ترك برس
كثّف الجيش التركي في الآونة الأخيرة تعزيزاته وتحركاته العسكرية إلى المناطق الحدودية المتاخمة لمحافظة إدلب السورية، على خلفية اقتتال فصائل المعارضة السورية فيما بينها واتساع نفوذ "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقًا).
وخلال الأيام الأخيرة، وصلت تعزيزات ضخمة للجيش التركي تضم قوات خاصة وناقلات جند مدرعة ودبابات إلى ولاية هطاي الحدودية مع سوريا، فيما أجرت وحدات عسكرية مناورات لافتة على الشريط الحدودي بالقرب من إدلب.
يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه تركيا منذ أسابيع لتنفيذ عملية عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية الانفصالية شرق نهر الفرات في الشمال السوري، وتزامنًا مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من سوريا بشكل كامل.
وتُشير تقاير صحفية إلى أن التحركات الأخيرة لـ"هيئة تحرير الشام" في سوريا خلطت الأوراق في المنطقة من جديد، بعد أن سيطرت على قرابة الـ80 بالمائة من مساحة إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية.
والهيئة مصنفة إرهابية عالميا، ووضعتها تركيا على قوائم الإرهاب في آب/ أغسطس من العام الماضي، بعد شهرين من قرار الأمم المتحدة بإضافتها إلى قائمة الأفراد والمنظمات التي على صلات بتنظيم القاعدة.
وأحكم مقاتلو الهيئة سيطرتهم على المحافظة، بعد أجبروا فصائل معارضة مقاتلة على تسليم السلاح والخروج من إدلب، التي أعلنت الهيئة تبعيتها بالكامل إلى "حكومة الإنقاذ" التابعة لها.
وحسب تقرير نشرته صحيفة "عربي21" الإلكترونية، يفتح الواقع الجديد على الأرض التساؤلات حول السيناريوهات التركية للتعامل معها، ومصير اتفاق مناطق خفض التصعيد إذا ما قررت الهيئة الاستمرار في مد سيطرتها أو إذا ما هاجمت مناطق النظام.
وكانت روسيا صرحت سابقا على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، بأن اتفاق خفض التصعيد لا يشمل "الجماعات الإرهابية".
ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي في موسكو رائد جبر، قوله إنه يتوقع تعاونا روسيا تركيا في مواجهة هيئة تحرير الشام، لكن ليس بذات الثقل من كلا الطرفين.
وأشار إلى أن المشكلة هي في التوقيت، ففي حين تتجه الأنظار الآن إلى الانسحاب الأمريكي، تجهز تركيا لعملية عسكرية شرقي الفرات، وتسيطر الهيئة على إدلب، وتسير الشرطة الروسية دوريات في محيط منبج، بحسب تصريحات للمتحدث باسمها قبل أيام.
وأكد جبر أن العملية ضد الهيئة قادمة لا محالة، وأن هنالك إصرارا على تقليص نفوذها، لكن ليس في الوقت القريب.
ولفت إلى أن هنالك دورا ستضطلع به الفصائل السورية المعارضة التي لها خلافات مع هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).
ونوه جبر إلى أن العملية العسكرية ربما لا تكون واسعة لاعتبارات إنسانية، مشيرا بالوقت نفسه إلى أن أي عملية ضد الهيئة ربما تتأخر قليلا ما لم تقم بأي عمليات استفزازية.
وذكر بالتصريحات الروسية بأن الوضع في إدلب "مؤقت".
على الجانب التركي، وصلت تعزيزات عسكرية، تضم ناقلات جند مدرعة، وقوات خاصة، إلى محافظة هطاي الحدودية مع إدلب.
ووصل قطار إلى محطة مدينة إسكندرون يحمل دبابات وناقلات جند ومعدات عسكرية جديدة لتعزيز القوات الموجودة هناك.
وعقد قادة الجيش والمخابرات التركية اجتماعا السبت على الحدود مع سوريا، ضم: وزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس الأركان يشار غولر، وقائد القوات البرية أوميت دوندار، ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان.
الخبير العسكري، اللواء المتقاعد فايز الدويري قال بدوره إن الموقف التركي الآن ليس بأفضل حالاته، وإن تركيا بحاجة لترتيب أولوياتها، ففي الأسابيع الماضية كانت الأحاديث تتركز على عملية منبج لتقوم بعدها الهيئة بالسيطرة على أكثر من 9 آلاف كم مربع وكانت "أحرار الشام" آخر ضحاياها.
وأكد أن تغول الهيئة المدرجة على قائمة الإرهاب العالمية، سيعطي مبررا لروسيا والنظام والمليشيات المقاتلة إلى جانبه، لتنفيذ عملية عسكرية مؤجلة بسبب اتفاق سوتشي.
وأشار إلى أن سيناريوهات العمل العسكري ستكون إما عملية تركية مع بقايا الجبهة الوطنية، بغطاء جوي روسي، لن تسفر عن تهجير كبير للمدنيين، أو عملية عسكرية يقودها النظام والمليشيات المقاتلة إلى جانبه، ستسفر عن تهجير مئات الآلاف.
وعن أولويات تركيا في الحالة الراهنة، قال الدويري إن الأولوية هي ترويض هيئة تحرير الشام، بعد أن فرضت واقعا ميدانيا جديدا.
ولفت إلى أن الهيئة إذا ما هاجمت جبل الأكراد، وجبل التركمان، والفرقة الساحلية الأولى والثانية، فستحدث المواجهة العسكرية لا ريب.
أما إذا اكتفت الهيئة بما حققته حتى الآن على الأرض، وأرسلت رسائل طمأنة، فلربما تؤجل العملية لأسابيع أو أشهر وتحول الأولوية التركية إلى منبج.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!