كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من سوريا كان في الحقيقة يعني الانسحاب من أمام تركيا في المنطقة. ففي اتصاله الهاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي وجه ترامب رسالة بأنه يخلي الساحة تمامًا لتركيا عبر ترك مكافحة داعش لأنقرة.
هذه الرسالة هي أكثر ما أزعج النظام المؤسس في الولايات المتحدة، فترامب وضع وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها البنتاغون حليفتها، تحت رحمة أنقرة، وهذا ما لم تقبله قوى النظام المؤسس.
منذ ذاك اليوم والبنتاغون تعمل على تمييع قرار ترامب، وإيجاد حلول جديدة تنقذ وحدات حماية الشعب من التصفية. عدم وضع ترامب جدول زمني للانسحاب ترك الباب مفتوحًا أمام البنتاغون من أجل التحكم بعملية الانسحاب.
قبيل زيارته أنقرة، صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون من إسرائيل أن انسحاب بلاده من سوريا مرتبط ببعض الشروط المسبقة، وهذا ما يمكن اعتباره محاولة من البنتاغون لتسيير عملية الانسحاب كما تريد.
بطبيعة الحال، لا يبدي ترامب تحفظات تجاه هذه المساومات، فقد نجح في وضع طاولة لمساومة خصومه في الداخل، ويبدو راضيًا للغاية عن هذا الوضع.
الشرط المسبق الذي أعلنه بولتون للانسحاب من سوريا هو "ضمان" أنقرة أمن وحدات حماية الشعب. في حين أن التفاهم بين ترامب وأردوغان كان ينص على شرط مسبق وحيد وهو "قضاء تركيا على داعش".
ولأن أردوغان قدم هذه الضمانة لترامب خلال الاتصال الهاتفي بينهما، توصل الرئيس الأمريكي لاتخاذ قرار سحب قوات بلاده من سوريا، وأعلنه.
تصريحات بولتون الأخيرة تعني إضافة شروط مسبقة جديدة إلى التفاهم بين ترامب وأردوغان، وهذا ما لا تقبله أنقرة. وكما أن تركيا لا تسمح بوجود تنظيمات إرهابية في شمال سوريا والعراق، فهي لن تفوّت هذه الفرصة للقضاء على تنظيم بي كي كي، الذي يؤرقها منذ 40 عامًا في الداخل.
ما يثير قلق البنتاغون هو رغبة أنقرة الاستفادة من هذه الإمكانية- فرصة القضاء التام على بي كي كي- بلا تردد، وعدم قبولها أي مساومة في هذا الخصوص.
كما أن من الملفت أيضًا إدلاء بولتون بتصريحاته المذكورة في إسرائيل. فالمسؤول الأمريكي سعى لطمأنة تل أبيب بأن بلاده لن تسمح بتصفية وحدات حماية الشعب على يد تركيا. هذا ما يكشف بوضوح عن الدول والقوى التي تقف وراء "دولة" بي كي كي.
إيجابيات وجود تركيا ميدانيًّا تجعل موقفها في غاية القوة على طاولة المفاوضات. ما طرحه بولتون من شروط مسبقة لن تؤثر على عزيمة تركيا، فأنقرة لن تقبل أي صيغة أو اتفاقية أو تفاهم يمهد الطريق أمام تأسيس دولة لبي كي كي. هذا ما ستدركه واشنطن سريعًا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس