مليح ألتنوك – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
تعتبر العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران على مرحلتين بمثابة حكم بالموت. بالنظر إلى المجالات التي تطالها العقوبات، لا تترك واشنطن متنفسًا لنظام طهران.
اختصر ترامب حدود العقوبات بجملة واحدة؛ "من يتعامل مع إيران لن يستطيع العمل مع الولايات المتحدة"، وتشمل جميع القطاعات تقريبًا.
تحظر العقوبات قطعيًّا شراء الحكومة الإيرانية الدولار الأمريكي. كما أنها ستمنع استخدام الذهب والمعادن الثمينة الأخرى في التعاملات التجارية الإيرانية مع البلدان الأخرى.
ستخضع التعاملات بسندات الدولة الإيرانية والحوالات المرسلة بالريال الإيراني للعقوبات. وتشمل قائمة العقوبات الأمريكية قطاع السيارات والألمنيوم والفولاذ والفحم والبرامج الحاسوبية المستخدمة في الصناعة، وحتى السجاد الإيراني الشهير.
ويتحدث المتابعون للشؤون الإيرانية عن حوالي مليون شخص سيصبحون عاطلين عن العمل نتيجة العقوبات، التي سيبدأ تطبيق الحزمة الثانية منها في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
***
العقوبات الأمريكية، التي امتعض منها الاتحاد الأوروبي، لا تعني الحكومة الإيرانية ومواطنيها وحسب. فهناك الكثير من البلدان التي اضطرت لإقامة علاقات مع إيران بحكم الظروف الجغرافية والتجارية، وفي طليعتها تركيا، سوف تتضرر من هذه العقوبات.
جملة قالها أردوغان قبل العقوبات مباشرة تختصر هذه الحقيقة بشكل جيد: "نشتري من تلك البلدان منتجات، إن لم نشترها من سيدفّئ بلادي في الشتاء؟".
وكما جرت عليه العادة، لم نسمع من الولايات المتحدة، التي لا يهمها "قطف العنف وإنما قتل الناطور"، عن أي بدائل.
***
كيف سيجابه العالم هذه العقوبات التي تفرض في كل يوم على بلدان أخرجت الدولار من حياتها ورفضت الهيمنة الأمريكية؟
كيف ستسيطر هذه البلدان على العجز الجاري لديها، وعلى أسعار الصرف التي تشهد اضطرابات سريعة في الآونة الأخيرة؟
من غير الممكن التركيز فقط على توازنات السوق الداخلية والإقدام على خطوات أكثر عقلانية، من أجل الخروج من عنق الزجاجة، كما يدعي البعض.
لأن الأزمات الاقتصادية التي عشناها منذ عام 1950، حتى في الأوقات التي كنا ننفذ فيها مطالب القوى العظمى بحذافيرها، أظهرت أن هذا النموذج لا يفرز أي حلول. علينا كسر المعادلة التي يقف فيها الطرف الآخر في الخارج.
على سبيل المثال، في أول حملة للخروج من عنق الزجاجة، ينبغي علينا قدر الإمكان أن نعد بدائل ثنائية ومتعددة مع الكثير من الفاعلين، وفي مقدمتهم جيراننا. ومن هذا المنظور، حتى أمريكا اللاتينية ليست بعيدة!
وإذا عدنا إلى الأزمة الأخيرة بين أنقرة وواشنطن، ينبغي علينا أن نقيم تعاونًا مع البلدان الأوروبية المتضررة من العقوبات دون التركيز على ما حدث في الماضي، ودون طرح مواضيع جدل جديدة كتطبيق عقوبة الإعدام، وبلا إثارة أي مشاكل.
المعارضة المتزايدة في الاتحاد الأوروبي ضد الولايات المتحدة لأسباب اقتصادية ستوفر أرضية مناسبة لتركيا من أجل تحقيق هدفها المطلوب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس