورية طيلة نصف قرن من الزمن.
خفايا إيران "المارقة ..
منذ مطلع العام 2005 اتجه الأسد الابن بشكل كامل نحو المحور الإيراني مانحاً إياهم البلاد بجميع تفاصيلها ومحققاً لهم حلم الوصول لشواطئ المتوسط، بعد أن كان الأسد الأب قد وهبهم لبنان وساعد سقوط نظام صدام حسين بسيطرتهم التامة على العراق، وحين اندلعت الثورة السورية المباركة لم تتأخر إيران لحظةً واحدة بالتحرك لإنقاذ حليفها المجرم ومصالحها الهائلة في سوريا أهمها الاقتصادية حيث إنها حولت سوريا لمرتع كبير تحتال من خلاله على العقوبات الاقتصادية ومنها العسكرية فقد أنشأت إيران في سوريا عدة مراكز أبحاث لتطوير سلاحها النووي والكيميائي ومنها الدينية، فأرسلت عشرات الآلاف من المقاتلين وأنشأت جسراً عسكرياً جوياً من طهران وبرياً (عبر العراق ولبنان) لرأب الصدع الذي خلّفته الانشقاقات العسكرية لصالح الثورة السورية وإعادة التفوق العسكري لنظام الأسد ومنع سقوطه مستفيدةً من التراخي الدولي في إسقاط الأسد ومنع محاسبته مستغلةً وقوف حلفاء المحور الواحد "الصين وروسيا" لجانبه فالفيتو الصيني الداعم للأسد دائم الحضور في مجلس الأمن، وأما روسيا الاتحادية ذات القوة العسكرية (تاريخياً) وكرة القدم (حديثاً) وربما السياسة (مستقبلاً) فتدخلها العسكري في سوريا قلب الموازين لصالح الأسد وبقية الحلفاء مع ضمان (الفيتو) الأممي لمنع المحاسبة والإسقاط لنظام الأسد، ومستفيدةً أيضاً من الارتياح والدعم الإسرائيلي لبقاء حكم الأسد وربما التنسيق الخفي، وما خطابات التهديد والوعيد المتبادلة والانسحاب لعمق 85 كيلومتر عن الحدود إلا مسرحيات هزلية لم تعد تنطلي على أحد فما إيران والنظام الأسدي إلا وجهان لعملة واحدة ولا تكتمل نظرية الارتياح الاسرائيلي إلا بكليهما، وربما تصريح وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في العام 2015 خير دليل على ذلك حين قال: "إنَّ إيران تاريخياً أنقذت اليهود ثلاث مرات أولها في عهد كورش الكبير في بابل وثانيها خلال الحرب العالمية الثانية والثالثة في تدخلها لمنع سقوط الأسد".
وإذا ما أردنا التحدث عن المواجهات العسكرية فلم يُسجّل التاريخ بجميع صفحاته مواجهةً واحدة بين إيران وإسرائيل أو أنَّ طلقة إيرانية واحدة قتلت إسرائيلياً، أو طلقة إسرائيلية واحدة قتلت إيرانياً، بل على العكس تماماً فأكبر تجمع لليهود الطيالسة في الشرق الأوسط (خارج إسرائيل) هو في إيران والبالغ عددهم نحو خمسون ألفاً يتوزعون في طهران وهمدان وأصفهان، لهم مقابرهم ومزاراتهم ومعابدهم ويتمتعون بحرية مُطلقة بينما يُمنع بناء مسجد سُنّي واحد في طهران.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس