بولنت أرانديتش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس
يقوم وفد حزب الشّعوب الدّيمقراطية المشرف على سير عملية المصالحة الوطنية من الجانب الكردي، بدور تاريخي من خلال الزّيارات التي يقوم بها أعضاؤه إلى جزيرة إيمرالي والحكومة التركية في أنقرة. ونحن نمرّ في هذه الأيام بمرحلةٍ حسّاسة فيما يخصّ عملية المصالحة الوطنية.
وكانت تصريحات نائب رئيس الوزراء "يالتشين أكدوغان" الذي يشرف على هذه المسيرة، مهمّة في هذا الصّدد. حيث قال بأنّ عيد النيروز الذي يحتفل به الأكراد يجب أن يكون مناسبة للانتقال إلى مرحلة جديدة في عملية المصالحة الوطنية وهي مرحلة التّخلّي عن السّلاح.
والملفت للانتباه أنّ أحد أعضاء الوفد الكردي الذي يزور زعيم تنظيم الـ (PKK) عبد الله أوجلان في جزيرة إيمرالي وهو "خطيب دجلة" أدلى بتصريحاتٍ هامّة في هذا الخصوص. حيث قال بأنّ هناك مساعٍ حثيثة من أجل الإعلان عن رسالة بخصوص ترك السّلاح في عيد النيروز القادم. وتدل تصريحات دجلة على أنّ هناك تطوّراً ملحوظاً فيما يخصّ هذه المسألة.
ثمّ هل يستطيع الجانب الكردي إعداد هذه الرّسالة لحين موعد حلول عيد النيروز؟ لا أدري. فهذا الأمر مرتبط بسير لقاءات الوفد الكردي مع كلٍ من قيادات تنظيم (PKK) في جبل قنديل والحكومة التركية في أنقرة.
ما هو المُنتظر من أوجلان؟
لنسلّط الضّوء على ما جرى خلف الكواليس قبل الوصول إلى هذه المرحلة الحسّاسة من المحادثات بين الطّرفين الكردي والتركي.
تعلمون جميعاً أنّ زعيم تنظيم (PKK) بعث برسالةٍ في عيد النيروز عام 2013، حيث طلب في هذه الرّسالة من مقاتلي التّنظيم إلقاء السّلاح والخروج إلى خارج الأراضي التركية. وعقب هذه الرّسالة قام عناصر التّنظيم بالكفّ عن إطلاق النّار ضدّ الجنود الأتراك. إلّا أنهم لم يتخلّوا عن أسلحتهم وظلّوا محافظين على تسلّحهم. واتّضح فيما بعد أنّ الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والإنكليزية، تقف وراء أحداث القتل التي نفّذها عناصر التّنظيم ضدّ الجنود الأتراك والمواطنين. فقد سارعت أجهزة الاستخبارات الأجنبية بعد إعلان رسالة أوجلان، إلى عقد المزيد من اللقاءات مع قيادات جبل قنديل وخاصّة ذاك الإرهابي "مراد كارايلان" و"جميل باييك" حيث قدّموا الكثير من الوعود من أجل الامتناع عن الالتزام بما جاء في رسالة أوجلان. هذه الأحداث أدّت إلى تأزّم الاتصال بين الحكومة التركية وأوجلان.
وجاءت أحداث بلدة كوباني السورية وما خلفتها من أحداث شغبٍ داخل الأراضي التركية، لتزيد من عمق الاتصالات بين قيادات جبل قنديل وأجهزة الاستخبارات الأجنبية ليؤدي هذا التّقارب إلى عرقلة عملية المصالحة الوطنية. حتّى أنّ هذا التّقارب بين جبل قنديل وأجهزة الاستخبارات الأجنبية كاد أن يعود بعملية المصالحة الوطنية إلى نقطة الصّفر.
ويمكننا القول باختصار، إنّ اللقاءات المتكرّرة بين قيادات جبل قنديل وأجهزة الاستخبارات الأجنبية، كادت أن تقطع الاتصال بين جزيرة إيمرالي والحكومة التركية.
وكان رئيس حزب الشّعوب الدّيمقراطية "صلاح الدّين ديميرطاش" يتصرّف وكأنّه يأتمر بإمرة قيادات جبل قنديل وليس بأمرة زعيم تنظيم (PKK) في تلك الفترة. إلّا أنّ عزم وإصرار رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" على متابعة عملية المصالحة الوطنية، حالت دون تعرّض هذه المسيرة إلى الانقطاع.
والمُنتظر من جزيرة إيمرالي، هو إعلان عبد الله أوجلان انتهاء مرحلة الصّراع المسلّح مرّةً ثانية.
ألاعيب قيادات جبل قنديل
مع وصول عملية المصالحة الوطنية إلى مراحل متقدّمة، يستمر عقد اللقاءات بين قيادات جبل قنديل والاستخبارات الأجنبية. فقد لاحظنا كيف أنّ مراد كارايلان وجميل باييك وأمثالهم، كثّفوا من التّصريحات التي من شأنها تشجيع المقاومة المسلّحة حسب رأيهم. لا سيما أنّه عند أُطلق عنان هذه المسيرة، كان الهدف الأول هو إنهاء الصّراع المسلّح وإجبار الجماعات المسلّحة على ترك السّلاح وتصفية قيادات جبل قنديل.
أمّا قيادات جبل قنديل وأمام هذا الهدف، عمل على عرقلة مسيرة المصالحة الوطنية، فقد عملت هذه القيادات على تقوية نفوذها في سوريا والعراق. وبحجّة القتال مع تنظيم داعش، استطاعت هذه القيادات الحصول على أسلحةٍ نوعية من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدّول الأوروبية. والواضح للعيان أنّ قيادات جبل قنديل تحاول في هذه الفترة عرقلة رسالة عبد الله أوجلان المرتقبة والتي من الممكن أن يدعو من خلالها إلى ترك السّلاح مرّةً ثانية.
الخلاصة: إنّ تصريحات عضو الوفد الكردي المعني بعملية المصالحة "خطيب دجلة" بخصوص المساعي الحثيثة لإصدار رسالةٍ في 21 آذار/ مارس المقبلة، لها أهمية بالغة في هذه المرحلة الحسّاسة التي تمرّ بها عملية المصالحة الوطنية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس