ترك برس
نشر موقع ميدل إيست آي، مقالا تحليليا لأليكسي خليبنيكوف، الخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الروسي لشؤون الدولية، تناول فيه إخفاق قمة سوتشي الأخيرة التي عقدت منتصف الشهر الماضي في تحقيق أي اختراق بشأن الوضع السوري.
ويقول خليبينكوف إن القمة سبقتها ثلاثة أحداث رئيسية أثرت بشكل كبير في جدول أعمالها:
أولاً، عجز الاتفاقية التي توصلت إليها روسيا وتركيا في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي بشأن إقامة منطقة عازلة في محافظة إدلب عن تحسين الأوضاع في المحافظة السورية، بل على العكس تماماً، حيث "استولت هيئة تحرير الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة على معظم المحافظة وأخضعت جماعات المعارضة المعتدلة، وهو ما قوض الاتفاق، وزاد من مخاطر الاحتكاك بين موسكو وأنقرة."
ثانياً، أن "القرار الأمريكي الذي أعلن عنه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي بسحب قواتها من سوريا، أضاف مزيدا من التعقيد للصراع، وترك روسيا وتركيا وإيران في حيرة من مصير الأكراد والأراضي الواقعة شرق الفرات، وهل ستقدم الولايات المتحدة على تنفيذ الانسحاب وكيف."
أما الحدث الثالث، وفقا للمحلل الروسي، فكان عدم قدرة الدول الثلاث على الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية التي تعد في الوقت الراهن العقبة الرئيسية التي تواجه العملية السياسية في سوريا.
وأوضح خليبنيكوف أن قمة سوتشي لم تضف جديدا فيما يتعلق بوضع مدينة إدلب، حيث تستمر روسيا في الدفع باتجاه إعادة سيطرة النظام السوري على جميع الأراضي، الأمر الذي يصعب عملية التفاوض على تركيا.
ولفت المحلل الروسي إلى أن "الأولويات الرئيسية بالنسبة إلى تركيا في المرحلة الحالية هي المسألة الكردية والمناطق الشمالية الشرقية التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية، إلى جانب قضية إعادة توطين اللاجئين السوريين في المنطقة الآمنة التي تسيطر عليها تركيا في بلادهم."
ومن ناحية أخرى فإن جميع الأطراف المعنية تحتاج إلى التوصل إلى اتفاق بشأن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد بعد انسحاب القوات الأمريكية. ولكن طبيعة هذا الاتفاق لا يمكن لأحد أن يجزم بها. وتظل معضلة المنطقة الأمنية تحديا لجميع الأطراف.
خلاف تركي روسي
وفي ظل هذه الخلفية أشارت موسكو إلى الدور المهم المحتمل لاتفاقية أضنة التي وقعتها سوريا وتركيا عام 1998التي تتعامل مع المخاوف الأمنية التركية بشأن التنظيمات المرتبطة بتنظيم "بي كي كي". وعلى الرغم من أن روسيا تدعم اقتراح تركيا بإنشاء منطقة آمنة طولها 32 كيلومترا في شمال سوريا ،فإنها تصر على أن تشارك دمشق في المناقشات والتنفيذ ، وهي فكرة رفضتها أنقرة.
وأردف خليبينكوف أن "أنقرة وموسكو ما تزالان متشككتين في تنفيذ قرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من سوريا، وهو ما يؤثر في كثير من القضايا الرئيسية في سوريا، من المسألة الكردية إلى مصير الأراضي الواقعة شرق نهر الفرات، إلى نفوذ إيران في البلاد."
ويزعم المحلل الروسي أن السبب في عدم تحقيق اختراق خلال قمة سوتشي حول اللجنة الدستوية والعملية السياسية عموما، يرجع إلى تشرذم المعارضة السورية، وهي المشكلة التي زادت حدتها بسبب التوتر بين تركيا والسعودية الداعمين الرئيسيين للمعارضة السورية، بعد حادثة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إعلان الانسحاب الأمريكي يفيد في المقام الأول أنقرة التي يمكن أن تتحرك لتعزيز نفوذها في شمال شرق سوريا، وهو تطور يتعلق بالرياض.
النفوذ الخليجي
ويشير خليبنيكوف إلى أن السعودية والإمارات تريدان السيطرة على النفوذ الإيراني والتركي في سوريا. وقد أبرزت التطورات الأخيرة، بما في ذلك إعادة افتتاح سفارة الإمارات في دمشق، وعقد منتدى الأعمال السوري الإماراتي في أبو ظبي، وزيارة كبير مستشاري الأسد إلى الرياض أواخر العام الماضي، رغبة القوى الخليجية في تأمين مصالحها ونفوذها في سوريا.
ووفقا لخليبينكوف، فإن هذه التحركات الخليجية، قد يكون لها تأثير سلبي في نهاية المطاف على العملية السياسية السورية، لأن دول الخليج وتركيا تدعمان مجموعات مختلفة من المعارضة السورية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعميق الخلافات بين المعارضة والمساهمة في عدم قدرتها على صياغة موقف موحد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!