ترك برس
ينظر الكثيرون إلى القرارين الأخيرين لإدارة ترامب يوم الأربعاء الماضي بسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا وبيع صواريخ باتريوت إلى تركيا على أنه هدية مزدوجة من ترامب للرئيس التركي. فمع انسحاب القوات الأمريكية يمكن لتركيا تنفيذ تهديدها بشن هجوم على الميليشيات الكردية التي تصفها بالإرهابية، بينما كانت صواريخ باتريوت صفقة طالما سعى إليها الأتراك.
لكن المحلل الأمريكي، بوبي جوش، يرى أن الدراسة الدقيقة للقرارين الأمريكيين تكشف أنهما قد يشكلان فخا أمريكيا لتركيا. فانسحاب القوات الأمريكية سيترك تركيا في خضم صراع ثلاثي بين القوى الإقليمية لتعزيز نفوذها في سوريا. ذلك أن روسيا وإيران لا تتفقان مع أهداف تركيا في سوريا، وأهمها إسقاط نظام الأسد.
أما عرض بيع صواريخ باتريوت فيجعل تركيا أمام خيار إما شراء الصواريخ الروسية أو الأمريكية، مع العلم أن الخاسر لديه القدرة على إلحاق الأذى بتركيا.
وفيما يتعلق بتأثير انسحاب القوات الأمريكية في نجاح تركيا بشن هجوم عسكري لتطهير شمال شرق سوريا من الميليشيات الكردية، يقول جوش إن هزيمة حزب العمال الكردستاني لن تكون أمرا سهلا، مثلما حدث في مدينة عفرين في آذار/ مارس الماضي.
ويضيف جوش في مقاله الذي نشره موقع بلومبيرغ، أن معركة عفرين تظهر أنه عندما ينتقل التمرد إلى صراع تقليدي ضد جيش تقليدي كبير، فإنه سيخسر عادة، كما يقول هوارد إيسنستات، وهو زميل في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، الذي يدرّس التاريخ في جامعة سانت لورانس. لكن حزب العمال الكردستاني يمكن أن يتحول دائما إلى حرب غير تقليدية، وهذا يعني أنه لن يتم ضربه بسهولة.
وعلاوة على ذلك فإن الاقتصاد التركي لا يستطيع أن يتحمل ثمن حرب طويلة أو إعادة بناء باهظة التكاليف للمناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني.
ويشير إلى أن روسيا وإيران الحريصيتين على أن يستعيد نظام الأسد السيطرة على جميع الأراضي السورية لن تسمحا لتركيا بشن هجوم شامل أو أن تخضع مزيد من الأراضي السورية للسيطرة التركية. والأرجح أنهما سيحاولان تسهيل نوع من من علاقات العمل بين أنقرة ودمشق.
ووفقا للمحلل الأمريكي، سيكون تعاون موسكو حاسما بشكل خاص لنجاح أي عملية تركية شرق سوريا. وقد تطلب الهجوم على عفرين التعاون من جانب الروس الذين سمحوا للأتراك باستخدام المجال الجوي السوري لقصف مواقع الأكراد.
ورأى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تمكن من تأمين التعاون الروسي لأنه كان على علم بأن موسكو كانت حريصة على دق إسفين بين تركيا والولايات المتحدة. ويقول سنان أولغان، رئيس مجلس إدارة مؤسسة إيدام في اسطنبول: "حتى الآن، كانت تركيا قادرة على المناورة بين الولايات المتحدة وروسيا، ولكن هذا بدأ يتراجع في الوقت الحالي."
وفيما يتعلق بعرض إدارة ترامب بيع نظام باتريوت لتركيا، يشير جوش إلى أن تركيا قد تضطر إلى إلغاء صفقة منظومة الدفاع الصاروخي الروسي S-400، من أجل الحصول على صفقة باتريوت. ويسعى الكونغرس الأمريكي بالفعل إلى منع حصول تركيا على طائرات F-35 إذا مضت قدما في شراء S-400. وتشعر الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو بالقلق من أن إدماج صواريخ S-400 في شبكة الدفاع التركية من شأنه أن يمنح روسيا معلومات استخبارية قيّمة عن المقاتلة الشبح F-35 .
ومن ناحية أخرى، فإن التراجع عن صفقة الصواريخ الروسية من شأنه أن يضع الزعيم التركي في وضع سيئ مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. يقول سليم كورو، المحلل في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في تركيا: "لا يمكن لتركيا أن تزعج روسيا، ليس فقط بسبب أهدافها في سوريا، ولكن أيضا بسبب سياسات الطاقة التي تعتمد عليها بشكل كبير على روسيا.
بالإضافة إلى بيع الغاز الطبيعي التركي، تبني روسيا أول محطة للطاقة النووية في مدينة مرسين التركية كما يتعاون البلدان على خط أنابيب رئيسي للغاز.
وخلص المحلل الأمريكي إلى القول بأن قراري إدارة ترامب بمثابة فخ أمريكي للرئيس التركي، ولا تعنيان كما يبدو في الظاهر تقاربا أمريكيا من تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!