ترك برس
تباينت آراء المحللين الأتراك بشأن قرارات القمة الرباعية التي احتضنتها مدينة إسطنبول التركية الأسبوع الماضي، وجمعت رؤساء تركيا رجب طيب أردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وفرنسا إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لمناقشة الوضع في سوريا.
وشدد البيان الختامي للقمة على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، ووقف إطلاق نار دائم في محافظة إدلب، وتحقيق سيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا، والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في هذا الصدد، ومواصلة العمل معا ضد الإرهاب.
وفي حديث لوكالة الأناضول التركية، قال البروفسور مسعود حقي جاشين عضو هيئة الأمن والسياسات الخارجية التابعة للرئاسة التركية، إن تركيا أظهرت من خلال القمة التاريخية، جانبها القيادي المتمثل في جمع طرفين ذوي مواقف متباينة على طاولة واحدة.
وأضاف "جاشين" الذي يشغل أيضا منصب عضو الهيئة التدريسية في جامعة "إستينيا" (خاصة) بإسطنبول، أن فكرة "إقصاء تركيا من ملف الأزمة السورية" والتي تشكلت عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف 2016، انهارت بفضل القمة الرباعية.
ورأى أن أنقرة تبنت مبادرة وخطورة في الوقت ذاته، مستدلا على ذلك باستضافتها قرابة 4 ملايين لاجئ على أراضيها، وسعيها لحماية 4 ملايين آخرين في الشمال السوري.
وأوضح أنه لو لم يتم سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، لتدخلت روسيا والنظام السوري عسكريا في المنطقة التي يتواجد فيها الجيش التركي أيضا، أي أن ذلك كان يشكل خطرا لأنقرة، على حد قوله.
وأشار إلى أن ضم تركيا دولتين أوروبيتين مثل ألمانيا وفرنسا إلى اتفاق عقدته مع روسيا، انتصار دبلوماسي لأنقرة، مشيرا إلى أنه من الأهمية السياسية تأمين اتفاق طرفين لديهما مواقف متباينة.
وأردف: "أحد أهم القرارات السياسية الأخرى في القمة هو إطلاق العملية الدستورية في سوريا. من المهم جدا اتفاق الدول الرباعية على أن عملية التطبيع تكون بطرق سياسية لا عسكرية".
وأوضح "كما أن تأكيد وحدة وسيادة الأراضي السورية كان تطورا هاما في القمة بالنسبة إلى القانون الدولي، لا سيما أن 25 بالمئة من الأراضي السورية خاضعة للسيطرة الأمريكية. لذا فإن دعم واشنطن وإسرائيل لمنظمة ب ي د / بي كا كا بالسلاح، يقصيهما من هذه المرحلة".
وشدد الأكاديمي التركي على أن تحميل فرنسا وألمانيا اللتين لديهما تحفظات حول عودة السوريين إلى بلادهم، روسيا مسؤولية عودة اللاجئين لأراضيهم، قد يؤدي إلى تطورات إيجابية على أرض الواقع.
ولفت إلى مطالبة تركيا وأوروبا، روسيا والنظام السوري بتقديم ضمانات للسوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم.
وقال "جاشين" إن الدول الأربع توصلت أيضا إلى اتفاق حول المساعدات الإنسانية، ووجوب عدم استهداف منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الصحية والإغاثية، إضافة إلى التأكيد مرة أخرى على الاستهداف الأمريكي الفرنسي للنظام السوري في حال استخدم السلاح الكيماوي.
ولفت إلى أن من بين نجاحات القمة الرباعية، تأكيد حق الشعب السوري سواء الذين في الداخل أو الخارج، في تقرير مصيره.
وتابع: "رغم شكر الرئيس الروسي تركيا لمساهمتها في سحب الأسلحة الثقيلة من الجبهات في إدلب، إلا أنه أكد ضرورة تطهير إدلب من العناصر المتطرفة، واستعداد بلاده إلى جانب النظام السوري للرد على أي هجمات قادمة من هنا، وهذا يشير إلى استمرار الغموض في سوريا".
وأشار "جاشين" إلى أهمية إعلان الدول الأربع إصرارها على مكافحة الإرهاب، والتعاون في المجالات الاستخباراتية والدفاعية.
وتوقع أن تقدم الدول الأوروبية الأموال من أجل إعادة إعمار سوريا، مشيرا إلى مطالبة موسكو بأموال من أجل ذلك.
وأردف: تركيا وجهت أنظارها إلى الضفة الشرقية للفرات (شمال سوريا)، الرسالة هنا موجهة بشكل مباشر إلى الولايات المتحدة، وكان آخر ما صرح به أردوغان الجمعة الماضية، هو إصرار أنقرة على تنفيذ عملية شرقي النهر، وتطهيره من الإرهاب كما فعلت ذلك في عفرين.
واعتبر "جاشين" أن تطرق أردوغان في القمة إلى ما قدمته بلاده من مساعدات للسوريين بقيمة 33 مليار دولار، وعدم إيفاء البلدان الأوروبية بتعهداتها حول تقديمها مساعدات في هذا الخصوص، كان له أهمية كبيرة.
وأردف: "لا شك أن تذكير أردوغان بالتضحيات التركية لأكثر من 3 ملايين ونصف مليون سوري، وعدم إيفاء الاتحاد الأوروبي بوعوده حول تقاسم أعباء اللاجئين، كان له أهمية كبيرة".
وأوضح أن الرئيس التركي تطرق في القمة إلى أن جثامين الأطفال التي ألقتها أمواج البحار إلى الشواطئ، باتت رمزا أليما للكارثة الإنسانية المستمرة في سوريا منذ أكثر من 7 سنوات.
بدوره، قال البروفسور سنجار إمار رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة "أفق" الخاصة في تركيا، إن قمة إسطنبول الرباعية حققت أهدافها، وتم تأمين استمرارية الاتفاق الموقع بين أنقرة وموسكو حول إدلب.
وأضاف أن تأمين وقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية، عرقل موجة جديدة من اللجوء والإرهاب.
وأشار إلى أهمية اتفاق زعماء الدول الأربع على وقف إطلاق النار في إدلب.
وتابع: "تركيا تقول علنا بأن هناك تهديدا إرهابيا ليس في إدلب فحسب، بل في كامل الأراضي السورية. وبالأخص شرقي الفرات، حيث التهديد الإرهابي النابع من وجود منظمة ب ي د / بي كا كا الإرهابي، كما أشار إليه الرئيس أردوغان دون أن يعترض عليه باقي الزعماء في القمة".
وذكر الأكاديمي التركي أن عدم اعتراض ألمانيا وفرنسا على سياسات أنقرة المتعلقة بشرقي الفرات، يشير إلى تقبلهما لتلك السياسات، ما يعني أن واشنطن مضطرة إلى تغيير سياساتها في المنطقة، معتبرا ذلك تطورا هاما.
وحول قرار القمة الرباعية المتعلق بتشكيل اللجنة الدستورية السورية، قال "إمار" إن سبيل إحلال السلام في سوريا هو صياغة دستور جديد، ما يشير إلى أهمية هذا القرار الصادر عن القمة بالنسبة إلى مستقبل سوريا.
وأوضح أن إشراك ألمانيا وفرنسا بالتعاون التركي الروسي الإيراني حول روسيا، يشير إلى استناد هذا التعاون إلى منصة أكبر.
ولفت إلى أن قمة إسطنبول هيأت الأرضية اللازمة لصيغة تصدّق عليها الولايات المتحدة وباقي الدول في جنيف، واصفا القمة بأنها ذات طابع تاريخي من حيث مستقبل المنطقة.
وفيما يتعلق بتصريحات أردوغان في القمة حول اعتزام أنقرة شن عملية عسكرية في مناطق شرقي الفرات للقضاء على منابع الإرهاب، قال الأكاديمي التركي إن هذه التصريحات تحمل رسائل غير مباشرة إلى واشنطن التي تقدم السلاح لتنظيم "PYD / PKK" الإرهابي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!