ترك برس
تتباين آراء المحللين والباحثين حول دلالات تقارب تركيا مع الصين وروسيا، بشكل ملحوظ خلال الآونة الأخيرة، تزامنًا مع توتر علاقاتها بالدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقبل أيام، فرضت واشنطن عقوبات على وزيري العدل عبد الحميد غُل، ووزير الداخلية سليمان صويلو، التركيين، بزريعة استمرار حبس القس الأمريكي أندرو برانسون، المتهم بجرائم إرهاب وتجسس.
الكاتب والباحث في الشؤون التركية والروسية الدكتور باسل الحاج جاسم، يرى أن التوتر التركي الأميركي ليس جديداً، ومن الواضح أنه يأخذ طابعًا تصعيديًا، تصاعد مع مرور الوقت، وفق وكالة "أنا برس".
وقال الباحث إنه "منذ قضية منظومة أس 400 الدفاعية الروسية التي ترغب تركيا باستيرادها من موسكو، وكذلك موقف أنقرة المعلن من أي عقوبات أميركية جديدة على إيران واعتبار قضية القس الأميركي المعتقل لدى تركيا وتحويله لاحقا الى الإقامة الجبرية، ليست سوى ذريعة...
إلا أن جوهر القضية هو استقلالية القرار التركي، ورغبة واشنطن والغرب عموما بعودة الهيمنة على تركيا".
وبحسب الباحث، ثمة عوامل متداخلة جعلت من العلاقات الأمريكية - التركية متشابكة ومعقدة، وتقوم على عناصر تاريخية وجيواستراتيجية ومصالح مؤسسية راسخة يصعب تجاوزها في معادلات السياسات الخارجية وتوجهات المواقف الإقليمية.
ليس فقط انطلاقًا من الروابط القائمة بين البلدين في إطار حلف الناتو، وإنما أيضًا استنادًا إلى العلاقات الثنائية على المستويات الاستخباراتية والعسكرية والاقتصادية.
يوضح الحاج جاسم أنه "يجب عدم استباق الأمور، فقد يكون التصعيد الأخير مرتبط بملفات أمريكية داخلية بحتة ولا علاقة لتركيا بها، والهدف لاستجداء دعم الإنجيليين في الانتخابات النصفية المزمع إجراؤها في البلاد بعد أشهر، إلا أن التحرك التركي الواضح للتقارب مع الصين وروسيا يشير إلى استعداد أنقرة لما هو أسوأ".
وفيما يتعلق بتداعيات التوتر الأمريكي التركي على المشهد السوري، يعتقد الحاج جاسم، بأن التداعيات على المشهد السوري ستكون متعلقة فقط بخارطة الطريق على منبج بين أنقرة و واشنطن والتي واضح أن الولايات المتحدة تماطل في تنفيذها منذ الاتفاق عليها.
أما باقي المناطق فهي بالأصل تقع من ضمن ملفات التوتر بين الحليفين في حلف الناتو، عندما اختارت واشنطن الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا في تركيا والناتو على حد سواء، وبدات بدعمه ضاربة بعرض الحائط مصالح السوريين ومخاوف تركيا الأمنية، وجعلته يتمدد في الأراضي السورية تحت ذريعة محاربة داعش.
نائب رئيس العلاقات الدولية لمجلس الدوما الروسي "أليكسي تشيبا"، قال في تصريح لوكالة الأناضول التركية إن الولايات المتحدة تفرض عقوبات أو تعلن حربًا تجارية ضد الدول التي لا تتصرف برغبتها.
وأكد الكسي أن الدول تجد بسرعة السبل اللازمة للتغلب على العقوبات التي تفقد معناها وتأثيرها بعد ذلك.
وانتقد أليكسي استخدام واشنطن للعقوبات كأداة سياسية، قائلًا: "نتلقى يوميًا أخبارًا حيال فرض الولايات المتحدة عقوبات أو إعلانها حربًا تجارية على بلدان لا تريد التصرف مثلما تريد واشنطن".
من جانبه، لفت السيناتور الروسي إيغود موروزوف، أن العقوبات تقضي على الثقة المتبادلة، وتؤدي إلى تغيرات في العلاقات الاقتصادية والتجارية.
وأوضح أن العقوبات تخلق أيضًا فرصا جديدة، يمكن أن تكون مع مجموعة بريكس أو منظمة شنغهاي للتعاون، أو الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي.
وبيّن أن الولايات المتحدة تفتح الطريق أمام عزلتها عبر خطواتها الهدامة التي تتخذها.
من جهة أخرى، تشهد علاقات تركيا مع الصين تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة، وقال السفير التركي لدى الصين، عبد القادر أمين أونان، قبل أيام، إن بلاده تتعاون من بكين لإحياء "طريق الحرير"، الذي يصل بين الشرق والغرب تجاريًا وثقافيًا.
وفي مقال نشرته صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية الرسمية، بمناسبة الذكرى السنوية الـ47 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أوضح "أونان" أنّ الصين، شرقي آسيا، وتركيا، غربيها؛ "حرستا طريق الحرير لقرون طويلة".
وأشار إلى افتتاح خط سكك حديدية تربط بين أذربيجان وجورجيا وتركيا، العام الماضي، بما يوفر بنية تحتية داعمة لمشروع "الحزام والطريق" الصيني، الذي يهدف إلى ربط طرق التجارة بين بكين ولندن، أقصى غربي القارة الأوروبية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!